أسباب قد تحمي لبنان من الإشعاعات... لماذا لم يحصل تسرب من مفاعلات إيران النووية؟

مُذ بدأت تتفاقم الحرب الإسرائيلية - الإيرانية في الأيام الأخيرة، تزامنا مع توجيه واشنطن ضربة خاطفة لطهران وصفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"الناجحة"، وقد استهدفت ثلاثة مواقع إيرانية استراتيجية مختلفة، بدأ الخوف يزداد من إمكان تسرب إشعاعات نووية إلى الجوار، وخصوصا إلى بعض دول الخليج العربي وحتى لبنان، عدا عن التخوف من أن تردّ إيران بالمثل عبر ضرب مفاعل ديمونا في إسرائيل، وهو الأقرب إلى الأراضي اللبنانية إذ يبعد فقط نحو 250 كيلومترا.

وعلى الرغم من الحديث عن وقف نار موقت قد يتحول إلى دائم، ثمة تساؤلات يفترض الحصول على أجوبة عنها. 

في هذا السياق، يشير رئيس الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية في لبنان الدكتور بلال نصولي إلى أن "الضربة الأخيرة استهدفت مفاعل أراك، وهو بحثيّ لا فيول فيه، أما منشأتا نطنز وفوردو فهما لتخصيب اليورانيوم، وكانتا تحتويان على كميات من هذه المواد المخصبة مخزنة في شكل صلب وعلى بعد أمتار من سطح الأرض. وإذا ما حصل أي انفجار يكون التسرب محدودا ضمن منطقة الانفجار الجغرافية، وهذا ما حصل".

ويضيف: "في أصفهان قُصف مخزون الوقود الصلب المخزن أيضا تحت الأرض، لذلك حدّدت السلطات الإيرانية للوكالة الذرية بعد كل ضربة نسبة الإشعاع في الهواء، وبقيت في حدودها الطبيعية، ما يشي بأن لا وجود لتسرب يذكر".
وعن إمكان وصول أي إشعاع إلى لبنان جراء ضرب مفاعل ديمونا في الشمال الإسرائيلي، يقول نصولي: "في لبنان لدينا شبكة إنذار مبكر، فيها 20 محطة رصد إشعاعي موزعة على 20 ثكنة للجيش اللبناني في المناطق منذ 10 سنوات، وهذا ما يمكّننا من معرفة نسبة الإشعاعات في الهواء لمعرفة كيفية التصرف وإرشاد المواطنين على أساسها، ربما لإخلاء منطقة معينة في الجنوب لساعات عدة. وحتى لو أخذنا في الاعتبار أسوأ السيناريوات، لن نصل غالبا إلى هذه المرحلة. هذا المفاعل لم نعرف عنه سوى بعض التسريبات منذ سنة 1986 من أحد الأشخاص الذي زاره وحصل على بعض الوثائق، والمشكلة أن إسرائيل لم توقّع اتفاقية الحد من الأسلحة النووية، ولكن يبقى هذا المفاعل بعيدا من لبنان. وإذا افترضنا تحرّك العوامل الطبيعية كالهواء ضد لبنان في حال تسرب الفيول، فلن يكون الوضع كارثيا كما يصوّر البعض على وسائل التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام".

والواقع أن عدم توقيع إسرائيل الاتفاقيات الدولية لحظر السلاح النووي، يبقيها في منأى عن أي رقابة دولية، وهنا تظهر ضرورة التنسيق الدائم بين الهيئة الوطنية للطاقة الذرية والهيئة العربية للطاقة الذرية (التابعة للجامعة العربية) والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتجنيب الدول العربية المحيطة بإسرائيل أي أخطار محتملة، وخصوصا أنها تبقي مشروعها النووي العسكري سريا، وقد تكون في السنوات الماضية استحدثت فعلا منشآت ومفاعلات جديدة في مختلف مناطقها.