المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الجمعة 30 تموز 2021 14:58:12
شهدت محافظة درعا جنوب سوريا حربا حقيقية منذ ساعات صباح الخميس الأولى، انطلاقا من الريف الشرقي للمحافظة مرورا بالمدينة وصولا إلى الريف الغربي، بين القوات الحكومية والأجهزة الأمنية التابعة لها من جهة، ومسلحين محليين من جهة أخرى، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. وهذه الاشتباكات الواسعة تعد الأعنف والأكبر منذ سيطرة قوات الحكومة السورية على كامل محافظة درعا قبل نحو 3 سنوات. فما الذي يحصل في درعا؟
رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، العميد الركن الدكتور هشام جابر أكد لـ"المركزية" أن المشكلة بدأت في سوريا في درعا ومن المفترض ان تنتهي فيها. حصلت عدة مصالحات لكنها لم تنتهِ نهائياً كما انتهت في أكثر من منطقة، وتتأزم مجدداً من وقت لآخر. ففي ضواحي دمشق والاحياء القديمة وفي الغوطة الغربية والشرقية نعرف كيف بدأت الحرب وكيف انتهت... لماذا لم تنته درعا؟ لأنها تتمتع بخصوصية مميزة، أولاً من حيث موقعها الجغرافي في الجنوب السوري، تشكل قلب منطقة حوران وقريبة من عدة مفاصل مهمة، فهي قريبة شرقا من جبل الدروز او جبل العرب وغرباً من منطقة قَطَنا وصولا الى حدود الجولان المحتل. وهناك درعا المدينة القديمة او البلد ودرعا الكبرى. النظام سيطر على المفاصل الاساسية التي تؤدي الى درعا لكنه لم يسيطر على درعا المدينة القديمة. وثانيا تتمتع بخاصة ديموغرافية، لأنها تضم قبائل وعشائر وعائلات ومعارضين للنظام. حاول النظام السوري إجراء مصالحات، لكنها كانت تتوقف عند حدود معينة. ومن وقت الى آخر، يتوسع الموجودون داخل درعا ويتم خرق للاتفاقات التي كانت تحصل بكفالة العائلات والعشائر وتعود الأمور خطوات الى الوراء، فيستعجل النظام السوري ويحاول مجددا تهدئة الامور كي تعود الى الستاتيكو اي الوضع القائم الذي لا يُعتبر مثالياً او كما يأمل فيه النظام السوري منذ سنوات".
وأشار جابر الى "ان ما يحصل في درعا لا يشكل خطراً او يهدد بإعادة انتشار الفوضى او التمرد في سوريا او ان يتوسع القتال كما حصل سابقا، لأن هذا الموضوع انتهى وانطوت الصفحة، إنما ستبقى درعا بؤرة تشغل النظام السوري الى ان يتم حل نهائي لها. يحاولون من وقت الى آخر، كما يحاولون اليوم ايضا، جمع السلاح الثقيل والمتوسط. وهذا يعني ان معارضي النظام في درعا يحتفظون بالسلاح الخفيف، كما يعني أيضاً ان لا سيطرة للنظام هناك. على خط آخر، أصدر الرئيس السوري أكثر من عفو بحق كل معارض في درعا يرمي السلاح ويسلّم نفسه ويذهب الى مراكز التأهيل. وقد تقدّمت بعض المجموعات وسلمت سلاحها كي يعاد تأهيلها ويُعفى عنها. لكن من جانب آخر، يؤكد البعض ان هذا الكلام غير صحيح مئة في المئة، وان بعض ممن سلموا انفسهم تعرضوا للملاحقة. هنا أوقع النظام نفسه في مشكلة، والمطلوب اعادة الثقة، وهذه واجبات النظام، وذلك بكفالة العائلات والعشائر الموجودة في المنطقة".
ولفت جابر الى ان درعا تختلف عن إدلب كثيرا، لا يمكن المقارنة، اولا جغرافيا ومن ثم درعا لم تتجمع فيها منظمات ارهابية كالنصرة وأحرار الشام وغيرها كتلك الموجودة في ادلب. في درعا مسلحون معارضون للنظام ويشكلون خطرا على الامن السوري جنوبا، تتولى رعايته ومعالجته اولا الدولة السورية ومن ثم العشائر بمؤازرة الشرطة العسكرية الروسية، إذ لا يوجد في درعا نفوذ تركي او اميركي، فقط الدولة السورية والروس والعشائر. وتلعب روسيا دوراً مهماً هناك".
وختم جابر: "لا يمكن ان نقول ان قصة درعا ستنتهي غدا، فهي مستمرة منذ عشر سنوات، ولو كانت ستُحل لكانت أُعلنت ببساطة مدينة مفتوحة ودخل اليها النظام. ففي الحسكة والرقة الدولة السورية موجودة بأجهزتها والشرطة والدوائر الرسمية، أما في درعا المدينة فلا سيطرة للنظام. لكن لا شك ان صمود درعا طيلة هذه السنوات، يؤكد ان هناك أيادي خارجية تساعد وتموّل المسلحين وتستعملهم كورقة تساوم عليها النظام السوري".