انتخابات 2022... خسارة أبرز وجوه حلفاء النظام السوري

كتب اسكندر خشاشو في النهار: 

فرزت نتائج الانتخابات الأخيرة دلالات عدة، وأدخلت وجوهاً جديدة الى الحياة البرلمانية، كما حققت وجوه أخرى مفاجآت كبرى بفوزها، وفي المقابل أُبعدت وجوه كان لها وقعها السياسي وتأثيرها في مجريات الحياة السياسية والبرلمانية في لبنان.
وبحسب النتائج الرسمية فلم ينجح نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي من الحفاظ على مقعده، فرجل سوريا المعروف الذي أبعدته ثورة الاستقلال عن المجلس النيابي، قاتل لمدة 14 عاماً من خارج أسوار المجلس لإقرار قانون انتخابي يعيده اليه تحت مسمّيات عدة أهمها التمثيل الطائفي، فهو كان يعتبر نفسه الأكثر تمثيلاً لمسيحيّي البقاع، أبعده تحالف 14 آذار صاحب الاكثرية السنية-الدرزية في القضاء عن موقعه، وبالفعل عاد الفرزلي إلى مجلس النواب عبر القانون النسبي الذي كان له اليد في الوصول اليه عبر حليفه "التيار الوطني الحر" وميشال عون، ولكن خلال نيابته الأخيرة ابتعد الفرزلي عن "التيار الوطني الحر"، ونسج علاقات مع سعد الحريري على اعتباره القوة الأكبر في البقاع الغربي بالإضافة الى تمتين علاقته برئيس مجلس النواب نبيه في وجه حليفه رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل، الّا انّه تلّقى الضربة بانسحاب الرئيس سعد الحريري من العمل السياسي، والثانية من حليف حليفه "حزب الله" عبر الضغط لضمه في لائحة واحدة مع مرشّح خصمه جبران باسيل في لائحة واحدة، من دون ان يقدم له حليفه بري ايّ عون او مساعدة في الاصوات تجعله متقدماً على مرشح "التيار الوطني الحر"، وبالتالي خسارته، وانهاء دوره النيابي نهائياً، بحيث انه كان يؤكد انها المرة الاخيرة التي يترشح فيها إلى مجلس النواب.
أمّا الوجه البارز الثاني الذي لم يستطع الوصول الى قبة البرلمان فهو طلال ارسلان، فالمير حليف النظام السوري الذي كان يشكل القطب الثاني في الطائفة الدرزية، لم يسعفه هذه المرة ثبات حلفائه بقربه ولا المكاسب السياسية والادارية والوزارية الذي أغدقها عليه العهد، وفرضه قوة سياسية موازية لوليد جنبلاط، في جميع الحكومات والتعيينات وغيرها، ولا الموقع الفارغ الذي بالعادة يسايره فيه جنبلاط حفاظاً على التنوع في الطائفة، وكان اوّل من جرفته رياح التغيير التي ضربت البلاد في 2017 وافقدته مقعده النيابي، واسقطت مرشحيه جميعهم الذين وزعهم على لوائح "حزب الله" ظناً منه انّه سيرأس كتلة درزية توازي كتلة جنبلاط، فكما جرى مع المير جرى مع قريبه مروان خير الدين ومرشحه نسيب الجوهري في بيروت ومرشحه في البقاع الغربي طارق الداوود، ولم يستطيع احد منهم الفوز في الانتخابات.
المير الذي دخل الى مجلس النواب اللبناني عام 1991، وبقي فيه نائباً بظل الوصاية السورية، ترك له وليد جنبلاط مقعداً شاغراُ في الـ2005، ضمن صفقة التحالف الذي عقدها تحالف 14 اذار مع جزء من فريق 8 اذار، فاستمر نائباً حتى الـ2009 عندما قرر اقفال جنبلاط اقفال لائحته في عزّ الانقسام والمواجهة السياسية، ما افقد المير مقعده النيابي، الاّ انه بعد عودة التسويات عاد المير وزيراُ، في حكومات الوحدة الوطنية برضى من جنبلاط، قبل ان يفرضه حليفه العماد ميشال عون شريكاً مضارباً ضمن طائفته في ايّ أمر يتعلق بالشؤون الدرزية، وفي عام 2018، ترك له جنبلاط مقعداً شاغراً في لائحته، وركبّ له حليفه جبران باسيل كتلة نيابية من اعضاء "التيار الوطني الحر" لتثبته كقطب في الطائفة، قبل ان تخرجه انتخابات 2022، رغم ترك الموقع في لائحة منافسه.
ومن المير الى وئام وهاب، الشخصية الدرزية التي فرضت نفسها على الساحة الدرزية، كقوة تنافس المير والبيك في الطائفة رغم عدم نجاحه بدخول الى مجلس النواب، فوهاب رغم نشاطه السياسي منذ التسعينات في الحزب التقدمي الاشتراكي وبعده مع النائب طلال ارسلان، لم يعرف على الساحة اللبنانية سوى بعد عام 2004 عندما جرى تعيينه وزيراُ في حكومة عمر كرامة، قبل اغتيال الحريري، ليسطع نجمه بعدها.
بنى وهاب شبكة علاقات محلية، اهمها مع "حزب الله" واقليمية مع النظام السوري وايران، بالإضافة الى بعض الدول الخليجية واستطاع عبر هذه العلاقات الى بناء شبكة شعبية مهمة عبر الخدمات التي اغدقها عليه حلفاؤه، اهّلته في عام 2018 الى الاقتراب من المقعد النيابي ومقارعة وليد جنبلاط في عقر داره وكاد ان يخطف مقعد مروان حمادة، ورغم ذلك اكمل وهاب في عمله السياسي والخدماتي، ضمن نفس الخط السياسي الحليف لسوريا قبل ان تأتي انتخابات 2022 وتوجه له ضربة اخرى وتحرمه من دخول اسوار المجلس.
وبذكر الشخصيات المقربة من النظام السوري لا يمكن اغفال خسارة النائب اسعد حردان، رئيس الحزب السوري القومي السوري الاجتماعي لسنوات طويلة، والنائب منذ 1992، والوزير بأكثر 5 حكومات، وهو من الشخصيات القوية على مستوى العلاقات وخصوصاً مع النظام السوري، والمرشح الثابت على لائحة الثنائي في الجنوب، الفائز بقوة غيره لكنه من الثوابت، فالجدير ذكره ان حردان لم يكن يوماً ممثلاً للمسيحيين في منطقة حاصبيا ومرجعيون انما كان مفروضاً بقوة السوريين في مرحلة وبقوة الثنائي الشيعي في مرحلة لاحقة، كمرشح خط سياسي وليس شعبياً، هذا بالإضافة الى ان المسيحيين قوة غير مقررة في هذه الدائرة ومقعد الروم الأورثوذكس هو من المقاعد الضعيفة، وهذا ما استغلته اللائحة المنافسة للثنائي وركزت عليه واستطاعت الخرق فيه.
وختاماً، ابعدت الانتخابات الاخيرة النائب فيصل كرامي عن مجلس النواب، فسليل العائلة السياسية المتجذرة في تاريخ طرابلس، انصفه قانون الانتخاب، وعبر عبره الى مجلس النواب، متكئاً على كتلة ناخبة مؤيدة لعائلته، وكان لدى الافندي امل في هذه الانتخابات بالحصول على كتلة نيابية خصوصاً بعد انسحاب سعد الحريري من الحياة السياسية وتشرذم ساحته، والضعف الذي حلّ بأقطاب الساحة الطرابلسية، مقابل ثبات كتلته الناخبة، الّا ان الرياح لم تأت كما يشتهي، ولم تستطع هذه الكتلة من ايصاله، وجرفته ايضاً رياح التغييرين، وخطف مرشح الحراك المدني رامي فنج المقعد من الافندي في اللحظات الاخيرة.