المصدر: المدن
الكاتب: وليد حسين
الخميس 21 آب 2025 02:39:00
ما إن أنهت وزيرة التربية ريما كرامي تصريحها من القصر الجمهوري حول إبقاء دوام التدريس في المدارس الرسمية لأربعة أيام في الأسبوع، مع زيادة وقت الحصة إلى خمسين دقيقة، حتى تصاعدت صرخة الأساتذة. فقد اعتبروا أنها أخلّت بالاتفاق مع روابطهم بعدم تغيير الدوام قبل تحسين الرواتب. وهم يصرّون على أن بذل أي جهد إضافي يجب أن يقابله دفع الدولة أموالاً إضافية، لاسيما أن رواتبهم ما زالت دون الخمسين في المئة عما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية.
نقمة من الأهل والأساتذة
وكانت كرامي أعلنت قبل يوم عن الإبقاء على الدوام المدرسي في المدارس الرسمية لمدة أربعة أيام، فتصاعدت صرخة أهالي الطلاب. فهم كانوا ينتظرون عودة دوام الخمسة أيام، لأن فرصة ثلاثة أيام أسبوعياً تعتبر طويلة جداً، ولا طاقة للأهل على تحملها. ورغم أن كرامي لم تستطع تغيير الدوام لتعيده إلى وضعه الطبيعي، فقد التبس الأمر عند المواطنين لأنهم اعتقدوا أنها خفضت الدوام من خمسة أيام إلى أربعة، رغم أن التخفيض ما زال قائماً منذ ثلاث سنوات.
في المحصلة، خرجت كرامي بعد هذين التصريحين (دوام الأربعة أيام، وزيادة وقت الحصة من 45 إلى 50 دقيقة) غير مرضي عليها، لا من أهالي الطلاب ولا من الأساتذة. فالموضوع إشكالي ودونه عقبات كثيرة: تربوياً يفترض إعادة العمل بالدوام الرسمي الكامل وهذا أحد حقوق الطلاب في القطاع الرسمي، لكن مالياً لا يقبل الأساتذة العمل من دون أجر مقابل. وأحد شروط عودتهم للتعليم من إضرابات العام المنصرم كان الإبقاء على تقليص الدوام لأربعة أيام.
وكانت كرامي التقت رئيس الجمهورية جوزاف عون في قصر بعبدا لإطلاعه على الاستعدادات الجارية للعام الدراسي يوم أمس الأربعاء في 20 آب. وأكدت إعادة اعتماد الدوام رسمي في المدارس الرسمية لمدة أربعة أيام، متمنية أن يعود التدريس إلى خمسة أيام في العام 2027. وأعلنت عن رفع مدة الحصة إلى خمسين دقيقة، موضحة أنها ستعمل على إعادة تصحيح أجور الأساتذة. علماً أنها التقت روابط الأساتذة الأسبوع الفائت، وطالبت بإبقاء القديم على قدمه، أي عدم تعديل وقت حصص التدريس، وعدم اعتماد خمسة أيام في الأسبوع. لكن أقدمت كرامي على رفع مدة الحصة، و"هذا أمر غير متفق عليه"، كما أكد رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد لـ"المدن".
التلويح بخطوات تصعيدية
وشدد جواد على أنه لم يحصل أي اتفاق بين الروابط وكرامي على زيادة وقت حصة التدريس، بل جرى الاتفاق على بقاء الأمور على حالها إلى حين تحسين الرواتب. وكان من الطبيعي رفض ما جاء على لسانها بخصوص زيادة الحصة خمس دقائق. فالمسألة ليست في الخمس دقائق. فمجموع فارق الحصص يعادل نصف ساعة باليوم، بما مجموعه ساعتا تدريس إضافية في الأسبوع. وهذه الساعات تعادل نصف يوم عمل، بحسب الدوام المتعمد في السنوات الأخيرة.
وأضاف جواد أن روابط المعلمين عبرت في لقائها مع كرامي عن استعدادها للعودة إلى التعليم بدوام كامل ولمدة خمسة أيام، شرط إقرار سلسلة رتب ورواتب جديدة تعيد مداخيل الأساتذة إلى ما كانت. لكن التفرد في زيادة الحصة ولو خمس دقائق، سيدفعنا إلى خطوات تصعيدية ما لم تتأمن بدلات مالية إضافية.
صناديق المدارس ومجانية التعليم
إشكالية بدء العام الدراسي، بعد نحو ثلاثة أسابيع، لا تقتصر على "كباش" محتمل مع روابط المعلمين بعد زيادة وقت الحصص التعليمية. فضعف تمويل الدولة لصناديق المدارس، وعدم دفع مستحقات الصناديق (ستة ملايين ليرة عن كل تلميذ) دفع ببعض مدراء المدارس إلى الطلب من كرامي اتخاذ قرار بفرض رسم تسجيل على الأهل، بنحو خمسين دولاراً. وبرزت هذه المطالبة في اللقاء مع روابط المعلمين. لكن كرامي لم تبد حماسة للموضوع لأن سلفها عباس الحلبي كان قد حاول، فانهالت عليه الانتقادات وتراجع عن القرار. ولذلك، هي وعدت بدراسة الأمر قبل الذهاب نحو هذا الخيار غير الشعبي.
وشرح جواد أن بعض المدراء، حرصاً على تأمين مداخيل إضافية لصناديق المدارس ومجالس الأهل، طالبوا كرامي بقرار فرض الرسوم، لكن رابطة المعلمين رفضت تحميل الأهل أي رسم. فمن واجبات الدولة زيادة المخصصات المالية للصناديق والحفاظ على مجانية التعليم. وكان يفترض أن تدفع الدولة ستة ملايين ليرة عن كل طالب للمدرسة، فيما الأخيرة تلقت 4.5 مليون ليرة فقط. لذا تطالب روابط المعلمين دفع هذه المتأخرات وزيادة البدل المالي عن كل طالب للعام المقبل ودفعها قبل نهاية العام الحالي، لأن صناديق المدارس فارغة.
الأساتذة المتعاقدون
ورأى جواد أن إحدى المشكلات الأساسية التي تعاني منها المدارس، جراء البدلات الهزيلة التي تدفعها الدولة عن كل تلميذ، تكمن في عدم قدرة صناديق المدارس ومجالس الأهل على دفع أجور الأساتذة المستعان بهم في فترة ما قبل الظهر، والأساتذة المتعاقدين على نفقة صندوق المدرسة.
وشرح أن هناك نحو 1800 متعاقد على نفقة صندوق المدارس، وعدت وزيرة التربية بنقل عقودهم على حساب الوزارة، ليصبحوا مثل سائر المتعاقدين. وقد قطعت شوطاً كبيراً في إعداد مشروع لعرضه على الحكومة. ومن شأن هذا الأمر تخفيف الأعباء عن صناديق المدارس. لكن هناك نحو 2400 أستاذ مستعان بهم للتعليم في الفترة الصباحية، وهؤلاء تدفع لهم الدول المانحة، لأن هناك طلاباً أجانب في الفترة الصباحية. وهؤلاء الأساتذة غير مستعان بهم لتعليم الطلاب السوريين في فترة بعد الظهر، على حساب الدول المانحة أيضاً. لكن روابط المعلمين طالبت بأن تصبح عقود المستعان بهم في الفترة الصباحية على نفقة وزارة التربية أيضاً، لأنهم يشكلون حاجة للمدارس. لكن من المرجح بقاء وضعهم كما هو عليه اليوم على حساب الدول المانحة لأسباب تتعلق بمالية الدولة، وعدم قدرتها على دفع مستحقاتهم.