المصدر: المدن
الثلاثاء 2 كانون الاول 2025 22:00:18
تترقّب بيروت انعقاد اجتماع آليّة "الميكانيزم" غدًا الأربعاء، والذي ستنضمّ إليه المبعوثة الأميركيّة مورغان أورتاغوس، في ظلّ أجواءٍ متوتّرةٍ وضغوطٍ متزايدةٍ تتعلّق بملفّ سلاح "حزب الله".
وأفادت مصادر غربيّةٌ بإمكانيّة أن يضمّ الوفد الإسرائيليّ إلى الاجتماع شخصيّةً مدنيّةً، فيما أكّدت مصادر لبنانيّةٌ أن لا علم لها بذلك، مذكّرةً بأنّ الجانب اللبنانيّ سبق أن طرح مقترحًا نوقش بين قائد الجيش العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، يقضي بأن تكون آليّة "الميكانيزم" إطارًا للتفاوض، مع إمكانيّة ضمّ مدنيّين مختصّين إلى الوفد العسكريّ إذا احتاج الجيش إلى ذلك.
وفي الأثناء، يعيش لبنان أيّامًا على قدرٍ كبيرٍ من الدقّة والحساسيّة، مع وصول أورتاغوس في توقيتٍ تزامن مع رسائل إسرائيليّةٍ غير مباشرةٍ إلى بيروت، حملت تهديدًا واضحًا مفاده ضرورة تحديد موعدٍ نهائيٍّ لحسم ملفّ سلاح "حزب الله"، وإلّا فإنّ العمليّات العسكريّة الإسرائيليّة "ستتوسّع".
وخلال ساعاتٍ من المشاورات، أطلع رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن إسرائيل كاتس المبعوثة الأميركيّة على تقارير قالت تل أبيب إنّها "موثّقة"، وتؤكّد ـ بحسب زعمها ـ تعاظم قدرات "حزب الله"، مقابل عدم قيام الجيش اللبنانيّ بما تعتبره إسرائيل "جهودًا كافيةً لتنفيذ اتفاق وقف النار".
وتستند هذه التقارير إلى الرسالة التي بعثت بها إسرائيل عبر واشنطن وآليّة "الميكانيزم" إلى بيروت، وطالبت من خلالها لبنان "بتحديد موعدٍ نهائيٍّ لحسم ملفّ سلاح حزب الله"، مهدّدةً في الوقت نفسه "بتوسيع عمليّاتها العسكريّة ضدّه في حال عدم الاتّفاق على مهلةٍ زمنيّةٍ لنزع سلاحه وإبلاغ الأميركيّين بها".
هذا التوجّه شدّد عليه أيضًا وزير الخارجيّة الإسرائيلي جدعون ساعر أمام أورتاغوس، حيث أطلعها على خطواتٍ تقول إسرائيل إنّها تتّخذها "لضمان أمنها"، مؤكّدًا أنّ "حزب الله يتعاظم ويبني تحصيناتٍ ومخازن لصواريخ دقيقةٍ ومسيّراتٍ في معظم الضاحية الجنوبيّة والبقاع اللبناني، وهذه أهدافٌ شرعيّةٌ لإسرائيل، والأميركيّون يئسوا من حزب الله وسيوجّهون إنذارًا نهائيًّا لحكومة لبنان لتفكيك سلاحه، لكن من الواضح أنّ ذلك لن يحصل، ولذا يبقى السؤال متى سيكون الهجوم الإسرائيليّ المتوقّع على حزب الله، وما إذا كان سينفّذ قبل زيارة نتنياهو المتوقّعة للرئيس الأميركيّ دونالد ترامب أم بعدها".
وفي سياقٍ متّصل، نقل مصدرٌ مطّلعٌ على المباحثات أنّ إسرائيل اطّلعت من واشنطن على حجم الضغوط التي تمارس على بيروت لنزع سلاح الحزب، في حين أعلنت الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة أنّها "وضعت اللمسات الأخيرة على خطّة الهجوم" في حال عدم تحديد موعدٍ نهائيٍّ لحسم ملفّ السلاح.
وكشف مسؤولٌ أمنيٌّ إسرائيليٌّ أنّ رئيس أركان الجيش إيال زمير وافق حتّى الأسبوع الماضي على "بنك أهدافٍ" يشمل كلّ الأراضي اللبنانيّة باستثناء بيروت، نتيجة ضغوطٍ أميركيّة، إلّا أنّه أوضح أنّ استثناء العاصمة اللبنانيّة "سيبقى قائمًا فقط في حال وافق لبنان على شروط إسرائيل"، في إشارةٍ ضمنيّةٍ إلى إمكانيّة شمول بيروت بأيّ عمليّةٍ عسكريّةٍ واسعةٍ إذا تعثّر المسار السياسيّ والضغوط الأميركيّة.
وبلهجةٍ أكثر حزمًا، اعتبر المسؤول نفسه أنّ الولايات المتّحدة "ستفشل في نهاية المطاف في محاولاتها للضغط على حكومة لبنان لتفكيك حزب الله"، مضيفًا: "الواضح أنّه لا أحد سيفكّك السلاح سوى إسرائيل، ولذلك ستأتي اللحظة التي سنعمل فيها على استكمال المهمّة في لبنان، وهذه المهمّة لن تكتمل إلّا برسم حدودٍ أمنيّةٍ محصّنةٍ بيننا وبين لبنان حتّى نهر الليطاني، وعدم الاكتفاء بنقاط النّزاع الخمس الحاليّة".
من جهته، علّق آموس هوكشتاين المبعوث السابق لإدارة بايدن إلى الشرق الأوسط في مؤتمر "إسرائيل اليوم" بالقول: "لا أعتقد أن العودة إلى القتال جيدة لإسرائيل، وبالتأكيد ليست جيدة للبنان، وهي سيئة لأمريكا، هذا واضح. أي زعزعة لاستقرار لبنان لن تبقى في لبنان فقط. يجب إيقاف هذه الدوامة، لبنان اليوم ورئيسه هما الأكثر موالاة للغرب على الإطلاق. يجب على حزب الله أن يتخلى عن سلاحه ويجب على الحكومة اللبنانية أن تفي بما وافقت عليه. يجب على إسرائيل أن تمنح هذه الحكومة فرصة للقيام بذلك".
وبانتظار نتائج زيارة أورتاغوس إلى بيروت، تقف القيادة السياسيّة في إسرائيل ـ بحسب تسريبات الإعلام العبريّ ـ أمام خياريْن: إمّا تنفيذ عمليّةٍ عسكريّةٍ واسعة النّطاق جوًّا وبرًّا ضدّ شخصيّاتٍ وبنىً تحتيّةٍ تابعةٍ لـ"حزب الله" في مختلف الأراضي اللبنانيّة، بما في ذلك بيروت، تترافق مع توسيع رقعة انتشار الجيش الإسرائيليّ داخل الأراضي اللبنانيّة، وإمّا الاكتفاء بعمليّاتٍ مركّزةٍ ومحدودةٍ، فيما يواصل "حزب الله" تعاظم قوّته.
وخلص المسؤول الأمنيّ إلى أنّ "لحظة العمليّة الكبيرة ليست سوى مسألة وقتٍ، إلّا إذا تدخّل الأميركيّون مرّةً أخرى وأوقفوا هذا المسار".