المدارس الخاصة غدرت بالوزير وطعنت البروتوكول: رفع مفاجئ للأقساط

لم يعد مقبولاً تخلي وزير التربية، عباس الحلبي، عن مسؤولياته تجاه آلاف العائلات اللبنانية الواقعة تحت رحمة تعسف المدارس الخاصة، والاكتفاء بالتظلم بأنه ووزارته يتعرضان "لحملات مشبوهة".

ففيما تواصل المدارس الخاصة إبلاغ أهالي الطلاب بقيمة الأقساط بالليرة اللبنانية، بعد زيادتها بطرق عشوائية، عما كان مقرراً سابقاً، يصمت المسؤولون في وزارة التربية عن تجاوزات المدارس. وجل ما بدر عن الوزارة وعود للجان الأهل بتوجيه إنذارات للمدارس، لا يمكن صرفها بتعديل سلوك أي مدرسة، كما تدل التجارب السابقة. فالإنذار لا يصرف في هذا القطاع الذي ظهر أنه أقوى من الدولة ومن قوانينها.

المدارس لم تلتزم بتعهداتها

سبق وعرض وزير التربية عباس الحلبي البروتوكول الذي وقعته الدارس مع نقابة المعلمين في المدارس الخاصة على جلسة مجلس الوزراء لأخذ الموافقة. وأتى البروتوكول على جدول الأعمال تحت مسمى "مبادرة اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة لصالح الذين تقاعدوا من أفراد الهيئة التعليمية ويتقاضون معاشات تقاعدية من صندوق التقاعد". ورغم أن المدارس الخاصة تعهدت أمام الحلبي، عندما وقعت البروتوكول بأنها لن تحمّل الأهل عبء الـ900 ألف ليرة التي ستدفعها سنوياً للصندوق، لم تتوان مدارس عن "تدفيع" الأهل هذه المبالغ بشكل مباشر. وقد راسلت مدارس الأهل رسمياً طالبة دفع مبلغ عشرة دولارات.

أما المدارس التي تمتلك الحنكة، فقد بدأت تفرض زيادات مضاعفة عشرة مرات عن كلفة الـ900 ألف ليرة على الأهل، من خلال رفع الأقساط. وتقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور، لما الطويل، إن المدارس تعهدت أمام وزير التربية بعدم زيادة الـ900 ألف ليرة على الطلاب، كونها مبالغ ضحلة. وطلب الحلبي عدم زيادة أي قرش على الموازنات التي حددت مطلع العام الدراسي. وإذا بالموازنات التي بدأت تبلّغ للأهل حالياً تحمل زيادات فاحشة. كما أن بعض المدارس لم تخجل من مراسلة الأهل لدفع عشرة دولارات بناء على البروتوكول الموقع بين المدارس ونقابة المعلمين.

رفع الأقساط بعد البروتوكول

ووفق الطويل، أكد الحلبي لها أنه بدأ بتوجيه إنذارات للمدارس التي رفعت الأقساط. لكن هذا الإجراء غير كافٍ. وطالبت عبر "المدن" من وزارة التربية رفض جميع الموازنات المدرسية في مصلحة التعليم الخاص، وتكليف شركة تدقيق مالي للكشف على الأرقام، وإعادتها إلى المدارس من جديد. فهذا الإجراء يضمن تعديل السلوك.

المدارس الخاصة خالفت القانون 515 وخالفت التعميم رقم 33 الصادر عن وزير التربية، ولم تلحظ الأقساط بالدولار التي تقاضتها من الأهل بالموازنات المدرسية. ولم يتم ملاحقتها على هذه التجاوزات. ثم عادت ورفعت الأقساط بالليرة اللبنانية بعد توقيع البروتوكول. وتبين حسب متابعة لجان الأهل، أن المدارس زادت على القسط بين أربعة ملايين ليرة ونحو خمسين مليوناً، كما هو حاصل في مدارس البعثة الفرنسية.

انتصرت المدارس الخاصة على الجميع. فقد سبق وشكلت المدارس حملة ضغط كبيرة أفضت إلى رد قانون صندوق التعويضات الذي صدر عن المجلس النيابي، وأعفيت من تقديم براءة ذمة مالية، وأعفيت من دفع مساهمات بالدولار لصندوق التعويضات. ثم منحها وزير التربية فرصة ذهبية من خلال الاكتفاء بتوقيع بروتوكول غير ملزم لدفع ما قيمته 900 ألف ليرة سنوياً عن كل طالب مسجل لصندوق التعويضات. وبالموازاة مددت وزارة التربية مهلة تقديم المدارس موازناتها إلى مصلحة التعليم الخاص لغاية نهاية شباط الحالي.

مهلة للبطش بأهالي الطلاب

هذه المهلة كانت بمثابة فرصة للمدارس لمد يدها إلى جيوب الأهالي. فقد سبق وأبلغت المدارس الأهل بداية العام توقعاتها للقسط المدرسي بالليرة اللبنانية، وحددت الجزء بالدولار بشكل دقيق. ودفع الأهل القسط بالدولار في انتظار القسط الرسمي بالليرة. لكن تبين أن الزيادات على القسط باللبناني فاقت التوقعات بأشواط. فقد استغلت المدارس تمديد مهلة تقديم الموازنات لمنحها فترة سماح لتطبيق البروتوكول وإدخال مساهمات صندوق التعويضات، وبدأت تبطش بأهالي الطلاب. ففيما كان يفترض عدم تحميل الأهل مبلغ الـ900 ألف ليرة، أتت الزيادات على الأقساط مضاعفة عشرات المرات.

ما حصل عملياً بعد كل الضجيج حول قانون التعويضات ومن ثم توقيع البروتوكول، أن المدارس لم تخرج منتصرة برد القانون إلى المجلس النيابي وحسب، بل إن البروتوكول أتى لصالحها لمضاعفة أرباحها على حساب الأساتذة المتقاعدين وأهالي الطلاب. ولم يبق أمام أهالي الطلاب إلا انتظار المجلس النيابي وما سيقرره نواب الأمة بالقانون. ففي حال لم تعقد جلسة عامة للمجلس يصبح قانون صندوق التعويضات نافذاً، وتلزم المدارس بالحصول على براءة الذمة المالية، ويتخلص أهالي الطلاب من تعسف المدارس. لكن ثمة ضغوطاً لإلغاء القانون قبل أن يصبح نافذاً بعد نحو أسبوع.