الراعي: المثالثة خراب البلد.. ولبنان ليس ارض حرب

التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فريق عمل لبنان الكبير مؤكداص امامه "انني مع تطبيق اتفاق الطائف الذي لم يتم تنفيذه لا بروحه ولا بنصه، وهذا ما أدى الى ثغرات ومنها على سبيل المثال أن لا سلطة دستورية تحسم"، داعياً الى" تطبيق القرارات الدولية 1559 و1680 و1701".

وشدد على "أننا في المثالثة نكون نخرج من خطنا. لبنان مسلم - مسيحي مثل الطير بجناحين وليس بثلاثة أجنحة. هذه هي الفلسفة اللبنانية، وهذا ما يميز لبنان عن العالم العربي"، واصفاً المثالثة بأنها "خراب البلد".

ولفت الى أن "اللبنانيين لا يجتمعون حول الطاولة، ليناقشوا اللامركزية لأنهم لا يتعاطون مع بعضهم البعض، لذلك طرحت فكرة مؤتمر دولي خاص بلبنان".

ورأى أن "حزب الله يلعب دوره والطريق مفتوحة أمامه. وأنا لست بطور الادانة لأي طرف لكن أدعو الى تطبيق الطائف"، متحدثاً عن حياد لبنان "لأنه ليس أرض حرب، ولطالما كان جسر عبور بين الشرق والغرب لأنه كان حيادياً".

وكشف أنه طالب "المجتمع الدولي من خلال السفراء ومَن نتواصل معهم أن تحصل الانتخابات الرئاسية قبل شهرين من انتهاء مدة الولاية، وذلك حسب الدستور ولكي لا نصل الى الفراغ"، معدداً صفات رئيس الجمهورية الذي "يجب أن تكون لديه الحكمة والفطنة وأن يكون متجرداً ولا يريد أي مكاسب خاصة. قوة الرئيس في تجرده وأن يكون حراً كي يحكم".

وعما اذا كانت الانتخابات النيابية يمكنها أن تحدث التغيير المنشود، قال البطريرك الراعي: "لا يهمني أي فريق سيربح في الانتخابات النيابية انما ما يهمني هو الحفاظ على الاستحقاق الدستوري. وعلى المواطنين حسن الاختيار". وأكد أن "الثورة التي باركناها لم تتمكن من توحيد كلمتها وصفوفها، وتفككت"، متسائلاً "ما هو دورها؟".

وعن الاتهامات الموجهة الى بكركي، قال : "لا أريد الاجابة. بكركي تجاوب بالفكر وليس بالاتهام".

الآتي نص المقابلة:

استهل البطريرك الراعي لقاءه مع فريق محرري "لبنان الكبير" بالاستفسار عن نشاط الموقع واهتماماته، مستوضحاً من رئيس التحرير محمد نمر حيثيات استدعائه من قبل "المباحث الجنائية" بإخبار من رئاسة الجمهورية. ودعا بـ "التوفيق لفريق العمل وللموقع، اذ أن البلد بحاجة الى منصات توجيهية وتقول الحقيقة للناس لأن هناك الكثير من المواقع التي تفبرك الأخبار".

وتوقف مطولاً عند اسم موقع "لبنان الكبير" الذي "يعني لبنان بما يحتوي عليه من التعددية الثقافية والدينية التي تكوّن الهوية اللبنانية، ولكن في التعددية الثقافية والدينية نبني عائلة واحدة مكونة من مختلف الطوائف، وهذا ترجم نظام لبنان الفاصل بين الدين والدولة حسب المادة 9 من الدستور. لبنان الوحيد في العالم العربي الذي يفصل الدين عن الدولة، ولكن في الوقت نفسه يحافظ على احترام الله وكل الديانات. نظام لبنان فصل الدين عن الدولة لكنه لم يفصل الدولة عن الله، ما يعني أن السلطة التشريعية لا تشرّع أي أمر يمس بالديانات المعترف بها في لبنان، وهذا ما نسميه نظام الأحوال الشخصية".

وقال: "نحن شكلنا عائلة واحدة بالمساواة مسلمين ومسيحيين ضمن نظام ديموقراطي يحترم كل الحريات العامة ويقرها، واليوم ننزلق ونعطي وجهاً طائفياً ودينياً، ونخرج لبنان الكبير عن خطه، ونضيع هويته لأننا نسينا واقعنا، ونسينا معنى لبنان الكبير الذي ليس قطعة أرض فقط، نتقاتل عليها أو سلطة يتم تقاسمها. نسينا أن واقعنا لم يكن كما هو اليوم اما بسبب ارتباطات خارجية أو بعدم فهم قيمة ثقافتنا اللبنانية. اليوم نعطي وجهاً آخر للبنان هو الوجه الطائفي، وهذا ليس وجه لبنان الحقيقي. نحن عشنا في بيئة المسيحي مع المسلم من دون أن نعرف من هو المسيحي ومن هو المسلم. للأسف، وصلنا الى مرحلة وكأن الآخر هو عدو". وشدد على أن "دور الأجيال اليوم أن ترد هذه الثقافة اللبنانية الفريدة من نوعها".

تطبيق الطائف والقرارات الدولية
وعن اتفاق الطائف، أكد البطريرك الراعي أنه "مع تطبيق اتفاق الطائف الذي لم يتم تنفيذه لا بروحه ولا بنصه، وهذا ما أدى الى ثغرات ومنها على سبيل المثال: من هي السلطة الدستورية التي تحسم اليوم في لبنان؟ لا سلطة. رئيس الحكومة لا يمون على وزير ورئيس الجمهورية لا يمون على موظف. لا سلطة تحسم، فأصبح لبنان لبنانات. وهذه المنطقة تخص فلاناً وأخرى تخص علتاناً. كل منطقة لها زعيمها، وعند تنفيذ أي مشروع يجب العودة الى هذا الزعيم".

ودعا الى "تنفيذ الطائف نصاً وروحاً وتنفيذ القرارات الدولية التي لم تنفذ مثل القرارات 1559 و1680 و1701 وكلها ترتبط بالسيادة اللبنانية على الأرض اللبنانية."

 

المثالثة خراب البلد
وأشار الى "أننا نسمعهم يقولون نريد تغيير النظام، فأي نظام تريدون تغييره؟"، معتبراً "أننا بالمثالثة نكون نخرج من خطنا. لبنان مسلم - مسيحي مثل الطير بجناحين وليس بثلاثة أجنحة. هذه هي الفلسفة اللبنانية، وهذا ما يميز لبنان عن العالم العربي. لماذا نضيع هذا اللبنان؟. المثالثة هي خراب البلد. أما الفيدرالية التي كتب عنها الكثير في أوائل الحرب اللبنانية، فرُفضت. وأتى اتفاق الطائف ليتكلم عن اللامركزية. طبقوا اللامركزية".

أضاف: "المشكلة أنه كلما ننطق بكلمة يتم تخييطها سريعاً قبل أن يعرفوا مفهوم الكلمة مثل الحياد. فليجتمع الجميع على مناقشة اللامركزية التي أقرها الطائف في حين أنه لم يقر الفيدرالية. وبالتالي، لماذا إدخال قضية لم تقر في الطائف؟ لماذا نخلق مشكلاً جديداً؟".

وتابع: "أنا لا أقول انني مع اللامركزية المالية أو ضدها بل أقول ما هو مفهوم اللامركزية، وليجتمع اللبنانيون حول الطاولة، ويناقشوا ويقرروا بشأن اللامركزية، لكنهم لا يتعاطون مع بعضهم البعض، لذلك طرحت فكرة مؤتمر دولي خاص بلبنان. يقولون اننا لا نتحدث في القضايا الخلافية مثل اللامركزية. اذا كنا لا نتحدث بكل القضايا الخلافية، فما الذي يبقى لنتحدث به؟. اليوم نحن على الأرض يا حكم لأنهم لا يريدون الجلوس مع بعضهم البعض والتشاور في القضايا ومنها حياة المجتمع وسلامته لأن مصلحتهم تقتضي أن يستمروا بالعيش على هذا النمط. كل فريق عنده دولته ونفوذه، وهذا ما أوصلنا الى لبنان اليوم".

وأشار الى "أننا طرحنا المؤتمر الدولي لأن اللبنانيين لا يجلسون ويتناقشون لمعالجة الأمور. وبالتالي، اذا عجز اللبنانيون عن الجلوس مع بعضهم البعض، فإن المجتمع الدولي كما استطاع تحقيق اتفاق الطائف وكان نصف الشعب اللبناني ضده، يمكنه عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان. قرارات مجلس الأمن هي قرارات دولية. اليوم نقول ان البلد يموت ونطلب المساعدة"، لافتاً الى أن "الدول لا تتحرك بهذه السرعة في هذا الاطار".

"حزب الله" يلعب دوره والطريق مفتوحة أمامه
وعن الجهة التي تتحمل مسؤولية موت البلد، رأى أن "كل القوى السياسية مسؤولة لأن لا أحد من بينهم يريد أن يجلس مع الآخر. مصالحهم أكبر من تصويب الأمور".

واعتبر أن "حزب الله يلعب دوره والطريق مفتوحة أمامه. وأنا لست في طور الادانة لأي طرف لكن أدعو الى تطبيق الطائف الذي لم يطبق. لا يريدون تطبيقه، فليتفضل المجتمع الدولي لمساعدتنا في تطبيقه. الطائف جاء من أجل خلاص لبنان لكن هناك من لا يريدون"، متسائلاً "هل يمكن الاستمرار في التفرج على لبنان وهو عضو مؤسس في الأمم المتحدة وفي الجامعة العربية؟". وقال: "الكل يساعد الشعب بمواد غذائية خصوصاً بعد انفجار بيروت، ويقولون نساعد الشعب وليس الدولة، لكن يجب مساعدة الدولة لتصطلح حياة الشعب. لذلك، نقول: مش ماشي الحال".

 

حياد لبنان ليبقى جسر عبور وليس أرض حرب
وتحدث عن حياد لبنان "لأنه ليس أرض حرب، ولطالما كان جسر عبور بين الشرق والغرب لأنه كان حيادياً، ونحن عشنا مرحلة الازدهار. هناك 3 أساسيات: أولاً، لبنان يلعب دوراً خاصاً به في هذه البيئة، وهو لبنان الرسالة بالعيش معاً والحريات والديموقراطية والانفتاح على الثقافات ومكان التلاقي، هذا دور لبنان. ثانياً، لكي يتمكن من حفظ ذاته يجب أن تكون لديه قوى عسكرية وأمنية تفرض سيادته أولاً في الداخل اذ ليس هناك من سيادة في الداخل، وسيادته الخارجية، ورد أي اعتداء عليه بقوته الذاتية، ولا يعتدي على سيادات غيره ولا يدخل في أحلاف وحروب. ثالثاً، يعيش هذا الدور من خلال الحياد الذي نطالب به. نحن في الحياد من دون أن يكون معلناً والبيانات الوزارية منذ سنة 1943 تعلن أن سياستنا الخارجية هي عدم الانحياز أي الحياد أو التحييد أو النأي بالنفس. المؤتمر الدولي عليه اعلان حياد لبنان رسمياً كي يتمكن من العيش في الداخل وتحترمه الدول. اذاً، تطبيق الطائف وتطبيق القرارات الدولية غير المطبقة واعلان الحياد وحل قضية اللاجئين الفلسطينين والنازحين السوريين".

قوة رئيس الجمهورية بتجرده وحكمته
وعن الأقطاب المسيحيين الذين ترشحهم بكركي لرئاسة الجمهورية، أوضح البطريرك الراعي "أنا لم أجمع الأقطاب المسيحيين سنة 2011 لأنه كانت هناك انتخابات رئاسية التي جرت في العام 2016. أنا جمعتهم حينها لأنهم كانوا منقسمين بين 8 و 14 آذار بحيث أن اثنين كانا مع الفريق الأول واثنين مع الفريق الثاني. وبما أنه لا يجوز أن نستمر في هذا الخلاف جمعنا الأقطاب في بكركي. وهناك من قال حينها إن هؤلاء الأقطاب هم مرشحو بكركي، وهذا الكلام غير صحيح. الدستور يقول ان كل ماروني يحق له أن يكون رئيساً للجمهورية واذا اعتبروا أنفسهم كذلك فهذا شأنهم"، معلناً أنه لا يؤيد "مقولة الأقوى في طائفته. أنا مع الدستور".

وكشف أنه طالب "المجتمع الدولي من خلال السفراء ومَن نتواصل معهم بأن تحصل الانتخابات الرئاسية قبل شهرين من انتهاء مدة الولاية، وذلك حسب الدستور ولكي لا نصل الى الفراغ. لا يجوز ذلك، في كل الدول ينتخبون رئيس الجمهورية قبل شهرين من الاستلام".

وعدد صفات رئيس الجمهورية الذي "يجب أن تكون لديه الحكمة والفطنة وأن يكون متجرداً ولا يريد أي مكاسب خاصة"، معتبراً أن "قوة الرئيس في تجرده وأن يكون حراً كي يحكم".

 

المحاسبة والمساءلة في صناديق الاقتراع
وعما اذا كانت الانتخابات النيابية يمكنها أن تحدث التغيير المنشود، قال البطريرك الراعي: "لا يهمني أي فريق سيربح في الانتخابات النيابية انما ما يهمني هو الحفاظ على الاستحقاق الدستوري. وعلى المواطنين حسن الاختيار، والشعب مصدر السلطات التي يمارسها من خلال خياراته. المحاسبة والمساءلة في صناديق الاقتراع، ولا يجوز أن نسير كالغنم".

 

وعن الاتهامات الموجهة الى بكركي، قال: "لا أريد الاجابة. بكركي تجاوب بالفكر وليس بالاتهام".