أزمة الطحين انتهت ومناطق الأطراف تفتقد للخبز

بعد مرور نحو أسبوع على وعد وزير الإقتصاد، الشهير بحل أزمة الخبز وتوفره بالأسواق ومحاسبة المحتكرين ومفتعلي الأزمة، نرى اليوم شحاً إن لم نقل، انقطاعاً جزئياً للخبز في مناطق الأطراف لاسيما في منطقة البقاع الشمالي وقرى عكار. وتشاء الصدف ان تكون المنطقة التي تفتقر للخبز محاذية للحدود مع سوريا، فهل تستمر عمليات تهريب الطحين والخبز الجاهز إلى سوريا؟ وهل انتهت أزمة الخبز فعلياً؟

أزمة الطحين انتهت!
انتهت أزمة توفر مادة الطحين، بتأمين اعتمادات مالية واستيراد كميات وافرة من القمح، والأهم من ذلك بمواكبة مسار الطحين وآلية توزيعه، على ما تؤكد مصادر وزارة الإقتصاد. وبحسب الصورة التي رسمها وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام مؤخراً، عن أن خلية الازمة المعنية بإدارة توزيع القمح والطحين أجرت مسحاً ميدانياً في كل المناطق اللبنانية، وأن أزمة الخبز انتهت بنسبة 90 في المئة والطوابير اختفت، فذلك يعني أن الخبز بات متوفراً في كافة المناطق بالأفران ولدى الباعة.

إلا أن الواقع لا يثبت ذلك، فالعديد من الشكاوى وردت من مناطق مختلفة غالبيتها في نطاق البقاع الشمالي، تؤكد عدم وفرة الخبز في الأفران والسوبرماركت. ويفيد شاهد عيان في منطقة دورس البقاعية بأن الخبز بات متوفراً إلى حد ما في المنطقة منذ أيام لكن بكميات ضئيلة جداً ما يحتم على المواطن إجراء عملية بحث يومي على كافة المحال والافران للحصول على ربطة الخبز. وهنا لا بد من السؤال هل يتم توزيع الطحين بشكل غير متوازن أم أن الطحين والخبز لا يزال يسلك المعابر غير الشرعية إلى خارج الحدود؟

لا يستبعد مصدر أمني من المنطقة الحدودية استمرار عمليات تهريب الطحين من خلال المعابر غير الشرعية مشدداً على عدم ضبط أي كميات من الخبز أو الطحين من خلال المعابر الشرعية، ويقول المصدر في حديث إلى "المدن"، أن "لا شيء يمنع استمرار تهريب الخبز والطحين من المعابر غير الشرعية في الوقت الراهن لاسيما أن المهربين والتجار كانوا يبيعونها في وقت سابق بأسعار مضاعفة نظراً لشح المادة في الجانب الآخر من الحدود".

أما شهادات وشكاوي المواطنين في المناطق الداخلية خصوصاً في مدينة بعلبك ومحيطها، عن شح الخبز وانقطاعه في قرى وبلدات، إنما يدل على تسرّب في مكان ما، وإن لم يكن عبر التهريب فمن خلال التخزين وربما الإحتكار.

سوء توزيع!
يبلغ حجم الإستهلاك المحلي من الطحين نحو 27 ألف طن شهرياً وكل طن ينتج قرابة 1300 ربطة خبز أبيض، يُحسم منها كميات ضئيلة للخبز الوسط، وخبز الشاورما وخبز المطاعم على أنواعه. هذه الكميات لم تتغيّر منذ نحو عام ونصف العام، وهو ما يؤكده رئيس نقابة صناعة الخبز طوني سيف في حديث إلى "المدن"، فـ"الكميات التي كانت تكفينا في وقت سابق تكفي السوق المحلية اليوم أيضاً، باستثناء خلال شهر حزيران الفائت، حين شح الطحين ووقعت الأزمة، أما اليوم فلا أزمة بتوفر الطحين في كافة المطاحن على مساحة لبنان".

إذا لماذا نشهد نقصاً في الخبز في مناطق الأطراف؟
يجيب مصدر من وزارة الإقتصاد في حديث إلى "المدن" قائلا "إن المشكلة تكمن في آلية التوزيع الحالية، فكل فرن يستلم حصته من الطحين بشكل يومي لكن ذلك يتسبب بشح الخبز في وقت بعد الظهر. وعلى الأفران أن تُحسن إدارة استخدام الطحين تجنباً للإنقطاع". ويوضح المصدر إن "الحل يكمن بالتوزيع عن 3 أيام دفعة واحدة وهو ما تعمل عليه المطاحن والوزارة اليوم تجنباً لأي إرباك أو شح بالخبز".

وإذ يطمئن المصدر بان القمح موجود والطحين موجود، يستدرك بالقول:"أما إذا كان هناك من أفران لا يتوفر فيها الخبز فإن على الاجهزة الأمنية التشدد حيالها. علماً أن الأجهزة الامنية تواكب مسار حصص الطحين من المطحنة إلى الفرن، وعليه لا تبرير لأي شح بالخبز في أي منطقة مهما كان الوضع".

وقد ثبتت فعلياً استمرار عمليات احتكار الطحين، منها ما كشفت عنه المديريّة العامّة لأمن الدّولة يوم أمس حين دهم عناصرها أحد الأفران في بلدة المحمّرة - عكّار، حيث عمد صاحب الفرن إلى إخفاء كميّة من الطحين المسلّم له في مكان خارج المستودع ولم يصرّح عنها. ما استدعى إغلاق الفرن وختمه بالشمع الأحمر، وتوزيع الخبز المضبوط على دور الأيتام في عكّار عملاً بإشارة القضاء المختصّ.