المصدر: نداء الوطن
الكاتب: باتريسيا جلاد
الثلاثاء 19 كانون الاول 2023 06:32:00
تواجه العملية الحسابية للضريبة على الدخل ولا سيما ضريبة الباب الأول على الأرباح التجارية والصناعية وغير التجارية (شركات وأشخاص)، ومنها ما هو محتسب على اساس الربح المقطوع كمكلفي المهن الحرّة مثلاً أو الربح الحقيقي كسائر المكلفين ومنهم المؤسسات التجارية والصناعية الفردية أو الشركات، تعقيدات في كيفية احتسابها. اذ لا يزال يحتسب البعض منها على اساس سعر الصرف الرسمي وهو حالياً 15 ألف ليرة، في حين يتمّ تقاضي الضريبة على القيمة المضافة من المستهلك النهائي وفق سعر صرف السوق السوداء أما في التعامل بين المتعاقدين أو بالأحرى بين المحترفين من غير المستهلكين كما حددهم المرسوم 11230 تاريخ 18/4/2023 المعدّل للمرسوم التطبيقي 7308/2002 BTB أي قبل وصول السلعة الى المستهلك النهائي، فيعتمد سعر صيرفة.
لذلك صار كل المهنيين بمن فيهم المحامون الخاضعون للـ TVA والشركات التي تبيع الى بعضها سلعاً قبل أن تصل الى المستهلك النهائي، يُفوترون على أساس سعر صيرفة. ما يخلق مشكلة في تصريح ضريبة الدخل (الباب الأول). مع الإشارة الى أن المرسوم 11230 قد لحظ في البند خامساً الحالة التي يكون المكلف قد استوفى فيها الضريبة على القيمة المضافة إستناداً إلى قيمة العملة الفعلية التي تفوق الضريبة المتوجبة وفقاً لما هو محدد في المرسوم، فعندها يتوجب التصريح وتسديد الضريبة وفقاً للقيمة المستوفاة.
ضريبة الرواتب والأجور... «معركشة»
ويقول المحامي د. كريم ضاهر لـ»نداء الوطن»: ورد في مشروع موازنة 2024 بالنسبة الى الرواتب والأجور، بند (المادة 25) يوصي، من أجل احتساب الضريبة المتوجبة على الرواتب والأجور المدفوعة بالعملات الأجنبية، أن يتم تحويل الرواتب والأجور إلى الليرة وفقا لأحكام المادة 35 من القانون النافذ حكماً رقم 10 تاريخ 15/11/2022 (أي راهناً على سعر 8,000 ل.ل أو 15,000 ل.ل عملاً بالقرارين رقم 2/1 و3/1 تاريخ 9/1/2023) وذلك، من أجل احتساب التنزيلات والشطور، ثم يتم تحويل الضريبة المحتسبة إلى العملة الأجنبية التي دفعت فيها الرواتب والأجور على أساس سعر الصرف وفق المنصة المعتمدة من مصرف لبنان. هذا النظام المعتمد أقل ما يقال فيه انه «معركش» وتمّ تعليقه من نواب لجنة المال والموازنة وأعيد الى وزارة المال لإعادة درسه.
ضريبة بالدولار
وعلى العكس، يتمّ في ما يتعلق بالضرائب على رؤوس الأموال المنقولة من الخارج، تقاضي ايرادات عن إستثمارات تتم خارج لبنان بالعملة الأجنبية بالدولار أو اليورو، ونسبة الضريبة المعتمدة بموجب الباب الثالث من قانون ضريبة الدخل هي راهناٌ بنسبة 10% وهي غير تصاعدية لذلك من السهل في تلك الضريبة أن يتم تقاضيها بالعملة الأجنبية نفسها وفقاً لآلية محددة يتم العمل عليها وإعدادها من قبل الدوائر المختصة في وزارة المالية، عملاً بأحكام القانون رقم 10 تاريخ 15/11/2022 (قانون موازنة العام 2022) ولا سيما المادة 87 منه والتي تسمح بتقاضي الضريبة بالعملة الأجنبية التي تمّ تحقيق ربح فيها، ربح باليورو أو بالدولار. وللغاية أجازت المادة 19 في قانون موازنة العام 2022 عينه، للدولة فتح الحساب بالعملة الأجنبية وتقاضي بعض الضرائب والإيرادات الأخرى بالعملة نفسها.
ضريبة الأرباح التجارية
وبالعودة الى كيفية إحتساب ضريبة الدخل الباب الأول على الأرباح التجارية، فهي قائمة راهناٌ على ثلاثة اسعار صرف للإيرادات بالعملة الأجنبية، هناك سعر الصرف الرسمي 15 ألف ليرة وسعر صيرفة 85500 ليرة وسعر السوق السوداء 90 ألف ليرة، كيف ستحتسب عملية التحويل من العملة الأجنبية الى العملة الوطنية؟
وفق تلك المعادلة، إما سيتمّ احتساب الضريبة مباشرةٌ وفق واقع الحال الفعلي على أساس الدولار ما يلغي الليرة وهذا خيار وقرار استراتيجي خطير ويخفّض من إمكانيات الدولة السيادية. وسبق أن حصلت تجربة سيئة على هذا الصعيد خلال الأعوام من 1993 إلى 1998 مع الأرجنتين.
من هنا لا يمكن الحصول على جواب واحد حول كيفية إحتساب الضريبة وفعاليتها والدور الذي يقتضي أن تلعبه. فالضرائب يتمّ تقاضيها مبدئياً بالليرة بموجب القوانين النافذة إلا تلك التي إستثنتها المادة 87 الآنفة الذكر وسمحت باحتسابها وتسديدها بالعملة الأجنبية للإيراد، وخلال السنوات الثلاث التي مضت، كانت وفق سعر 1500 ليرة والعام الجاري وفق سعر 15 ألف ليرة في حين أن الربح الفعلي والحقيقي يتخطى هذه القيمة بأضعاف.
وبالنسبة الى ضريبة الأرباح وتحديداً الدخل، فهي تجزّأ وفقاً لقانون ضريبة الدخل الى 3 أبواب: الأول هو الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية وغير التجارية وهذه الضريبة نوعاً ما تشمل كل أعمال المهن الحرة والتجّار والصناعيين من شركات وأفراد.
أما الباب الثاني فهو الضريبة على الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد، فتطال كل الموظفين والأجراء في القطاعين الخاص والعام.
ضريبة الرواتب والأجور
الإطار الوحيد الواضح هو اطار الرواتب والأجور. فالعام الماضي ذكر قانون الموازنة رقم 10/2022 في المادة 35 منه أنه يتمّ تسديد الرواتب والأجور وفقاً للسعر الفعلي والذي يتمّ تحديده بموجب قرار صادر عن وزير المالية وحاكم مصرف لبنان.
وفوراً بعد صدور الموازنة بادر وزير المالية إلى إصدار قرارات عدة من القرار رقم 683 الى 688 حدّد فيها السعر الفعلي ليس فقط للرواتب والأجور وانما ايضاً للبيوعات العقارية، التقييم العقاري، رسم الطابع المالي ورسوم الإنتقال. وقد وقع مع حاكم مصرف لبنان على القرار رقم 678/1 تاريخ 23/11/2023 الذي حدد القيمة الفعلية بالليرة اللبنانية للرواتب والأجور التي تستحق على أرباب العمل لصالح العاملين لديهم كلياً أو جزئياً بالدولار الأميركي أو باي عملة اجنبية أخرى.
وبالنسبة الى الضريبة على الأرباح على الرواتب والأجور حدّد وقتها السعر الفعلي للمبالغ المدفوعة نقداً بالعملة الأجنبية وفق سعر صيرفة. ما خلق مشكلة كبيرة لأنه تبين أن احتساب الضريبة وفق اسعار صيرفة مع الإبقاء على نفس الشطور والتنزيلات المعتمدة بموجب قانون الموازنة رقم 10/2022 يبقي نسبة الضريبة مرتفعة وعبأها ثقيلاً ومجحفاً لأنها تؤذي أجراء الرواتب المتدنية نوعاً ما ولو كانت بالدولار الأميركي، نظراً لعدم وجود مقابل وتقدمات تؤمنها الدولة له للتخفيف من أعبائه العائلية والإجتماعية والحياتية.
ونتيجة كل تلك الإعتراضات غيّر وزير المالية وحاكم مصرف لبنان القرارين رقم 686 /1 و687/1 تاريخ 23/11/2022 واستبدلاهما بالقرارين رقم رقم 2/1 و3/1 تاريخ 9/1/2023، على الرواتب والأجور التي يتم تقاضيها بالعملة الأجنبية بدءاً من تاريخ 15/11/2022، باعتبار أن الرواتب بالليرة لا تواجه أية مشكلة، تدفع الضريبة وفقاً للشطور المحددة في القانون رقم 10/2022، بالعملة الأجنبية. استناداً الى القرارين، يتم تحديد السعر باللولار على أساس 8000 ليرة شيكات. وكل ما تمّ استيفاؤه نقداً يحتسب على اساس 15 ألف ليرة، وبقيت الأمور كما هي عليه لتاريخ اليوم لأنه لم تصدر بعد موازنة جديدة لسنة 2023 وإنما للعام 2024.
واعتمد سعر 15 ألف ليرة عوضاً عن 1500 ليرة كسعر رسمي واعتمده مصرف لبنان بنشراته أيضاً. وبما أن السعر الرسمي للدولار 15 ألفاً، أكثرية الأفراد الذين يتقاضون راتباً بالدولار يسددون الضرائب على أساس دولار 15 الف ليرة. إنما هناك مشكلة ستستجدّ لمن يخضع للضريبة على القيمة المضافة، فتتمّ الفوترة مع TVA. لماذا؟
صدر المرسوم 11230 تاريخ 18/4/2023 المعدّل للمرسوم التطبيقي 7308/2002 كما جئنا على ذكره آنفاً وفيه السعر الذي تحدّد على أساسه الضريبة على القيمة المضافة. وأوحى بصورة غير مباشرة أن الأشخاص الذين يبيعون للمستهلك النهائي يجب أن تحدّد الضريبة لهم على سعر صرف الدولار الفعلي في السوق السوداء. أما في ما بين المتعاقدين BTB، الأشخاص الذين يتعاملون معا قبل وصول السلعة الى المستهلك النهائي (سماهم المحترفين من غير المستهلكين ) فسيعتمدون سعر صيرفة. لذلك بات كل المهنيين بمن فيهم المحامون الخاضعون للـTVA والشركات التي تبيع الى بعضها سلعاً و/أو خدمات قبل أن تصل الى المستهلك النهائي، يفوترون على أساس سعر صيرفة وهو 85500 ليرة. ما سيخلق مشكلة في تصريح ضريبة الدخل (الباب الأول).
بعد انتهاء السنة، الخاضعون للربح المقطوع يصرّحون قبل 1 شباط أما الربح الحقيقي فقبل1 نيسان والشركات تصرح قبل 1 حزيران. كيف ستحتسب؟ اذا احتسبوا الـTVA وفق سعر صيرفة عندها ستخلق مشكلة عدم تطابق الأرقام مع بعضها رغم اقتراب سعر «صيرفة» من سعر السوق السوداء في الوقت الراهن، لكن من يحتسب على الدولار الـ»فريش» سيحتسب على «صيرفة» لتطابق الأرقام، أو سيعتمد بعضهم الآخر على السعر الرسمي 15 الف ليرة للدولار بالرغم مما تقدم على أساس أنه السعر الرسمي الوحيد، وقد أكدت إجتهادات عديدة وآراء لهيئات مختصة على هذا الموضوع ونقضت كل شرعية لمنصة صيرفة.
التباس مع وزارة المال
هذه المسألة متروكة لخيار كل طرف. ولكن ستخلق مشكلة كبيرة والتباساً مع وزارة المالية وعندما سيحين وقت التدقيق ستحتسبه وزارة المالية أقله على سعر صيرفة إن لم يكن على سعر السوق. وهذا سيخلق مشكلة ترتّب على مجلس شورى الدولة الفصل بهذا الموضوع في حال اعترض المكلفون على التكاليف التي سوف تصدر بحقهم.
ونعلم أن هناك اليوم آراء متضاربة، حتى أن لجنة التشريع والإستشارات ناقضت نفسها وأعطت رأياً للضمان الإجتماعي قررت فيه أن السعر الوحيد هو السعر الرسمي، وغيرت رايها بعدها. وقالت في آخر رأي بناء على استشارة وزير الإتصالات أن السعر المعتمد هو صيرفة.
الباب الثالث
ضريبة رؤوس الأموال المنقولة. المادة 87 من قانون الموازنة رقم 10/2022 حددت الإيرادات الأجنبية كل ما هو محصل من سندات وأسهم يسدّد بالعملة الأجنبية. كما أن كل ما هو خاضع للمادة 51 من القانون رقم 497/2003 وبعض الإيرادات الإئتمانية وسندات الخزينة بالعملة الأجنبية. بقيت إيرادات رؤوس الأموال المنقولة في لبنان التي تسدد توزيع أرباح وفوائد وغيرها، من المرجح أن الشركات والمؤسسات تعتمد بالنسبة إليها راهناً السعر الرسمي وهو 15 ألف ليرة.