هل يكون إلغاء المادة 522 خدعة؟

بعد نقاش عميق استغرق 6 جلسات متتالية، وافقت لجنة الإدارة والعدل على إلغاء "المكافأة" التي كانت تقدّمها المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني الى المُغتصب.

المادة البالية من القانون المهترء الصادر في أربعينيات القرن الماضي، تنصّ على وقف ملاحقة المُغتصب وتعليق تنفيذ العقوبة في حال انعقاد زواج صحيح بين المجرم والمُعتدى عليها، وبذلك تُقدّم له على طبق من فضة، هديّة اغتصابها قدر ما يشاء تحت سقف القانون ومنزلهما الزوجي.

إلغاء المادة 522 يصبح نافذا عندما تصادق الهيئة العامة لمجلس النواب عليه وفي هذا السياق، أوضح عضو لجنة الإدارة والعدل النائب نديم الجميّل في حديث لموقع Kataeb.org، أنه "توصلنا الى إجماع كل الأطراف على إلغاء المادة 522 وهذا التعديل القانوني سيُقرّ بسهولة في الهيئة العامة لأن الكتل النيابية كلها مُمثلة في اللجنة وقد أخذ الموضوع حيزا كبيرا من الدرس والنقاش المعمّق."

ولفت الى أن "أي طرف لم يعارض الغاء المادة الا أن السؤال الكبير الذي طُرح في الجلسة هو: اذا تمّ الزواج برضى الفتاة، هل يجب تنفيذ العقوبة وإدخال الزوج الى السجن؟".

وأشار الجميّل الى أن "الجلسات المقبلة كفيلة بتوضيح الصورة أمامنا اذ ان بعض المواد ستُعاد صياغتها بما يتناسب مع الجرم أي يمكن أن تكون هناك إمكانية اعطاء القاضي صلاحية تخفيض العقوبة أو تجميدها حسب كل حالة، بناء على توافق معيّن بين الطرفين، في حال تمّ الزواج برضى الفتاة".

معلومات تردّدت في كواليس جلسة لجنة الإدارة والعدل عن أن الإنتصار الذي احتفل فيه المجتمع اللبناني لاسيما النساء لن يدوم طويلا، إذ ان إمكانية إضافة مضمون المادة 522 على المواد الأخرى في الفصل السابع من قانون العقوبات، واردة.

مسؤولة الحملات في منظمة "أبعاد" عليا عواضة أعلنت أنه "في الإجتماعات التي حضرناها وحسب ما أعلن النائب روبير غانم وغيره من أعضاء لجنة الإدارة والعدل، هناك توافق عام داخل اللجنة على إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات ولم يكن هناك أي جدل بين الأعضاء حول هذا الأمر، وقد أكد النائب غانم أن المادة 522 اصبحت خارج نطاق التداول وتمت الموافقة على حذفها وسيتم البحث في المواد الأخرى في الإجتماع المقبل".

وأضافت أنه "في خلال دردشتنا مع النائبين ايلي كيروز وروبير غانم، سألنا هل سيتم ادخال نصّ المادة 522 على أي مواد أخرى في الفصل السابع من قانون العقوبات، الجواب كان أنه تم التوافق على إلغاء المادة 522 بكافة مفاعيلها، انما النقاش الجاري في الجلسة كان حول تشديد أو تخفيف العقوبة بما يتناسب مع حقوق النساء والأسرة أو ترك القرار للقاضي في بعض الحالات".

وأكدت عواضة أن "موقف منظمة "أبعاد" الرسمي هو رفض إدخال نصّ المادة 522 على أي من المواد الأخرى وسننتظر الجلسة المقبلة ولن نحكم على النوايا واذا حصل ذلك لن نسكت وسنستمرّ بالنضال، ننتظر يوم الأربعاء القادم كي نبني على الشيء مقتضاه".

واعتبرت أن "المسألة ليست مسألة إيجاد بديل للمادة 522 فالإغتصاب يجب أن يُعتبر جريمة في كل الحالات وألا يكون الزواج شرطا لتجميد العقاب"، مشيرةً الى أن "اذا قررت المرأة أن تتزوج مغتصبها فهذا خيارها وفي هذه الحالة تُسقط المرأة حقها الشخصي عنه ويبقى الحق العام الذي يجب أن يُنفّذ وعادة يكون عقوبة مخفّضة جدا".

ورأت عواضة أن "التوافق بالإجماع على إلغاء المادة 522 أمر جيد ومتقدم بالنسبة للحركة النسائية في لبنان و للنساء عامة ووجود مثل هذه المادة أو غيرها من المواد التمييزية ضد النساء في قانون العقوبات والتي تنتهك كراماتهنّ الإنسانية هو أمر معيب ونشجع على اقتراح قوانين أخرى تصبّ في هذه الخانة وتساعد على إعطاء النساء حقوقهنّ في لبنان".

وأوضحت أن "على الصعيد الميداني، إلغاء المادة 522 يساعدنا كمنظمة في حملات توعية النساء والرجال والعائلات عندما نقول ان الإغتصاب الجريمة وإنه يجب عدم تزويج المُغتصبة من المُغتصب وأن حتى القانون اللبناني هو ضد هذا الأمر".

وفي وقت لا تزال لائحة القوانين المُجحفة بحق المرأة والمُنتهكة لحقوق الطفل والإنسان طويلة وتنام في سبات عميق في أدراج اللجان البرلمانية، لا يمكن إلا النظر بايجابية الى خطوة لجنة الإدارة والعدل، رغم أنها تبقى ناقصة قبل إقرارها في مجلس النواب والتحقق من التعديلات القانونية التي سيتمّ إدخالها الى مواد الفصل السابع.

فالتخوّف من إضافة مضمون المادة 522 الى مواد أخرى موجود لاسيما على المادة 505 التي تنصّ على ان "من جامع قاصراً أتمّ الخامسة عشرة من عمره ولما يتم الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين".

فهل يكون إلغاء المادة 522 خدعة للبنانيات والرأي العام وخيبة أمل جديدة في بلد الخيبات المتكررة؟