الحلبي اتخذ أمر اليوم: العودة للتدريس بخمسة ليترات بنزين

فيما يواصل سعر صرف الدولار بالارتفاع في السوق السوداء لأكثر من 73 ألف ليرة، ورغم قرار الأساتذة، المعبر عنه في استفتاء الرأي، بعدم العودة إلى التعليم، بنسب فاقت الـ93 بالمئة منهم في لبنان، يصر وزير التربية على فتح المدارس يوم غد الأربعاء، مطمئناً إلى الدعم السياسي الذي حصل عليه. وسيلتقي بروابط المعلمين في التعليم الرسمي للتشاور بالمستجدات، ويأمل الأساتذة أن لا يكون الاجتماع لتلاوة "أمر اليوم". فقد صدر القرار السياسي بالعودة إلى فتح المدارس، وعلى الأساتذة القبول بما عرض عليهم، عقب جلسة مجلس الوزراء، كما قالت مصادر مطلعة على المباحثات لـ"المدن".

مخاطرة جديدة للحلبي
وتضيف المصادر بأن وزير التربية عباس الحلبي يقوم بمخاطرة جديدة في فرض العودة بالشروط الحالية، هذا فيما كان عليه تعليق العام الدراسي لأسبوع في كل لبنان، بما فيها القطاع الخاص، والظروف مؤاتية، في ظل الغليان الذي يعيشه أساتذة التعليم الخاص. وحينها يرى جميع القوى السياسية تهرول وراءه ويستطيع تحسين شروط عودة الأساتذة إلى المدارس. لكنه اختار طرقاً مجربة سابقاً في استخدام سياسة "العصا والجزرة"، رغم أن الظروف حينها كانت أفضل من الواقع الحالي.

وفي التفاصيل، أعطى الحلبي "توجيهاته إلى الإدارة لإبلاغ مديري المدارس بضرورة إنجاز الجداول المتعلقة بدفع بدل الإنتاجية عن الفترة التي سبقت عطلة رأس السنة، بالدولار النقدي عبر مؤسسات التحويل النقدي، وأن تعطى الأولوية في الدفع للمدارس التي فتحت أبوابها وباشرت التدريس"، كما جاء في بيان صادر عن وزارته. وبالتالي سيعتبر الأساتذة أن هذه الخطوة تشكل إهانة إضافية لهم، شبيهة بتلك التي حصلت عقب إعلانه عن منحهم الدولارات الخمسة. 

ووفق المصادر، عوضاً عن إعلان الحلبي موعداً واضحاً لدفع بدل إنتاجية الأشهر السابقة (احتساب شهر الإضراب ضمنها)، بقيمة 400 دولار، ودفعها لجميع الأساتذة، قرر السير بطريقة الفرض وفتح المدارس عبر المدراء، حتى من دون حضور الأساتذة والطلاب. وسيكتشف يوم غد الأربعاء أن المدارس ستبقى فارغة حتى لو حضر المدراء، خصوصاً أن الإضراب الذي دعت إليه روابط المعلمين، تمدد حتى نهاية هذا الأسبوع.

تهديدات لمدراء المدارس
وتضيف المصادر أن مديرَيّ التعليم الثانوي والابتدائي بدءا بعقد اجتماعات مع المدراء في الأقضية عبر تقنية زوم منذ يوم أمس لفتح المدارس. وقد وصلت الدعوات للمدراء أنهم مدعوون للاجتماع "للضرورة القصوة للبحث بالمستجدات"، وذلك بغية تلاوة تعليمات الوزير الحلبي لفتح المدارس للحفاظ على ما تبقى من العام الدراسي. هذا رغم أن مديريات وزارة التربية تعلم أن فتح المدارس لم يعد مرتبطاً بالمدراء، بل بقبول الأساتذة أنفسهم. لكن الحلبي مصر على فتح المدارس بمن حضر. وعلى الأساتذة القبول بما تحقق من جلسة مجلس الوزراء، لأنه لا يمكن أن يتحقق غيرها.

وتلفت المصادر إلى أنه وصلت إلى مدراء المدارس تهديدات مبطنة بإن صناديق مدارسهم ستبقى فارغة ولن تقدّم الدول المانحة المساعدات في حال عدم فتح المدارس. كما أنه في حال ارتفعت نسبة التسرب من التعليم الرسمي ستضطر الوزارة إلى دمج المدارس والثانويات السنة المقبلة. أي تقليص عددها، ويصبح المدراء نظاراً وأساتذة في المدارس المدمجة. وهي من جملة الرسائل التي نقلها مديرا التعليم الثانوي والابتدائي للمدراء، رغم عدم اقتناعهما بها، لكنهما كان مضطرين على فعل ذلك لإخافتة المدراء، ولكي يقوم هؤلاء بدورهم بإخافة الأساتذة.

بدل نقل ليترات بنزين
وتضيف المصادر، أن الاستفزاز فاق كل الحدود. فلا سعر صرف صيرفة للأساتذة مثبت حتى على 43 ألف ليرة، وليس 20 ألفاً كما تطالب الروابط. بل عليهم عدم التفكير بهذا الموضوع، لأن حاكم المصرف المركزي رياض سلامة رفض الموضوع رفضاً قاطعاً. فرغم كل الوساطات التي جرت معه (قال له أكثر من سياسي اكذب على الأساتذة لشهرين بسعر صيرفة ثابت) أصر على عدم قبول تثبيت أي سعر. 

لكن ثمة وساطة لإقناع الأساتذة بالعودة إلى التعليم، من خلال استبدال المائتي ألف لبدل نقل بخمسة ليترات بنزين عن كل يوم حضور. وقد تلقى وفد "اللقاء الديمقراطي" برئاسة النائب تيمور جنبلاط وبحضور النائبين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي وعداً بإقرار بدل النقل بخمسة ليترات بنزين يوم الخميس المقبل. وهناك وساطة أخرى ستعرض على الحلبي لتحديد موعد محدد لدفع بدل الإنتاجية عن الأشهر السابقة دفعة واحدة (300 دولار) وعدم ربطها بالمدارس التي فتحت أبوابها. ودفعها لجميع الأساتذة بلا استثناء، كي لا تكون طريقة الدفع فيها إذلال للأساتذة. وهذا إضافة إلى العودة المتدرجة إلى التعليم ليومين أو لثلاثة أيام بالأسبوع، وعدم اشتراط دفع المئة دولار (بدل إنتاجية الأشهر المقبلة) بحضور الأساتذة إلى المدارس. أي بمعنى آخر، تخفيف الضغوط عن الأساتذة وعدم استخدام أساليب الفرض والتهديدات.

...العبرة بالتنفيذ
ووفق المصادر، لن يصدر أي قرار من وزارة التربية يعلن فيه خفض أيام التعليم في المدارس (حالياً أربعة أيام في الأسبوع)، لأنه سيؤثر على سير التعليم في القطاع الخاص، لأن العديد من المدارس الخاصة تفضل التعطيل حتى ليوم واحد إضافي لتوفير بعض المصاريف التشغيلية وعلى رأسها المازوت. وبالتالي، سيصار إلى تقليص الدوام في المدارس الرسمية من دون قرار رسمي إلى ثلاثة أيام للأسابيع المقبلة، وذلك في انتظار تحويل الأموال لصناديق المدارس. فإمكانية العودة للتعليم لأربعة أيام يجب أن تكون مقرونة ببعض المساعدات الإضافية. كأن يصار إلى دفع مساعدة بدل انتاجية بالليرة اللبنانية للأساتذة من صناديق المدارس، حسب الظروف المادية كل مدرسة. وهذه من الأمور التي يتم التفاوض عليها حالياً، وعلى ضوئها ستقوم روابط المعلمين باستبيان رأي الأساتذة عليها من جديد. لكن قرار العودة إلى التعليم اتخذ، والعبرة في التنفيذ.