أساتذة المدارس الخاصة: فرصة أخيرة الإثنين قبل إعلان الإضراب

ثمة فرصة أخيرة أمام اتحاد أصحاب المؤسسات التربوية الخاصة لتلافي الإضراب، ووقف التلاعب بمصير أكثر من 800 ألف طالب بالقطاع الخاص. فنقابة المعلمين في المدارس الخاصة، وبعد تخلف الاتحاد عن توقيع الاتفاق يوم أمس الخميس، كانت متجهة لإعلان الإضراب يوم الإثنين. لكن حصلت مشاورات أخيرة مساء الخميس، واستمهل وزير التربية عباس الحلبي النقيب نعمة محفوظ بعض الوقت. لذا، اكتفى المجلس التنفيذي لنقابة المعلمين بتوجيه انتقادات النقابة للاتحاد حول التخلف عن توقيع الاتفاق، لرفع معاشات المتقاعدين. وأعلن بدء تنفيذ الإضراب يوم الثلاثاء المقبل، اعتراضًا على المسار الذي تنتهجه هذه المدارس في الاستمرار بحرمان أكثر من أربعة آلاف أستاذ متقاعد من لقمة العيش. وفسحت النقابة المجال للمبادرات التي يقوم بها وزير التربية عباس الحلبي حتى يوم الإثنين المقبل. ويبدو أن الحلبي تلقى وعداً بأن يوقع الاتحاد على الاتفاق، الذي تقرر في صيغته الأولى بتسديد المدرسة مبلغ مليون ليرة في السنة عن كل تلميذ. لكن أعيد تخفيض المبلغ إلى 845 ألف ليرة، ولم يحضر الممثلون عن الاتحاد للتوقيع.

أقوى من الدولة
على حد قول أحد النواب المطلعين على الملف، "المدارس الخاصة وعدت بتوقيع الاتفاق يوم الإثنين المقبل"، وعلى هذا الأساس أجّلت نقابة المعلمين الإضراب. ويضيف، لكن مسار الأمور لا يطمئن. فقد باتت المدارس أقوى من الدولة. فهي منذ زمن بعيد تريد إدارة القطاع بلا أي ضوابط. فهي رفضت دفع سلسلة الرتب والرواتب، ورفعت الأقساط خمس مرات حينها، لدفع السلسلة. بل ولم تفعل ذلك إلا بعد انهيار العملة. وترفض الالتزام بقوانين تنظم عملها وتؤمن الكشف على ميزانيتها، وترفض تعيين خبراء محلفين. والأسوأ من ذلك أنها رفضت قانون صندوق التعويضات ولم تلتزم حتى بدفع "حسنة" للمتقاعدين. ورغم ذلك لا تخجل في مطالبة المجلس النيابي بتشريعات لإعفاءات ضريبية. لكن ربما آن الأوان للمجاهرة بأنه على المدارس الخاصة الاختيار بين أن تكون مؤسسات لا تبغي الربح وتلتزم بالقوانين الناظمة للقطاع أو أن تصبح مؤسسات ربحية وتدفع الضرائب كسائر المؤسسات التجارية.

صناديق داخل المدارس
الأعين متجهة إلى يوم الإثنين لمعرفة ما هي التنازلات التي ستقدم للمدارس الخاصة كي توقع على اتفاق، هو بالمعنى القانوني غير ملزم إلا للجهات التي توقعه. وتخوف المعنيين في هذا القطاع من رضوخ وزير التربية ومجاراة الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، التي تطالب بتأسيس صناديق داخل كل مدرسة لجباية الأموال. وهذا يفتح الباب، ليس أمام تهرب مدارس عدة من الدفع، بل التهرب من الرقابة البسيطة التي يفترض أن يمارسها صندوق التعويضات بالتعاون مع مصلحة التعليم الخاص. فوفق الاتفاق، يفترض إنشاء حساب خاص للصندوق وتقوم المدارس بدفع المتوجب عليها شهرياً مباشرة في هذا الحساب. وتقوم مصلحة التعليم الخاص بتزويد الصندوق باللوائح الأسمية لطلاب كل مدرسة، كي يتسنى له التدقيق في كيفية الدفع. أما المبلغ المتوجب، فهو دولار واحد بالشهر عن كل طالب لمدة تسعة أشهر.  
هذه الآلية غير القانونية، والتي كانت بمثابة تنازل كبير من وزارة التربية ومن نقابة المعلمين رفضتها المدارس. وعوضاً عن قيام وزارة التربية بدورها عبر مصلحة التعليم الخاص لكشف أسباب افلاس صندوق التعويضات، قبل البحث عن تغذيته اليوم، وفضح المدارس التي لم تسدد مستحقاتها السابقة، اكتفت الوزارة بتأدية دور "شيخ صلح"، كما لو المدارس الخاصة تعيش على جزيرة وغير خاضعة للقوانين اللبنانية.

تمادي المدارس الخاصة الحالي ما كان ليحصل لولا الرقابة المعدومة عليها من مصلحة التعليم الخاص. وبعيداً من أن مصلحة التعليم الخاص محابية للمدارس الخاصة، ولا تخضعها للرقابة المطلوبة، فواقع الحال أن رئيس المصلحة هو نفسه مدير عام وزارة التربية. وبما أن المصلحة تابعة للمديرية العامة في مراقبة عملها، تقوم الوزارة على خلل أساسي، هو أن الجهة المولجة بمراقبة عمل المصلحة تراقب نفسها. وهذا أحد الأسباب الموجبة لإعادة إقرار صندوق التعويضات، ولا سيما لناحية وجوب حصول المدرسة الخاصة على براءة ذمة مالية. فهذه الأخير تفرض مفعولاً رجعياً لدفع المدارس المتأخرات للصندوق ودفع المتوجبات الحالية التي ينص عليها القانون، وتمكِّن لجان أهالي الطلاب من فضح أي تلاعب يحصل في الميزانيات المدرسية. وتكشف أيضاً تضخيم المدارس حجم الهيئات التعليمية لتبرير رفع الأقساط، من خلال مقارنة الجداول الأسمية لعديد الأساتذة والأنصبة التي تقدم لصندوق التعويضات.