معادلة حزب الله الجوِّيَّة: لتوقيت الاتفاق النووي وترسيم الحدود

كتب منير الربيع في المدن:

انتقل حزب الله إلى مرحلة سياسية وعسكرية جديدة في المعادلات التي يطرحها: قفز فوق قواعد اشتباك سابقة، لفرض قواعد جديدة تدخل فيها معادلة الجو. فبرياً تقوم معادلة حزب الله على قاعدة ضربة مقابل ضربة. وبحرياً سبق وأعلن نصر الله عن وجود قوة مائية لحزبه، فيها زوارق حربية وصواريخ أرض بحر.

معادلة جوية إيرانية
أما المعادلة الجديدة فيدخل فيها الجو بالجو. صحيح أن ليس لدى الحزب طائرات حربية، لكنه يخوض معركة الطائرات المسيرة التي أعلن عن تصنيعها وتطويرها في لبنان. وهناك معلومات تفيد أن المسيرات قادرة على حمل أسلحة وذخائر، أو تكون مفخخة. ما يعني أنها قادرة على استهداف مواقع معينة.
ويأتي هذا التطور في ظل جملة تطورات: أولها وصول مفاوضات الاتفاق النووي إلى لحظة دقيقة وحاسمة. لذا تلجأ طهران إلى استعراض قوتها في المنطقة، بإيصالها رسالة إلى إسرائيل: عدم رضوخها إلى معادلة الاتفاق النووي تعني أن طهران لن تُسكت حلفاءها، ولا سيما حزب الله القادر على الردّ.

والرسالة نفسها توجهها طهران إلى الدول العربية، ولا سيما الخليجية: تفعيل حركة الطائرات المسيرة في العراق واليمن. وما تقوم به الطائرات نوع من استدراج عروض للتفاوض، تحت سقف مندرجات الاتفاق النووي.

ولتوقيت ترسيم الحدود
ويأتي هذا التطور الجوي في حسابات حزب الله وإيران متزامناً مع مفاوضات ترسيم الحدود، والعرض الذي قدمه الأميركيون للبنانيين الذين تنازلوا عن الخطّ 29 لصالح الخط 23. وهنا لا بد لحزب الله من أن يعلن بأنه الممسك في أي قرار استراتيجي يرتبط بالمعادلات في تلك المنطقة الحدودية، وأن ترسيم الحدود خاضع له ولقراره السياسي، لتنفذه الدولة اللبنانية.

أما موقف حزب الله العلني بأنه يقف خلف ما تقرره الدولة، فهو موقف سياسي على درجة عالية من الذكاء. صحيح أنه لن يلتزم أي موقف آخر، لكن المسألة ترتبط بالتوقيت الذي يمتلكه الحزب إياه وحده. والتوقيت يرتبط بالاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة، وما يليه من تداعيات في ملفات المنطقة.

معركة تآكل وشقاق
ويفرض حزب الله سلطته في هذه المرحلة، ويعززها بمعادلات سلاحه. فهو لم يعد يعول على حلفائه، ولا على القوى السياسية الداخلية كلها. بل يحصر قوته في ما يمتلكه من أسلحة، فيستعرضها في الجوء والبحر والبر.

وهو يعتبر أن لا فاعلية داخلية بعدُ لمعارضيه. فموقفهم لا يتجاوز نوعاً من حملة سياسية أو إعلامية، لا تحدث تغييراً فعلياً في موازين القوى أو في الوقائع على الأرض. أما ما يحسب له حساب جدي، فهو المعطى الخارجي. وكذلك التغيرات التي تدفع في اتجاه اعتماد سياسة قضم دوره ونفوذه بالعزلة الدولية، والأزمة الاقتصادية والمالية.

وهذه الأزمة كبرى ومتشعبة وبعيدة المدى، وتستلزم سياسة النفس الطويل. والمعركة ليست فاصلة أو حاسمة، بل طابعها مختلف: تعتمد على مبدأ التآكل، أو خلق إشكالات بين حزب لله وحلفائه، أو داخل بيئته.

وفي المقابل، يبدو حزب الله واثقاً حتى الآن من قدرته العسكرية والسياسية لإنتاج معادلة ترضيه، وتوفر الأهداف التي يسعى إليها، ويكرسها الاتفاق الإقليمي ليقوم هو بترجمتها في المعادلة الداخلية.