منذ أكثر من سنتين كان يفترض أن تطل الجامعة اللبنانية من خلال موقعها الجديد على الانترنت، الذي استغرق العمل عليه وعلى محتوياته نحو ثلاث سنوات، في عهد الرئيس السابق للجامعة، فؤاد أيوب.
استلمت الجامعة الموقع من الشركة التي أنشأته، ولم يكن بحاجة إلا إلى التشغيل ليحل مكان الموقع القديم. حتى أنه كان موجوداً على شبكة الانترنت لدى البحث على منصة غوغل. لكن مرت أكثر من سنتين، وما زال الموقع غير مفعّل. وقد كشفت قضية عدم تفعيل الموقع مدى تراجع الجامعة تقنياً، بعدما تبين أنها باتت تفتقر إلى مهندسين بالمعلوماتية.
تصنيف الجامعة
في التفاصيل، بعد إنشاء مكتب التواصل في الجامعة في العام 2018 عمل المكتب على دخول الجامعة إلى التصنيف العالمي مثل QS، ووقع عقوداً مع خمسة موظفين، بعد مباراة تقدم إليها 450 شخصاً، من ضمنهم مترجمون، لنشر كل إنجازات وأخبار الجامعة في كل وسائل الإعلام. وكان الموقع الجديد للجامعة على شبكة الانترنت أحد المداميك الأساسية لإبراز صورة الجامعة، وتحسين تصنيفها. وبعيداً عن أن التصنيف العالمي يفرض تأسيس صفحة خاصة على الموقع الإلكتروني حول التنمية المستدامة (التزام الجامعات بهذا المبدأ أساسي في رفع علامات التصنيف)، إلا أن المشاهدات وعدد زوار الموقع الإلكتروني تحتسب من ضمن علامات التصنيف. كما أن تأسيس موقع موحد للجامعة كان أساسياً لصورة الجامعة، لا سيما أن العديد من الكليات كانت تُنشئ مواقع رديفة لها، أشبه بالمثل الشعبي "كل مين حارته له". حتى أنه مؤخراً وصل الأمر بكلية العلوم إلى إيقاف موقعها على الانترنت لأنها لم تدفع الاشتراك السنوي لـ"اسم الموقع".
إشكالية استلام الموقع
عمل مكتب التواصل على محتويات الموقع لمدة ثلاث سنوات وجهز له 130 صفحة بعدما تسلمت شركة صغيرة أسسها طلاب من الجامعة اللبنانية إنشاء الموقع. ووقع الخيار عليها بعدما تبين أن العروض التي قدمتها شركات عدة كانت بمئات الاف الدولارات، بينما قدمت هذه الشركة الموقع للجامعة، بالتقنيات نفسها، بقيمة عشرين ألف دولار.
تلقت الشركة 15 ألف دولار فقط، وسلمت الموقع إلى مكتب التواصل ومركز المعلوماتية في العام 2021. وكان المطلوب للتسليم النهائي حصول الشركة على براءة ذمة مالية. فحينها كانت قيمة المبلغ المتبقي، أي 5 آلاف دولار، نحو 8 ملايين ليرة، وحرر للشركة شيك مصرفي بهذه القيمة التي كانت على سعر الصرف في السوق توازي حفنة دولارات. وحصلت إشكاليات حول هذا الأمر، لكن لاحقاً تخلت الشركة عن هذا المبلغ المتبقي، وطلبت براءة ذمة كي تسلم الموقع لمركز المعلوماتية ويصبح بعهدة الجامعة.
مرت السنوات ولم تحصل الشركة على براءة الذمة المالية. فقد تبين أن ثمة أوراقاً فقدت في إحدى دوائر الإدارة المركزية، ما حال دون منح الشركة براءة ذمة. وربما أخذ موضوع فقدان الأوراق كذريعة لعدم استلام الموقع، لأن قسم المعلوماتية لم يعد فيه مهندسون لتولي صيانة الموقع وتحديثه. علماً أن الموقع اختفى مؤخراً عن الشبكة كلياً، ولم يعد يعثر عليه لدى البحث عبر "غوغل".
لا يوجد مهندسو معلوماتية
منذ بدء العمل على إنشاء الموقع وقفت جهات عدة ضده، وحاولت عرقلة مسار الانتقال إلى موقع موحد لغايات مجهولة. ووفق مصادر مطلعة على التفاصيل التقنية في مركز المعلوماتية، ثمة مشاكل عدة تعيق عمل المركز. فهناك وحدة واحدة في المركز تعمل حالياً بشكل شبه منتظم من بين الوحدات الثلاثة فيه، وهي الوحدة المسؤولة عن منصات بيانات الطلاب والأساتذة وعرض العلامات والتسجيل وغيرها. أما مهندسو وحدة شبكة الانترنت والمعلوماتية فتركوا لبنان، وهم يعملون من الخارج (أونلاين) عند الضرورة، هذا فيما لا يوجد في الوحدة المسؤولة عن موقع الجامعة الحالي إلا شخص واحد. وبالتالي، لا يستطيع الاهتمام بالموقع الحالي، فكيف له أن يهتم بالموقع الجديد.
وتضيف المصادر، أن الجامعة تفتقد لمهندسين بالمعلوماتية بعدما هاجر معظمهم إلى الخارج بسبب تراجع قيمة البدلات المالية التي كانوا يتقاضونها. وقد ترك جميع المهندسين مركز المعلوماتية وهاجروا، واضطرت الإدارة المركزية للحفاظ على عقود من سافروا لقاء تقديم خدمات من بعد، عندما تطرأ أعطال. بمعنى آخر، تقديم خدمات مجانية من الخارج لقاء الحفاظ على عقودهم عندما يعودون إلى لبنان. وفيما تحاول الإدارة المركزية تنظيم مبدأ المداورة في مركز المعلوماتية من مهندسي المعلوماتية في الكليات ليوم واحد في الأسبوع، يواجه هذا الأمر بالرفض غالباً، نظراً لتراجع قيمة البدلات المالية التي تدفعها الجامعة. كما أن الشركات الخاصة ترفض تقديم هذه الخدمات لأن الجامعة تتعامل بالليرة اللبنانية.
مدير قسم المعلوماتية، الدكتور مصطفى السارجي، أكد أن الموقع موجود على الشبكة. لكنه قيد الإنشاء حالياً، وثمة فريق يعمل على زيادة بعض التفاصيل والصفحات عليه. كما أنه يعمل على الحفاظ على الداتا القديمة، لعدم خسارة المشاهدات والزيارات للموقع القديمة، لأنها مرتبطة بالتصنيف QS الذي تشارك فيه الجامعة. ونفى عدم وجود مهندسين للاهتمام بالموقع، مشيراً إلى أن تأخر تسلمه النهائي من الشركة كان بسبب غياب أحد أعضاء اللجنة المكلفين بالاستلام. لكن كل هذه الأمور ستحل ويبصر الموقع النور قريباً.