"حزب الله" يَهرب من "عمالة" بيئته بتخوين معارضيه!

على رغم تخطي “حزب الله” عتبة الاربعين عاماً من عمره، وذلك يعني انه من المفترض ان يكون بلغ سن الرشد، واصبح يمتلك من العقل والحكمة مما يُجنبه مشاكل هو بغنى عنها، لانه يحتاج بشكلٍ عملي لالتفاف اللبنانيين من حوله، وعلى مختلف اطيافهم وعائلاتهم الروحية، لا ان يقتصر تمثيله لقلة من البيئة الحاضنة، والتي لا يزيد تعداد نسبتها الخمسة عشرة بالمئة في اقصى حالاتها، طبعا وهذه الفئة يختلط فيها الولاء العقائدي بالولاء النفعي، نتيجة السخاء المادي الذي يصل لمحازبيه واتباعه، ولولا ذلك لما تخطت نسبة التأييد والولاء العشرة بالمئة، نتيجة افتقاره لمشروع سياسي واضح الاهداف والمقاصد، لانه لايمتلك ثقافة الحياة، بل يمتهن الموت.

من هنا تأتي عملية تخوين كل من يُعارض الحزب واراءه، من احزاب وجماعات وناشطين، اذ تُعطى الاوامر للذباب الالكتروني والمرتزقة، التي تتمون من صندوق ماله، لشن حملة تخوين تبدأ بالسياسيين ورؤساء الاحزاب والمجموعات المعارضة لنهجه، ولا تنتهي برجال الدين من بقية الطيف اللبناني.

وهو بذلك، وعن قصد يدق مسماراً مسموماً في جسد الوطن ووحدته، وهذا ما يشكل ضرراً كبيرا يرتد على “حزب الله” وبيئته، حتى بات النفور من كل ما يرمز اليه حزب الله ومقاومته.

هذا الامر، اصبح ممجوجاً، ويُشعر اللبنانيين بالغثيان السياسي من “حزب الله” واتباعه واذنابه، خصوصاً إذا ما عدنا لفترة سنوات ليست بالقصيرة، فنجد ان اغلبية العملاء الذين تكتشفهم اجهزة الامن الرسمية، هم من الاعضاء الحزبيين او القريبين، من بيئة ما يُسمى ب”المقاومة” وحلفائها واتباعها دون غيرهم، وقد كشفت الحرب الاخيرة التي تدور رحاها في جنوب لبنان، واعداد الشهداء الذين قضوا من عناصر “حزب الله”، هم نتيجة خيانة موصوفة واصبحت معروفة من جميع اللبنانيين.

وهم إما اعضاء في تنظيم “حزب الله” الامني والعسكري او قريبين منه، وما الاغتيالات التي قامت بها اجهزة العدو ومنذُ فترة طويلة، وليس اخرها اغتيال المسؤل الحمساوي صالح العاروري في عقر دار “حزب الله”، اي في الضاحية الجنوبية، وما اغتيال مسؤولين عسكريين بارزين في صفوفه، خصوصاً ما يُسمى كتيبة الرضوان النخبوية، إلا نتاج خيانة وعمالة داخلية، متغلغلة بصفوف الحزب وتعيش بداخله، وعلى قدر كبير من المسؤولية في سُلم القيادة الامنية والعسكرية.

إذاً، سياسة القاء تُهم الخيانة والعمالة، لكل من يخالف الحزب برأيه وسياسته، ما هي إلا عملية ذر الرماد في العيون، وبالتالي هي نتاج عجز وقصر نظر وهروب نحو الامام ، لان “حزب الله” وعلى الرغم من الحداثة التي يعيشها افراده وجماعاته، من استعمال ادوات والات حديثة، وينتشرون على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا ان الحقيقة تدل على ان الحزب وبيئته يعيشون في عصورٍ ظلامية، اقل ما يُقال فيها انهم ينتمون الى انظمة حُكمٍ شمولية بائدة، سقطت بمجملها، والذي تبقى من نوعها يعيش بعالمٍ بعيد كل البعد، عن الحداثة والتطور الفكري والسياسي العصري.

فنجد ان “حزب الله” والذي ينتمي لانظمة بائدة دكتاتورية شمولية، قد سبقها الزمن وهو وهي بقيا يغطون في عصور الظلام، بينما العالم تغير ويتقدم ويتطور باضطراد، وتخطى تلك الازمنة الغابرة التي كانت تحكم بالسيف، وتُحاسب على النوايا، وليست قادرة على مقارعة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، ولم تأت عملية تخوين بعض اللبنانيين، من رؤساء احزاب مثل سامي الجميّل وسمير جعجع وقبلهم بزمن وليد جنبلاط، وبقية الناشطين السياسيين من كل الطوائف، ولاسيما من الطائفة الشيعية الكريمة واغتيالهم وتمجيد كاتم الصوت، والذي لم ينته باغتيال المفكر والاعلامي لقمان سليم، ونحن على ابواب ذكرى اغتياله، سوى نهج الخائف الخانع في زوايا التاريخ العفنة، والذي غير قادر على مواجهة الحقيقة المطلقة، التي يغتقدُ اليها ولم تكن اخرها، مواجهة كلام غبطة البطريرك بشارة الراعي وتخوينه اخيراً، فقط لانه تكلم باسم اللبنانيين، الذين كرهوا الحرب وسئموا من نوع الحياة التي يحملها “حزب الله” لهم، فالشعب اللبناني سئم الحياة الهادفة الى الموت، لإن هذا الشعب تواقٌ للحياة فيحبها ويعشقها.