إنتخابات "المجلس الشرعي" غداً: غموض بقاعاً وحماوة في جبل لبنان

 

تسير انتخابات المجلس الشرعي المقرّرة غداً الأحد في بعض المناطق على خطى التفاهمات ولمّ شمل أبناء الطائفة السنّية، ووفق الأسس التي أرستها دار الفتوى كمرجعية سنّية دينية وسياسية، فيما تزداد حماوةً في مناطق أخرى وتلعب السياسة دورها ضمن الهيئة الناخبة والمرشحين.

صباح الأحد تفتح صناديق الإقتراع في مراكز دور الفتوى، من بيروت إلى طرابلس وعكار، مروراً بجبل لبنان وصيدا، وصولاً إلى حاصبيا ومرجعيون وليس انتهاء بالبقاع على امتداده. ومع اقتراب الحسم تتسارع وتيرة الاتصالات بين الفاعلين والمؤثرين في قرار الهيئة الناخبة، سواء أكانوا أحزاباً وتنظيمات سياسية ودينية، أو مفتي المناطق الذين يلعبون دوراً بارزاً في السعي الى إرضاء الجميع وإبعاد المعارك الإنتخابية عن المجلس الشرعي، وذلك ليتناسب الجوّ والمرحلة التي سادت خلال التمديد للمفتي عبد اللطيف دريان، القائمة على نقل الطائفة السنيّة إلى ضفّةٍ جديدة عنوانها توحيد الصفوف، والحفاظ على أبناء الرعية، وتوحيد الموقف من الاستحقاقات الوطنية، وكل ذلك تحت قبّة دار الفتوى والمفتي في غياب المرجعية السياسية.

الصورة في انتخابات البقاع بأجنحته الثلاثة: زحلة والبقاع الأوسط، البقاع الغربي وراشيا، وبعلبك الهرمل، لاختيار عضوين من أصل ستة بعد انسحاب أحد المرشحين أخيراً... لا تزال غامضة. ويسعى المفتون الثلاثة في البقاع: علي الغزاوي وبكر الرفاعي ووفيق حجازي، إلى تجنيب البقاع معركةً، والذهاب باسمين موحّدين إلى صناديق الاقتراع يرضيان جميع الأطراف السياسية وفق منطق لا غالب ولا مغلوب. ولكن حتى الساعة لم تحسم هوية هذين الاسمين في انتظار أن يُعرف المرشح الذي يمكن أن يعتبره النائب حسن مراد مقرّباً منه، في محاولة منه لفرض اسم مرشح مقابل مرشح "تيار المستقبل".

وتؤكد مصادر مطلعة أنّ هناك توجّهاً لدى الهيئة الناخبة إلى وقف الشرذمة ضمن الساحة السنّية، والاتجاه الى تفاهمات وتوافقات لو لم يرغب أصحابها في ذلك، وهي بصدد ايجاد شخصية يتقاطع عليها المفتون و"المستقبل" والنائب مراد، والخروج بتوافق يريح الساحة. فـ"تيار المستقبل" لا يمكن أن ينكر أحد حضوره في المناطق الثلاث، وكذلك مراد عبر خدماته، والسيناريو الأقرب إلى التحقيق هو الحفاظ على التركيبة القديمة، أي شخصية دينية مقربة من "المستقبل" وهي اليوم الشيخ يونس عبد الرزاق الذي رشحه منسّق "التيار" في البقاع الأوسط، وشخصية مدنية مقربة من مراد. وفيما كان هناك اتفاق شبه قائم على ذلك، عادت الأمور إلى الصفر بعد تعنّت "المستقبل" بمرشحين منه، وعدم وجود مرشح يريح مراد، وهو ما يعطي الأخير هامشاً في توجيه أصواته ضمن الهيئة الناخبة نحو مرشح قد يعيد خلط الأوراق، إلى جانب شخصيات لها تأثيرها ضمن الهيئة الناخبة.

وختمت المصادر أنّ الأساس هو تجنّب معركة سنّية ـ سنّية، بالاتفاق على مرشح يتقاطع عليه الجميع، وخلال الساعة الأخيرة قد تظهر مؤشرات تحديد الاسم الثاني الذي سيرافق عبد الرزاق.

وعلى المقلب الآخر، تتجه الأنظار إلى محافظة جبل لبنان التي من المتوقع أن تشهد معركة حامية هي أمّ معارك انتخابات المجلس الشرعي، كونها "بروڤا" لمعركة الإفتاء خلفاً للمفتي الحالي الجوزو. وتشير مصادر محلية في جبل لبنان، إلى أنّ المساعي لم تفلح في تجنيب المنطقة معركة، وخصوصاً بعد انسحاب الشيخ جهاد اللقيس، ورسو بورصة الترشيحات على ثلاثة مرشحين، تتقدم فيها حظوظ القاضي المدني حمزة شرف الدين والقاضي الشرعي رئيف عبد الله وهو أيضاً مرشّح الافتاء. وتحدثت المصادر عن مساعٍ بذلت لانسحاب الشيخ عاطف قشوع مرشح "الجماعة الاسلامية" لمصلحة الشيخ رئيف، كون الاثنين من العائلة ذاتها، من دون أن تنجح تلك الجهود، لتبدأ طلائع المعركة الحامية بالظهور، في وقتٍ تأخذ تلك المعركة طابعاً سياسياً لكون المنطقة تضم عدة تيارات وأحزاب سياسية.

وأضافت المصادر أنّ دعم "المستقبل" للمرشحين لا يزال غامضاً كون دعمه لقشوع أو عبدالله مرهوناً بتفاهماته مع "الجماعة الاسلامية" في بيروت، وفي حال توافق مع الجماعة يدعم قشوع، وفي حال الفشل يسير بعبد الله، ومن الممكن أن يوزّع أصواته بين المرشحين نتيجة حسابات انتخابية بلدية مع "الجماعة الاسلامية" في الجبل، وتحالفات سابقة مع عبد الله، وما بين الإثنين عدم فتح باب الخلاف مع المفتي الجوزو. كذلك لن تكون المعركة سهلة لكون الهيئة الناخبة التي تضم العدد الأكبر من القضاة المدنيين والشرعيين لا تعطي أصواتها لـ"الجماعة". وختمت المصادر إنّ نجاح الشيخ رئيف عبد الله يعزّز حظوظه في معركة الافتاء.