لبنان محمي من التصحّر.. والثلج آت بقوة بدءاً من هذا التاريخ

لا تزال التوقعات حول الاحترار المناخي تتوالى، بعد ان سجل العام 2023 أرقاما قياسية غير مسبوقة بارتفاع درجات الحرارة. وفي هذا المجال توقع خبراء ان يكون العام 2024 أكثر حماوة بحسب ما جاء في "الواشنطن بوست". فالازدياد المباغت بالحرارة الذي شهده الكوكب خلال العام المنصرم، يرجع الى ظاهرة النينو المناخية التي تقترب من ذروتها. اما الاحترار الحراري الذي بدأ منذ عقود جراء انبعاثات الوقود الاحفوري، فالترجيحات بتقلصه تكاد تكون منعدمة مع دنوّ سُعار الكوكب من مستويات قياسية، تدفع الى توقع حدوث ظواهر مناخية مكثفة وسريعة وواسعة. وقال مدير مرصد "كوبرينكوس" لتغيرات المناخ التابع للاتحاد الأوروبي كارلو بونتيمبو: "في الواقع نحن حاليا في منطقة مبهمة، ولا نعرف حقيقة ما سيحدث بعد ذلك".

وبالرغم من ذلك، يبقى التكهن بالاتجاهات المناخية صعبا وغير دقيق كالعتبات الطبيعية المهمة، أي النقطة التي يؤدي فيها التغير النسبي في الظروف الخارجية إلى حدوث تبدّل سريع في النظام البيئي، ولا ينبغي تخطي لعتبات الا انها قد تكون معرضة بالفعل للتجاوز، وتشمل انهيار الصفائح الجليدية الضخمة في غرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية، وانصهار التربة الصقيعية على نطاق واسع ، وموت الشعاب المرجانية في المياه الدافئة، وتقويض احد التيارات في شمال المحيط الأطلسي، وهناك طبقات اذا تم تجاوزها يمكنها التسبب بأضرار خطرة قد تشلّ البشر والطبيعة.

الفيضانات الأشد منذ أعوام

على مقلب آخر، فان العواصف والفيضانات والحرائق والثلوج التي شهدها العالم مؤخرا، هي الأكثر رعباً منذ أعوام طويلة في مدن عدة من العالم، الى جانب قيظ المحيطات الذي سجّل أرقاما معيارية هذا العام. ووفقا للعلماء فإن الاشد ضراوة لم يأتِ بعد، واعتبروا ان 2024 هو الأكثر وهجا بسجلات التاريخ. فمنذ بداية الحقبة الصناعية، الكرة الأرضية شهدت ارتفاعا غير مسبوق بدرجات الحرارة بنسبة درجة وعشر مئوية، وذلك طبقاً للعلماء الذين حذروا من الاحترار الذي يتعدّى الحد، لان هذا قد يدفع الكون نحو حالة سخونة تجعله غير صالح للعيش.

والسؤال الذي بات يشغل بال الناس، هل سيؤثر الاحتباس الحراري سلبا في نسبة هطول الامطار؟ ام على العكس يمكن للمتساقطات التقليل من حدة خطر الاحتباس الحراري والتصحّر؟

المرة الأولى!

في موازاة ذلك، قال المتخصص بأحوال الطقس والارصاد الجوية الاب ايلي خنيصر لـ "الديار": "عندما ضربت الموجات الحارة في الصيف الفائت قسما من الأرض، وتحديدا نصف الكرة الأرضية الشمالية، والتي تركزت على المحيطات بشكل مباشر والذي أدى الى تصاعد في درجة حرارة المياه، بحيث تجاوزت الـ 31 ووصلت الى 32 درجة، خصوصا في المحيط الأطلسي. وهذه هي المرة الأولى التي تتخطى فيها درجات الحرارة الـ 32 ، والتي عادة تتراوح بين 30 و31 ، وهذا الامر سبب حالة التبخر وأصبح يوجد ارتفاع بمعدل البخار في الجو، فتشكلت الأعاصير بعد ان بلغ عددها في المحيط الأطلسي حوالي 25 إعصاراً الى جانب العواصف الاستوائية القوية".

اضاف: "نقوم بدراسة هذه الحالة ونأخذ بعين الاعتبار استمرارها في فصل الشتاء، والتي ينتج منها منخفضات وعواصف تدخل الى أوروبا وتصب في منطقة الشرق الاوسط. وانا قلت ان خيرات المحيط الأطلسي هذا العام ستطال منطقتنا واليونان وتركيا مرورا بإسبانيا وإيطاليا، والسبب يعود الى ارتفاع درجة حرارة "الأطلسي" وتكوّن المنخفضات الجوية".

التصحّر مفهوم خاطئ!

وأوضح الاب خنيصر: "لا يوجد شيء اسمه التصحّر، وبتقديري المنطقة قد مرّت بمرحلة معينة وما لبثت ان انتهت، وكل ما يقال يصب في إطار التهويل، ولا وجود لهكذا فيلم مستقبلا لا سيما في لبنان، لان كمية المتساقطات التي تهطل ممتازة الى جانب الثلوج، حتى بتنا نرى معدلات هائلة من الامطار في كل من السعودية والكويت. لذلك لا يمكن القول بأن المنطقة ذاهبة باتجاه التصحر. وبناء على الامطار الهائلة وتساقط البَرَد وتشكل السيول والفيضانات، اجزم ان التصحّر هي بدعة وفكرة خاطئة وغير صحيحة".

الأيام المقبلة تحمل الخيرات!

وقال: "رأينا قبل الميلاد وتحديدا بـ 22 و23 امطارا طوفانية ضربت لبنان، وطبعا تألفت السيول والفيضانات وجُرفت الاتربة وانهارت الطرقات، وهذا السيناريو الذي بدأ في 15 كانون الثاني واستمر لغاية 15 منه سيتكرر. طبعا كثر اعتبروا ان ما حدث امر طبيعي، ولكن لبنان منذ عشرات السنين لم يتعرض لمثل هذه الفيضانات حتى ان الجبال زحلت. واشار الى ان لبنان قطع بظاهرة مشابهة في العام 2018 ، حيث تخطت نسبة الامطار الـ 1400 ملم في زحلة، وقد زحل وقتذاك جبل ترشيش، وتم إعادة شق الطرقات في تلك المنطقة من جديد، كما طافت أيضا بحيرة القرعون ".

التيار النفّاث

وتطرق الاب خنيصر الى " التيار النفاث، وهو تيار هوائي طوله بحدود الـ 12 ألف كيلومتر وعرضه بحدود الـ 3000 كلم، وعند عبور هذا التيار فوق المحيط يأخذ معه نسبة الرطوبة، وفي حال وجود غيوم ومنخفضات جوية يشبعها بالرطوبة ويصبح لدينا امطار مضاعفة، وقد ضرب لبنان في الفترتين الماضيتين ، ومن الممكن ان يعاد هذا التصوّر".

الثلج آتٍ!

وختم الاب خنيصر "صحيح ان الثلج تأخر هذا الموسم، ولكن لا يجب ان ننسى ان الثلج في العام 2022 بدأ بـ 18 و19 كانون الثاني واستمر حتى 25 آذار، وهذا لا يعني اننا لن ندرك الثلج بل على العكس. ففي الأسبوع الأخير من هذا الشهر يكون الطقس بارداً، ويبقى حتى الأسبوع الأول من شهر شباط، ويتضمن اضطرابات جوية مثل البرد الشديد، وانخفاض بدرجات الحرارة، وامطار غزيرة، وتساقط للبرَد، وعواصف رعدية وثلوج على الجبال ذات الارتفاع المتوسط، أي بدءاً من 850 متر وحتى 1450 بحسب جغرافية لبنان".

 
اما عن الثلوج فأكد قائلا: "قادمة وتكون التراكمات جيدة لا بل ممتازة في مراكز التزلج، وتتراوح بين المتر ونصف والمترين خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعد 27 كانون الثاني".