وثيقة مسرّبة: منح مدرسيّة بآلاف الدّولارت...لتمويل تعسّف المدارس بالأقساط

الحكومة اللبنانية تكافئ المدارس الخاصة، التي تبطش بأهالي الطلاب برفع الأقساط، بأموال عمومية ترفع المنح المدرسية للموظفين العموميين. بعد هدية رد الحكومة قانون صندوق التعويضات للهيئات التعليمية، لعدم إلزام المدارس الحصول على ذمة مالية ودفع نسبة 8 بالمئة بالدولار للصندوق، أتى دور المنح المدرسية. في وثيقة مسربة حصلت عليها "المدن" تبين أن تعاونية موظفي الدولة تعتزم رفع المنح المدرسية لتصبح ما بين 700 دولار للتعليم الرسمي وصولاً إلى نحو ألفي دولار للتعليم الخاص غير المجاني. ما يؤدي حكماً إلى أن رفع قيمة المنح في كل الصناديق المتبقية بنسب متوازية. وتنتهي الأموال في صناديق المدارس الخاصة الرافضة الالتزام بالقوانين الناظمة للتعليم في القطاع الخاص.  
 
المنح المقترحة
تظهر الجداول أن التعاونية تتجه لجعل المنح المقطوعة في مرحلة الروضة والابتدائي في الخاص غير المجاني بمئة ومليوني ليرة وفي الرسمي 51 مليوناً. وتصل في مرحلة المتوسط إلى 135 مليون ليرة وفي الرسمي 69 مليوناً أما في مرحلة الثانوي فتصل إلى 171 مليوناً.

ووفق مصادر مطلعة، هذا الجدول صحيح لكنه غير نهائي، لأنه غير موقع بعد، وجرى تسريبه لغايات غير معروفة. وهو غير نهائي لأن الأرقام فيه قد تتعدل. لكن التوجه هو لرفع المنح إلى الحدود الواردة في الجدول. فقد أجرى مجلس الإدارة دراسة وافية ووزع ميزانيته بشكل دقيق لتغطية تعويضات المرض والأمومة والطبابة والدواء، ورفع المنح المدرسية إلى تلك المستويات. لكن لن يصدر أي جدول رسمي بهذا الخصوص قبل نهاية الأسبوع المقبل.

انعكاس المنح على الأقساط
قبل تسريب هذا الجدول لجأت المدارس الخاصة إلى إبلاغ أهالي الطلاب بشكل رسمي إلى تحديد الأقساط للعام المقبل، أو لمحت أمام الأهالي بعزمها رفع الأقساط، بنسب تصل إلى أكثر من خمسين بالمئة عن العام الفائت. لكن بعد رفع صناديق التعاضد في مختلف الإدارات والمؤسسات والمصالح والقطاعات المنح المدرسية بما يوازي رفعها في تعاونية موظفي الدولة، ستعود المدارس الخاصة وترفع أقساطها بأكثر من النسب التي تشاع حالياً. وتكون الحكومة اللبنانية قد قدمت هدhيا إضافية للمدارس الخاصة، لممارسة المزيد من التعسف بحق العائلات اللبنانية العاملة في القطاع الخاص.

صحيح أن رفع المنح المدرسية للموظفين العموميين يخفف الأعباء المدرسية عنهم، بعدما لجأت المدارس إلى دولرة الأقساط، إلا أن الأمر ينعكس برفع المدارس الأقساط على سائر المواطنين. وتكون الحكومة قد كافأت المدارس بتمويل بأموال عمومية، عوضاً عن تخصيص الدعم للمدارس الرسمية لرفع مستواها التعليمي بما يسمح لجزء واسع من العائلات اللبنانية الانتقال إلى التعليم الرسمي، مثلما هو معمول به في أي دولة "طبيعية".  

التربية لا تقوم بدورها
لم يسبق أن مارست وزارة التربية دورها الرقابي على المدارس الخاصة، بحسب القوانين المرعية الإجراء، لا بل سمحت للمدارس بتحديد أقساط عشوائية وفبركة ميزانيات مدرسية من دون أي رقابة مالية. هذا رغم أن المادة 13 من القانون 515 تنص على تولي مصلحة التعليم الخاص في الوزارة مراقبة تطبيق أحكام القانون. وفي حال وجدت أن الأقساط المدرسية المحددة أو المفروضة من المدرسة، أو الزيادة على الاقساط مخالفة لأحكام هذا القانون، تضعها تحت الملاحقة القضائية. وعلى "المصلحة" تحديد قيمة القسط أو الزيادة عليه الواجب اعتمادها، وإخضاع المدرسة للمراقبة من موظفين في الوزارة وتستعين بخبراء في المحاسبة أو مكاتب تدقيق.

عوضاً عن اتخاذ وزارة التربية إجراءات عقابية بحق المدارس التي ترفض الكشف عن مساهمات الأهالي بالدولار (باتت المساهمة هي القسط الفعلي وليس القسط التي تحدده المدرسة بالليرة اللبنانية)، ستمول الحكومة اللبنانية المدارس الخاصة من خلال رفع قيمة المنح المدرسية بطريقة عشوائية. لأنه في حال رفعت المنح بالشكل المنوه أعلاه (بما يزيد عن القسط المعتمد بالدولار في كبرى المدارس للعام الدراسي الحالي) ستعطي المدارس شيكاً على بياض لرفع الأقساط بطرق جنونية. هذا فيما الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص سيحدد بنحو 18 مليون ليرة، أي نحو مئتي دولار.

مكافأة المدارس الخاصة
في وقت ترفض غالبية المدارس الخاصة الالتزام بالاتفاق "الحبي" (البروتوكول الموقع بين المدارس ونقابة المعلمين لتمويل رفع أجور المعلمين المتقاعدين) ولم تدفع المساهمة الهزيلة التي طلبت منها (900 ألف ليرة عن كل تلميذ)، تكافأ المدارس الخاصة بمنح ممولة بأموال عمومية. علماً أن المدارس التي دفعت المساهمة (نحو 550 مدرسة من أصل 1200 مدرسة خاصة) حمّلتها لأهالي الطلاب، رغم تعهد ممثلي المدارس أمام الوزير الحلبي عدم تحميلها للأهالي. وهذا غيض من فيض تعسف المدارس الخاصة بحق العائلات.

جل ما بدر عن وزير التربية تكليف مدير عام التربية عماد الأشقر، بتطبيق الإجراءات التي يتيحها القانون بحق مديري المدارس الخاصة غير المجانية التي تخلفت عن سداد المبالغ لصندوق التعويضات. وباشر المدير العام بسحب تواقيع نحو 120 مدرسة. وتعلق رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور لما الطويل على قرار الحلبي بالقول إن هذه الإجراءات لا قيمة لها بل هي لحفظ ماء الوجه. فليس لهذا القرار أي قيمة قانونية. كان بإمكان الوزير اتخاذ إجراءات عقابية بحق المدارس، التي لم تدفع وتلك التي حملت الأهل المبالغ المالية، منها رد الموازنات المدرسية واتخاذ الإجراءات المنصوص عنها في القانون 515". أما إجراء سحب التوقيع فيؤدي إلى إشكاليات لأهالي الطلاب ولا يؤثر على المدرسة. إذ يصبح أهالي الطلاب ملزمين بالتوجه إلى وزارة التربية لتخليص معاملاتهم. أما المدارس فتستطيع استبدال المدير بآخر، وتأخذ آهالي الطلاب رهائن في الحصول على أي إفادة أو مستند.