لجنة الطوارئ الحكومية "حاضرة"... فهل تناسب المرحلة؟

تلقّت حكومة تصريف الأعمال انتقاداتٍ في مرحلة يقف فيها لبنان أمام هاوية المواجهات القتالية الأكثر ضراوة، مع مخاوف أكثر تفاقماً من حرب شاملة لا تكون ثمة قدرة للسيطرة على تفجّر شظاياها. كانت الحكومة شكّلت لجنة طوارئ بعد انطلاق شرارات جبهة محور "الممانعة" جنوب لبنان، لكنّ هناك من لا يأخذ بها على المستوى الداخليّ اللبنانيّ ومن يقلّل من جدواها كخوذة دفاعيّة تحديداً.

وفيما يرفض مصدر رسميّ على نطاق رئاسة الحكومة اللبنانية توجيه اللوم للمجلس الوزاريّ، يسرد الطريقة التي تواكب من خلالها رئاسة الحكومة الأوضاع الناريّة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية والتي اتجهت قبل أيام نحو اضطرام قتاليّ أكثر احتداماً. يقول إنّ "هناك لجنة طوارئ كانت شكّلت برئاسة وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين منذ أن بدأت الأحداث الحربية في الجنوب اللبنانيّ، وهذه اللجنة مستمرّة في اجتماعاتها بعيداً من الإعلام لعدم إثارة الهلع". وبحسب معطيات استقتها "النهار"، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في الساعات الماضية اتصالات بوزراء معنيين في إطار العمل على تحديث الإجراءات التي كانت اتّخذتها سابقاً اللجنة الوزارية. وإذ يطلع الوزراء المعنيون رئيس الحكومة على ما يتّخذ من خطوات إضافية لا بدّ منها، يؤكد من يطّلع على تنظيم تلك التفاصيل أنها "ستبقى ضمن إطار المعالجة الهادئة رغم عدم حديث الحكومة ورئيسها عن هذه التفاصيل، من دون أن يعني ذلك التغافل عن المتابعة لحلها".

يقلّل بعض الذين لديهم ملاحظات على عمل الحكومة من جدوى اجتماعاتها في ظلّ عدم توافق جميع الوزراء ومقاطعة عدد منهم لانعقاد الجلسات الوزارية، ما يخفّض قدرتها على مواجهة التحديات جنوب لبنان، إضافة إلى عدم حيازتها قرار السلم والحرب حالياً، رغم أنه من ضمن صلاحياتها. وثمة من يأخذ على غياب التعاون السياسيّ مع الدولة اللبنانية حتى يكون في إمكان السلطة الرسمية أن تساعد في الحالات غير المستقرّة قدر المستطاع. وإذ يحصل في كلّ دولة إنشاء الهيئة العامة لإدارة الكوارث على تنوّعها في الحرب والسلم، مع ضرورة تحديد دور الدفاع المدني وكلّ وزارة أو مؤسسة حكومية أو مستشفى، فإنّه يجري تشكيل مجلس وزاريّ مصغّر أو لجنة طوارئ حكومية لمتابعة المراحل المفتقرة إلى الاستقرار. ولطالما اتخذ لبنان تدبيراً كهذا بالحدّ الأدنى أو أعلن حالة الطوارئ متى كانت المشكلة أكبر.

وكان لبنان قرّر على سبيل المثال إعلان حالة الطوارئ في بيروت لمدّة أسبوعين على إثر انفجار مرفأ بيروت الذي هزّ العاصمة اللبنانية في 4 آب 2020. وكانت الدولة اللبنانية تلجأ في مراحل سابقة تاريخياً إلى الإعلان عن مناطق عسكرية يتولاها الجيش اللبنانيّ حصراً، عندما كانت الحروب تلقي بقنابلها على كاهل لبنان. ثم تغيّرت الأوضاع بعدما بات القتال في يد محور "الممانعة". وهناك انطباعات عسكرية لبنانية، فحواها أنّ الجيش اللبنانيّ لم يوضع في حال استنفار حتى الآن، وكذلك الدفاع المدني وما تبقى من أجهزة لبنانية. رغم أنّ هناك ترتيبات متّخذة، لكنها اجتماعية وصحية بشكل خاصّ. وثمة من يقلل من جدوى أي تطور قد تتخذه الدولة اللبنانية على تنوّعه، في غياب قرار السلم والحرب. وتشمل الانتقادات مجلس النواب اللبنانيّ بسبب عدم اجتماعه وتفرّق نوابه في هذه المرحلة، لكنه وإن اجتمع لا يشكّل سلطة تنفيذية.

من ناحيتها، تحاول الحكومة اللبنانية حالياً إبعاد الحرب الشاملة عن لبنان مع رهانها على إمكان التوصل إلى حلّ ديبلوماسيّ. وهي لم تعلن حالة الطوارئ في لبنان لكنها اكتفت بعمل لجنة الطوارئ الوزارية حتى اللحظة. وفق ما يصدر عن رئاسة الحكومة اللبنانية، كان ميقاتي واضحاً في تحديد أطر المعالجة مع استمرار الاتصالات قبل حصول حادثة مجدل شمس، إذ عقد سابقاً لقاءات مع معنيين وزاريين إضافة إلى اتصالات بمسؤولين دوليين بعيداً من الإعلام صبّت في خانة المعالجة الهادئة. ثم فرضت الاتصالات الخاصة بمتابعة ما حصل في مجدل شمس نفسها على المشاورات التي أجراها رئيس الحكومة. وهو تواصل مع وزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي وينتظر وصول وفد رسميّ سيلتقيه بعد أيام، وسط تأكيد لاستمرار مساعي الهدنة لتحييد لبنان عن الاحتدام. وفيما تجري اتصالات سياسية في سبيل خفض التوتر ودرء الاعتداءات الإسرائيلية، تؤكد الجهات الدولية التي تتواصل مع ميقاتي استمرار المساعي لعدم تفلّت الوضع.

دستورياً، تنصّ المادة 65 من الدستور اللبنانيّ على أن السلطة الإجرائية تناط بمجلس الوزراء، وهو السلطة التي تخضع لها القوات المسلحة. من صلاحيته: وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها. السهر على تنفيذ القوانين والأنظمة والإشراف على أعمال كلّ أجهزة الدولة من إدارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء. تعيين موظفي الدولة وصرفهم وقبول استقالتهم وفق القانون. حلّ مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية إذا امتنع مجلس النواب لغير أسباب قاهرة عن الاجتماع طوال عقد عادي أو عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدّة كلّ منهما عن الشهر أو في حال ردّه الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة، ولا يجوز ممارسة هذا الحق مرّة ثانية للأسباب نفسها التي دعت إلى حلّ المجلس في المرّة الأولى. يجتمع مجلس الوزراء دوريّاً في مقرّ خاص ويترأس رئيس الجمهورية جلساته عندما يحضر ويكون النصاب القانوني لانعقاده أكثرية ثلثي أعضائه، ويتخذ قراراته توافقياً، وإذا تعذّر ذلك، فبالتصويت، ويتخذ قراراته بأكثرية الحضور، أما المواضيع الأساسية فتحتاج إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها. مواضيع أساسية: تعديل الدستور، إعلان حالة الطوارئ وإلغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامّة، الاتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الإنمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الأولى وما يعادلها، إعادة النظر في التقسيم الإداري، حلّ مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الأحوال الشخصية، إقالة الوزراء.