عودة منصة بلومبرغ الى الواجهة... هل يبقى الدولار مستقراً؟

عاد ملف منصة بلومبرغ الى الواجهة من جديد بعد غيابه لأشهر عن ملفات البحث في مصرف لبنان. وليست عودته في إطار وفاء مصرف لبنان بوعوده والتزامه بإجراءات إصلاحية كان قد تعهّد بتنفيذها للسيطرة على سعر الصرف، إنما لضغوط تعرّض لها مصرف لبنان من قبل مسؤولين في صندوق النقد الدولي.

وبحسب المعلومات فقد سمع الوفد اللبناني الذي شارك باجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن بين 15 و20 نيسان الحالي، انتقادات قاسية من مسؤولين في الصندوق حول تأخر مصرف لبنان بالبت بملف منصة بلومبرغ وإطلاقها كإحدى مراحل تحرير سعر صرف الدولار، وأكد مصدر مطلع أن امتعاض جانب صندوق النقد كان واضحاً وقد اعتبروا ان البنك المركزي لم يقم بالعمل المطلوب على صعيد تحرير سعر الصرف كما جرى توجيه اتهامات بالتساهل وتكريس تعدّد اسعار الصرف.


استئناف التحضير للمنصة
استأنف مصرف لبنان العمل على التحضيرات لإطلاق منصة بلومبرغ علماً أن الأمر بات شبه جاهز تقنياً ولا يستلزم سوى القرار السياسي، على ما يقول المصدر المصرفي، فمصرف لبنان كان قد بلغ مرحلة متقدمة جداً في سبيل إطلاق المنصة قبل أن يتوقف البحث بها وتأجيل إطلاقها لأسباب ترتبط بعدم مواكبتها بإجراءات وقرارات أخرى تضمن عدم انفلات سعر الصرف واستغلال المنصة للتلاعب بالسوق.

ومن الممكن لمصرف لبنان إتمام كافة الإجراءات التقنية في وقت قريب جداً وهو ما يطمح إليه فعلاً. ومن المتوقع ان يقوم مصرف لبنان بإطلاق المنصة واعتمادها كقاعدة أساسية للتداول النقدي بيعاً وشراءً، بدءاً من سعر 89500 ليرة للدولار، غير أن مخاوف كثيرة تحيط بعملية إطلاقها في ظل تصاعد حدة الخلاف حول توحيد سعر صرف الدولار بين المصارف والاسواق ومصرف لبنان.

وكان حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري قد أصدر في 10 كانون الثاني الجاري، تعميماً حول الاشتراك في منصّة "بلومبرغ Bloomberg" الإلكترونية ففتح الباب امام المشتركين في المنصة للعمل كصناع سوق Makers عبر التدخل شارين او بائعين لمصلحة زبائنهم وفقا للتعاميم التي ستصدر عن مصرف لبنان وتحدد شروط واليات العمل وذلك بالتزامن مع بدء عملية التسعير على منصة  Bloomberg الالكترونية. كما قام مصرف لبنان بتدريب الموارد البشرية في المصارف والمؤسسات المالية نهاية العام الفائت على أن يتم إطلاق المنصة بعد شهرين وهو ما لم يحصل حتى اللحظة.


مصير سعر الصرف
مصدر آخر يتخوف من عدم القدرة على السيطرة على سعر صرف الدولار وتصاعده بشكل فوضوي في حال السير بمنصة بلومبرغ وتحرير سعر الصرف في ظل الوضع القائم لافتاً إلى أن مصرف لبنان جاهز لاطلاق المنصة في وقت قريب غير أن المواطنين غير جاهزين للتعامل مع تحرّك سعر الصرف لاسيما في ظل غياب اي عوامل لضبط انفلات السوق وغياب آليات الرقابة او المحاسبة.

يجري العمل على أن تكون منصة صيرفة قاعدة للعرض والطلب بالعملات الصعبة ونظراً لكون الطرفين الوحيدين الذين يمكن ان يتكامل دورهمها لجهة العرض والطلب هما المستورد والمصدّر، يقول المصدر. وبما أن الميزان التجاري عاجز، والاستيراد يفوق التصدير باضعاف، وبالتالي ليس لدى لبنان كميات من الدولارات لتغطية النقص الحاصل بالطلب على الدولار- لاسيما انه من الصعب حالياً جذب الاموال الاجنبية من الخارج والسياحة شبه معطلة وتقتصر على المغتربين- فالنتيجة ستكون تفوّق المطلوبات بالدولار على قيمة المعروضات.

من هنا قد يدفع إطلاق منصة بلومبرغ الدولار الى الإرتفاع في مقابل الليرة وقد يدخل السوق من جديد في فوضى الأسعار. ويرى المصدر أن إطلاق منصة بلومبرغ من دون قرارات اقتصادية فعالة لن تفيد ولن توحد سعر الدولار بل ستعمّق الازمة وستكرّس تعدّد أسعار الصرف.

يضغط صندوق النقد الدولي لحل الازمة المالية لأن ثمة حل سياسي في الافق وعليه لا بد من تحمل احد الاطراف مسؤولية تحرير سعر صرف العملة ووضع قرارات مصيرية على سكة التنفيذ كإعادة هيكلة المصارف والإنتظام المالي والنقدي وهذه قرارات لا شك ستنعكس مباشرة على حياة المواطنين.