احتدام ديبلوماسي على خلفية التجديد لقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان

ينعقد مجلس الأمن الدولي نهاية الأسبوع لبحث ملف تجديد عمل القوات الدولية الموجودة في جنوب لبنان، لأن صلاحية بقاءها تنتهي في سبتمبر المقبل. وهذه القوات التي بدأت عملها في مارس 1978 وتوسع دورها بعد حرب تموز 2006، تقوم بدور حفظ الأمن في الشريط الذي يمتد من الخط الأزرق الذي يفصل حدود لبنان عن «إسرائيل» الى نهر الليطاني، وقد أنيط بمهامها منع أي نشاط مسلح داخل هذه المنطقة، باستثناء تواجد القوات النظامية اللبنانية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام.

 

الوقائع على أرض الجنوب لا تشير إلى أن هذه القوات التي تكلف 600 مليون دولار سنويا تقوم بواجباتها على الوجه المحدد لها، فهناك اعتداءات إسرائيلية متكررة تحصل في الجو وفي البحر وعلى الأرض ضد الجنوب اللبناني، كما هناك خروقات أمنية وتواجد مسلح غير منظور في عدد من المواقع، والقوات النظامية اللبنانية التي تساند اليونيفيل عند الطلب، مكبلة ولا تقوم بكامل دورها، وما حصل مؤخرا في عين أبل على أثر اغتيال القيادي في القوات اللبنانية إلياس الحصروني يؤكد واقعة الاختلال الأمني الحاصل.

 

سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد تحمل مسؤولية التوتر والاختلال لجمعية «أخضر بلا حدود» وهي تقول إن الجمعية تعمل بغطاء بيئي، ولكنها تقوم بدور أمني لصالح حزب الله، وبلادها فرضت عقوبات على الجمعية، ويجب على مجلس الأمن أن يلحظ في قرار التجديد لليونيفيل منع هذه الجمعية وغيرها من القيام بأي نشاط جنوب نهر الليطاني كما قالت غرينفيد، وتطالب غرينفيلد بتحويل قرار التجديد لليونيفيل من مندرجات الفصل السادس كما هو عليه الحال، ليصبح ضمن الفصل السابع الذي يتيح التدخل العسكري المباشر، وتنفيذ ما جاء في القرار 1701 للعام 2006 بالقوة.

 

وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب سافر الى نيويورك لمتابعة المفاوضات قبل إجراء عملية التصويت على تجديد مهام اليونيفيل في جلسة مجلس الأمن، وقبل سفره أثار ضجة حول عدم توقيع وزارة المال على صرف المبلغ الذي يحتاجه لتغطية تكاليف السفر، ولم يتأكد إذا كان ذلك حصل في محاولة منه للتهرب من السفر، أو بسبب تقصير إداري منع تأمين المبلغ قبل الموعد المحدد للسفر. وعندما علم المعنيون بهذا الخلل المالي عملوا على توفير المبلغ على عجالة، ولا ندري إذا كانوا اعتمدوا الطرق الإدارية العادية، او أنهم وفروا له القيمة المتوجبة نقدا، لأن جهات فاعلة في لبنان يهمها مشاركة حبيب وتعول عليه في منع تحويل القرار الى الفصل السابع، كما على إعادة النص الى ما كان عليه قبل قرار التجديد في سبتمبر 2022، بحيث كانت قوات اليونيفيل مجبرة على إخبار الجيش اللبناني عن أي تحرك تنوي القيام به. وعلى هذه الخلفية اتهمت بعض القوى بو حبيب بأنه ينفذ أجندة حزب الله، كما قال النائب أشرف ريفي حرفيا.

 

رغم الأزمات الوازنة التي يغرق فيها لبنان، ومنها الشغور في موقع رئاسة الجمهورية وفي مؤسسات دستورية أخرى، أخذت قضية التجديد لمهام اليونيفيل في الجنوب حيزا واسعا من الاهتمام، ويبدو أنها تحمل مؤشرات استراتيجية، وقد تؤسس لمرحلة جديدة بعد بدء عملية التنقيب عن الغاز في البلوك رقم 9 على الحدود البحرية بين لبنان و«إسرائيل». وهناك ترقب لمواقف كل من الصين وروسيا في جلسة مجلس الأمن، وفيما إذا كانت الدولتان الكبيرتان ستمارسان حق النقض «الفيتو» ضد تحويل قرار التمديد للفصل السابع. لكن المعلومات المتداولة تشير إلى أن هناك من يعمل على إنهاء المعركة الديبلوماسية بتعادل سلبي، يحجب الفصل السابع، ويبقي حراك اليونيفيل متحررا من القيود.