مجلس النّواب يستمرّ بتشريع الاستثناءات ويمدّد "التحلّل" لسنة جديدة

نفّذت أكثرية مجلس ما كان مرسوماً ومطبوخاً حرفياً على الرغم من بعض  النقاشات التجميلية التي لا تسمن ولا تغني عن جوع، وأقرّت التمديد للبلديات لمدّة سنة على الأكثر وفق مشروع قانون مقدّم من النائب جهاد الصمد.

 أقفل البرلمان جميع المنافذ الديموقراطية، وأكمل إدارة البلاد بمنطق الاستثناءات التي تصبح دائمة، بتواطؤ كامل مع الحكومة حيث بدأ منذ إسقاط بند تحديد الاعتمادات المالية للانتخابات في الموازنة، إلى إيحاء وزير الداخلية باحترامه المهل في دعوته للهيئات الناخبة، في مسرحية لم تنطلي على أحد.

لم يشفع  الانهيار والسقوط الذي أصاب أكثر من 162 بلدية، ولا التحلّل الذي أصاب الأغلبية العظمى من البلديات نتيجة الخلافات والموت والسفر والقلَة من تجنبيها الاستمرار بهذه الحالة الكارثية، فمدّد للتحلّل سنة أخرى من دون أيّ إجراء ولو بسيط على صعيد الدعم أو خلق أطر أخرى رديفة مساعدة تساعد هذه البلديات على الاستمرار، وخصوصاً أنّها الخط الأمامي للتعاطي مع الناس.

لم يؤثر غياب كتل "القوات اللبنانية" والكتائب و"تجدّد" و"تحالف التغيير" وبعض المستقلّين على الجلسة التي بدأت بحضور 68 نائباً قبل أن يزيد عدد النواب الحاضرين على 70 نائباً، بعد التعبئة العامة التي قام بها "التيار الوطني الحر"  الذي حضر برئيسه وأعضائه كافة.

 بدا الضياع واضحاً على نواب التغيير الذين تحدّث باسمهم النائب ملحم خلف معتبراً أنّ ما يجري عصياناً على أحكام الدستور، قبل أن يعلن انسحابه من الجلسة، بمتابعة من النائبة بولا يعقوبيان التي بقيت تدخل وتخرج إلى القاعة، أمّا النائبتان سينتيا زرازير وحليمة قعقور فحاولتا الانسحاب في البداية عندما جرى الحديث عن عدم اكتمال النصاب ولكن مع تأكيد وجود 68 نائباً في الجلسة عادتا ودخلتا لتفتح القعقور ملفاً مختلفاً  وتطالب بإقرار مشاريع قوانين معجّلة ومكرّرة أرسلتها إلى هيئة المجلس، وتفتح مجالاً لرئيس #مجلس النواب نبيه بري لتبنّي مطلبها، ولكن "مش عم بخلّونا نشرّع رغم حقّنا بذلك".

موقف قعقور المنقلب على نفسه والذي أتى بعد سنة ونصف من رفضها التشريع بغياب رئيس الجمهورية لاقى ترحيباً من النائب علي حسن خليل الذي أعاد التأكيد أنّ التشريع دستوري وقانوني ولا يحقّ لأحد تعطيله تحت أيّ حجّة، وشنّ هجوماً على المعطلين لدور مجلس النواب.

واللافت في الجلسة كان موقف النواب السنة من خارج تكتّلات "حزب الله"، إذ انقسموا إلى كتلتين من دون موقف واضح، فتحدّث النائب عماد الحوت عن ضرورة إجراء #الانتخابات البلدية ولكنّ الظروف غير مؤاتية، ويأخذ موقفاً محايداً بعدم التصويت، أمّا تكتّل الاعتدال فطالب النائب سجيع عطيه باسمه أن تكون هناك إجراءات تساعد البلديات الممدّد لها "لنستطيع إخراج قرار التمديد أمام الناس، وخصوصاً أنّ الاستمرار بوضع البلديات كما هو يوصل إلى نتيجة كارثية".

هذا التخبّط بموقف الكتلتين وصفه أحد نواب الاعتدال لـ"النهار" بأنّه استكمال للسياسة التي يعتمدونها بعدم مخاصمة أحد، فعدم الحضور إلى المجلس كان يمكن أن يُسقط النصاب ويخلق إشكالية مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وتأييد التمديد سيخلق إشكالاً مع قواعدنا الشعبية المستاءة من ترهّل البلديات، فكان هذا الموقف".

حاول النائب جبران باسيل الهروب من فعل الحرب على الجنوب وتأثيره على الانتخابات، وهاجم رافضي التمديد بحجّة أنّهم لم يفعلوا شيئاً ولم يتحضّروا. وفي جبل لبنان ليس هناك سوى 3 ترشيحات، متناسياً أنّ الدافع لهذا الأمر هو عدم الثقة بالسلطة وبقرارها المسبق بعدم إجراء الانتخابات.

 وقال: "هذا القانون نعتبره ضمن تشريع الضرورة، أيّ قانون يكون محضّراً. أمّا التشريع العاديّ فقد اتفقنا أنّه لا يجوز بغياب رئيس الجمهورية". 

 وسأل إذا "كان هناك جوّ لإجراء انتخابات البلديات أم لا؟"، لافتاً إلى أنّ وزير الداخلية بسام مولوي حدّد تاريخ إجراء الانتخابات وقام بواجباته لكنّ الناس غير جاهزين لإجراء هذه الانتخابات".

وأضاف: "نحن أمام خيارين، إمّا الفراغ في مرفق البلدية والاختيارية أو التمديد. أنا لست مع التمديد الشعبويّ، أيّ لأشهر قليلة، وموضوع الجنوب لا نستطيع أن نتغاضى عنه، هو عامل إضافي ولكن ليس هو السبب الأساسيّ".

 وطالب المجلس بإجراء تعديلات على القانون، فهناك بلديات منحلّة ولنعطِ المجال في القانون لأن تعود هذه البلديات عن استقالتها، والبلديات التي نصف أعضائها لا يريدون أن يكملوا فلتُجرى لهم انتخابات. كما أنّ لدينا مجموعة أفكار حول موضوع الرسوم لنؤمّن موارد إضافية للبلديات."

 إجراء التعديلات على القانون عبر فرض رسوم  جديدة والسماح بعودة المستقيلين لإدارة البلديات المنحلّة طالب به أيضاً النائب علي حسن خليل، الذي أعلن أنّ في إمكان المجلس إصدار قانون يسمح لمن استقال من رؤساء البلديّات بالعودة عن استقالته عبر مهلة محدّدة، ويقوم المحافظ بإعادة إجراء انتخابات ضمن المجلس البلدي الذي أعيد تكوينه بما يسمح له بالاستمرار بالعمل، بالإضافة إلى طرح رسوم جديدة كالرسوم  المقطوعة على النازحين السوريين، إلّا أنّ مطالب علي حسن خليل وباسيل قوبلت بالرفض القاطع من نواب "حزب الله"، وأعلن النائب حسن فضل الله باسمهم أنّهم يرفضون أيّ زيادة على مشروع القانون المقدّم من النائب الصمد لأنّ أيّ قرارات أو قوانين جديدة بحاجة إلى دراسة ولا يمكن إقرارها بسرعة، وأيّد هذا الموقف أيضاً كتلة الحزب التقدّمي الاشتراكي الذين اعتبروا أنّ السماح بالعودة عن الاستقالة يمكن أن يؤدّي إلى مشاكل كبيرة في القرى وهو أشبه بعملية تعيين جديدة يرفضها.

وبعد انتهاء المناقشة طُرح اقتراح قانون مقدّم من كتلة "اللقاء الديموقراطي" يقضي بتمديد تقني للبلديات لا يتجاوز آخر أيلول حيث "تكون قد توضّحت الصورة في الجنوب، فضلاً عن الهواجس المتعلّقة ببلدية بيروت"، فسقط في التصويت.

وبعدها طُرح الاقتراح المقدّم من النائب جميل السيد الذي يقضي بتكليف الحكومة بإجراء الانتخابات البلدية في أيّ وقت، حين ترى أنّ الأمور مناسبة، وسقط أيضاً بالتصويت، ليبقى المشروع المقدّم من النائب جهاد الصمد الذي يقضي بتمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتّى تاريخ أقصاه 31/5/2025 من دون أيّ تعديلات، ويحظى بالتأييد من تكتلات "التيّار"، و"حزب الله" وحركة أمل والمردة وحلفائهم، ويتمّ تصديقه واعتماده.

وأقرّ مجلس النواب أيضاً اقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي يرمي إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على المتطوّعين المثبّتين في الدفاع المدنيّ سنداً لأحكام القانون رقم 2014 على 289 والقانون 2017 على 59 المقدّم من النواب جهاد الصمد، علي حسن خليل، إبراهيم كنعان، أمين شري، طوني فرنجيه وحسن مراد.