أشباح داخل غرف سوداء وأبناء طرابلس يناشدون...كفانا ظلمًا!

"ارحمونا وارحموا ما تبقّى منا ..." بهذه الصرخة المذيّلة بهاشتاغ #جائعون_للحرية، توجه سجناء من طرابلس في سجن رومية إلى القيادات الروحية والسياسية في مدينتهم لإنقاذهم من الظلم الذي يعيشونه وهي ليست الصرخة الأولى التي يتردد صداها اليوم في طرابلس كما في الأمس البعيد والقريب وربما في المستقبل. وكأن قدر عاصمة الشمال وعروس الثورة أن يكون لها في كل عرس وطني قرص يعدّ وينفذه "أشباح" الغرف السوداء مستغلّين بيئة الفقر والذل فيها. وإذا كانت "وثائق الإتصال" التي تحركها الأشباح وراء التحاق حوالى 100 شاب في تنظيمات إرهابية وهربهم طوعاً إلى الموت الثاني ، فالهواجس والمخاوف الناتجة عن بعض الشائعات والتحليلات التي تتحدث عن إنفجار أمني قد يبدأ من طرابلس لتطيير الإنتخابات النيابية قد تكون بمثابة "طبخة سم" تتحضر من مطابخ عروس الثورة.

 

قد يفسر هذا المشهد أجواء الثقة والطمأنينة التي أحدثتها زيارة قائد الجيش جوزف عون إلى الشمال أمس ولقاؤه القيادات الروحية الاسلامية والمسيحية، وتأكيده على أن "طرابلس ليست حاضنة للإرهاب". لكن الخطوة بحاجة إلى ترجمة وهي تبدأ بكشف أسماء من يدير الغرف السوداء التي تنصب الأفخاخ والمكائد لأبناء العاصمة الثانية ويصورها مدينة حاضنة للإرهاب.

 

مدير مركز حقوق السجين في طرابلس المحامي محمد صبلوح يصف عبر "المركزية" زيارة قائد الجيش طرابلس بأنها "تضامنية لرفع الظلم عن طرابلس بسبب وجود غرف سوداء تعمل على صياغة المكائد لأبنائها بدءا من جولات القتال الـ26 بين أبناء جبل محسن وباب التبانة على مدى 3 سنوات وإيجاد خطة لوقف القتال في خلال 24 ساعة، مرورا بفرار قيادات من تنظيم داعش من سوريا إلى طرابلس وصولا إلى عملية اختفاء حوالى 100 شاب وهروبهم إلى العراق للإلتحاق بتنظيم داعش بطريقة غامضة".

 

يحصل كل ذلك على مرأى ومسمع الأجهزة الأمنية "واللافت أن حتى اللحظة لم يتم الكشف عن ممول حملات الغرف السوداء ومن يحيك المخططات". ويلفت صبلوح إلى القلق الذي يساور ابناء طرابلس اليوم في ظل الكلام عن وجود خطة أمنية تقضي بتفجير الوضع من طرابلس لإلغاء الإنتخابات النيابية.وهو بمثابة تمهيد لمخطط أمني ما ينطلق كما العادة من عروس الثورة طرابلس". وفيما يعود صبلوح إلى محطات أمنية لا تزال آثارها محفورة في الواقع الطرابلسي يؤكد أن " الجهات التي خططت سابقا لكل المعارك وجولات القتال، هي نفسها التي ترسم المخططات الجهنمية اليوم لإلغاء الإنتخابات النيابية من خلال الكلام عن وجود مخطط أمني يعد له في الخفاء".

 

نسأل" لماذا عين الأشباح على طرابلس دون سواها، ومن يملك مفتاح الغرف السوداء"؟ ويجيب صبلوح: "الجواب في عهدة الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني والثابت أن ثمة من يعرف لكنه لا يريد أن يتكلم". ورد أسباب تحول طرابلس إلى ساحات قتال بين الإخوة وغرف سوداء تدبر المكائد والمخططات الأمنية إلى ضعف قياداتها وعدم امتلاكهم الجرأة للمواجهة. ويوضح " منذ العام 2007 حتى اليوم وأنا أتابع قضايا السجناء والموقوفين من أبناء طرابلس مع قيادات سياسية ودينية من دون استثناء.وبعد كل لقاء خاص أخرج بسلة متكاملة من التضامن والمعنويات لكن لا أحد من هؤلاء يجرؤ على التكلم عنها في العلن. حتى أن مرجعية كبيرة طلبت مني ذات مرة أن أفضح المستور في ملف حساس في الإعلام ، على أن تتولى المساعدة وتزويدنا بالمعلومات من "تحت الطاولة" لأنهم يخشون أن يكون مصيرهم على غرار الشهداء الذين اغتيلوا منذ العام 2005 وصولا إلى اليوم".

 

كثيرة هي الأسباب التي تجعل من طرابلس ساحة مشرعة لأشباح الغرف السوداء، أبرزها "الوضع الإجتماعي وبؤر الفقر المدقع، أضف إلى ذلك المظلومية التي تلحق بأبنائها الذين خرجوا من السجون بعد انقضاء محكومياتهم بتهم المشاركة في القتال ضد النظام في سوريا منذ اندلاع الثورة، وصولا إلى وجود حوالى 11 ألف وثيقة إتصال في أدراج الأجهزة الأمنية. وعلى رغم صدور مرسوم من مجلس الوزراء عام 2014 يبطل وثائق الإتصال واعتبارها غير قانونية إلا أن شيئا لم يطبق على رغم مراجعة قيادة الجيش بالأمر، لكن لا جواب حتى اللحظة. وهذا ما يفسر هرب حوالى 100 شاب إلى العراق للقتال إلى جانب تنظيم داعش بعدما كفروا بالظلم الذي يعيشونه وبمعاملة الأجهزة الأمنية السيئة لهم والخوف من إعادة توقيفهم بتهمة ورود أسمائهم في وثائق الإتصال".

 

السؤال الذي يطرحه صبلوح كما أهالي الفارين من طرابلس :كيف يعبر هؤلاء الشبان الحدود علما أنه إذا أرادوا إصدار جواز سفرأو الحصول على سجل عدلي يتم توقيفهم لمدة لا تقل عن اسبوعين؟ وكيف يمكن تفسير إعطاء مديرية الأمن العام معلومات عن وجود شبان من طرابلس في العراق بحسب ما ورد على لسان مسؤول الأمن القومي العراقي ،وعندما يسأل الأهل والحقوقيون عن أسماء هؤلاء الشبان ومكان وجودهم بعد التبليغ عن اختفائهم يكون الجواب بأنه لا توجد لديهم أية معطيات؟

ويختم صبلوح"ثمة علامات استفهام كبيرة، ونناشد قائد الجيش العمل على تطبيق مرسوم مجلس الوزراء وإلغاء وثائق الإتصال حتى يكون لزيارته المفصلية وقعها الأهم لدى ابناء طرابلس".