المصدر: Kataeb.org
الكاتب: اليان معلوف
الجمعة 21 تموز 2023 13:25:13
"ما الذي يجعل أباء أو أمّهات يلقون بأطفال حديثي الولادة على الطرقات أو في الحاويات ثم يديرون ظهرهم وكأن شيئًا لم يكن؟!"
لم تعد ظاهرة رمي الاطفال الرضع على قارعة الطريق أمراً مستغرباً، فباتت جزءاً من يوميات الشعب اللبناني.
حادثتان مروّعتان هزّتا لبنان في الـ24 ساعة الماضية و"الحبل على الجرار" .
منتصف ليل الأربعاء - الخميس، عُثر على طفلين رضيعين داخل علبة من الورق المقوّى تحت جسر نهر إبراهيم، وذلك بعد يوم واحد من العثور على رضيعة حديثة الولادة في طرابلس.
خادم جمعية سعادة السماء الأب مجدي العلاوي يوضح في حديث خاص لـ kataeb.org تفاصيل ما حصل عند منتصف ليل الأربعاء – الخميس، بعد العثور على الطفلين الرضيعين تحت جسر نهر إبراهيم.
ويقول: "تلقينا اتصالا هاتفيا عند الحادية عشرة ليلًا يبلغنا أنه تمّ العثور على طفلين حديثي الولادة في كرتونة تحت جسر نهر ابراهيم، عندها طلبت من المتصّل ايصال الطفلين الى مخفر جبيل وثمّ اتصلت برئيس المخفر النقيب نيكولا نصر وأعلمته بمجيئنا."
يتابع: "بعد دقائق اتصل بي النقيب وطلب مني التوجه فورًا الى أقرب مستشفى لأن حالة الطفلين الصحية ليست بخير" مشيرًا الى أنه تمّ أخذ الإشارة من الرئيس نادر منصور بوقف المحضر موقتًا للتوجه الى المستشفى".
يضيف: "عندها اتصلت بالسيدة فيفيان وتوجّهنا الى مستشفى "سيدة مرتيم"، وكانت ادارة المستشفى والفريق الطبي حاضرين بالكامل لخدمة الطفلين اضافة الى عناصر قوى الأمن التي كانت حاضرة بشكل مميّز واهتمت بالطفلين وكأنهما من عائلاتها."
ويشير الأب العلاوي الى أن الجهاز الطبي داخل المستشفى بقيَ على جهوزية تامّة حتى أواخر الليل، وقام بكافة المستلزمات من زرع وفحوصات وصور كان بحاجة اليها الطفلين، لافتًا الى أن الأطباء بقوا على اتصال دائم حتى الفجر لأن حالة الطفلة قد تأزمّت بعد ساعات بسبب الجوع والبرد بحيث وصلت حرارتها الى 34 درجة الى أن عادت لتستقرّ على 36 درجة عند الساعة السادسة صباحًا.
ويتابع: "بعد أن تحسّنت حالة الطفلين، تمّ نقلهما الى بيت الرحمة الإلهية التابع لجمعية "سعادة السماء"."
بالنسبة للتحقيقات، يؤكّد أن الملف لم يُقفل وهو مفتوح حتى يوم الثلاثاء آملًا أن يكون هناك "خيط" لمعرفة هوية الأهل أو أحد أنسبائهما.
ويشدّد الأب العلاوي على أن هدفنا عدم ابقاء الأطفال في الأديرة انما إعادتهم الى عائلاتهم ولكن القضاء عن طريق الاتحاد لحماية الأحداث يتوجه الى زيارة الأهل للكشف على وضعهم المعيشي والنفسي واذا كانوا مؤهلين لتربية الأطفال، وعلى هذا الأساس يُقرّر مصير الأولاد، مشيرًا الى أنه اذا كان الأهل غير صالحين لتربية الاطفال، لا يحق للقضاء ولا لاتحاد حماية الأحداث اعادة الاولاد انما يتم ابقاؤهم داخل المؤسسة لاكمال علمهم وللحصول على أدنى حقوقهم من طبابة واستشفاء...
ويرى أن هذه الظاهرة تزداد بشكل جنونيّ وليست جميعها تنشر عبر الاعلام، ففي الاسبوع السابق، تمّ العثور على طفل يبلغ من العمر 4 سنوات في برج حمود، كذلك في اليسار، طرابلس، وزغرتا.
ويقول متأثرًا: "أنا لا ألوم ولا أُدين ولكن مهما كانت الظروف قاسية، ليس لكم الحق في ترك أطفالكم على الطرقات وقرب مكبات النفايات، هناك دور عبادة ومؤسسات اجتماعية تُعنى بتربية الأطفال فلماذا لا تتوجهون اليها؟"
يضيف: "لو لم يكن "الكلب" في طرابلس يبحث عن طعامٍ له ما كان مصير الطفلة؟".
ويعتبر أن الوضع الاقتصادي قد أثّر مباشرة وبشكلٍ كبيرٍ على ازدياد هذه الظاهرة في لبنان، والفرق بالأرقام كبير مقارنةً بالأعوام الماضية مشيرًا الى تفكّك عائلاتنا.
ويقول: "نصّلي للّرب أن يهبنا الوعي الكامل، فجميعنا مسؤولون عمّا يحصل اليوم".
دور الجمعيات في معالجة ازدياد هذه الظاهرة
يشير الأب العلاوي الى أنه يتم التوجّه الى الأهل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وبواسطة الاعلام لنشر الوعي، مشدّدين على أنه ان لم يكن باستطاعتكم تربية اطفالكم، تواصلوا مع المؤسسات المعنية أو دور العبادة، ولكن لا ترموهم على الطريق، فهم سيبقون لكم سندًا في الحياة، قائلًا: "نحن على أشدّ الاستعداد لمساعدتكم من أجل ان تساعدوا أطفالكم."
رسالة للأهل:
وفي ختام الحديث، يتوجّه الأب العلاوي الى الأهل برسالة قاسية قائلًا: "قبل أن أكون "أبونًا" أنا "انسان" وقبل أن أكون "انسانًا" أنا "أب"، كيف تمكّنتم من النوم وأطفالكم على الطرقات؟ اليوم أصبح للكلب انسانية أكثر منكم!"
ويتابع: "أين نحن اليوم أمام هذا المشهد؟ أين الرحمة في قلوبكم؟ أين الرب في قلوبكم؟ مهما كان وضعكم مذريًا، توجهوا للمؤسسات ودور العبادة."
ويتوجّه الى اللبنانيين طالباً منهم الصلاة من أجل عائلاتنا ومؤسساتنا، من أجل شعبنا وجيشنا، صلّوا من أجلي ومن أجل جمعية "سعادة السماء".
ويشكر الأب العلاوي كل من كان حاضرًا ليلة أمس، بدءًا من القضاء برئيسه نادر منصور، قوى الامن، مستشفى سيدة مرتيم: إدارةً، أطباءً وموظفين.
ويختم: "أشكر "الكلب" الذي جرّ الطفلة في طرابلس والشخص الذي عثر على الطفلين في جبيل."