أقفلوا مكتبها وصادروا مجلّة: ماذا يحصل في كلية الآداب؟

صوّتت ضد الذين نصبوا أنفسهم قيّمين على كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، في انتخابات مجلس الوحدة لمنصب العميد، فبدأت تتوالى المضايقات، ووصلت إلى حد إقفال مكتبها في العمادة. هذا ما حصل مع الأستاذة المتفرغة ماغي عبيد التي طلبت منها عميدة الكلية بالتكليف سهى الصمد الخروج من مكتبها وتسليم المفاتيح. 

في التفاصيل، عيّنت عبيد مديرة لمركز الأبحاث والدراسات الأدبية منذ نحو عام. هي معيّنة بالأصالة بخلاف العميدة الصمد المكلفة بالعمادة، عقب إقالة العميدة السابقة هبة شندب. تجرّأت الأخيرة على كشف تلاعب في مستودعات الكلية ولم تعيّن أستاذة محظية بلجان الماجستير ولم ترضخ لبعض المحيطين برئيس الجامعة بسام بدران، وكان مصيرها الطرد. 

طرد شندب كان سهلاً لأنها مكلفة هي الأخرى بمنصب العميد وغير معيّنة بالأصالة. أما عبيد، مديرة مركز الأبحاث والدراسات الأدبية، فمعيّنة بالإصالة، ما يعني أن طردها ليس معبداً مثلما حصل مع شندب. وعليه انتقلت العميدة والفريق المحيط بها إلى ممارسة المضايقات بغية "تطفيش" عبيد ودفعها إلى الاستقالة. 

مقر مركز الأبحاث والدراسات الأدبية في عمادة الكلية، ويفترض أن تكون "مجلة الدراسات الأكاديمية" في عهدته أيضاً. لكن منذ تعيينها لم يسمح لعبيد بإدارة المجلة، رغم طلباتها المتكررة للعميدة. بعد انتخابات مجلس الوحدة منذ نحو شهرين، لم تصوّت عبيد للعميدة ولا لمرشحي الجهة التي أتت بالصمد إلى العمادة. فبدأت مرحلة المضايقات في إقفال مسار الماجستير التخصصي في "الارشاد والفلسفة"، الذي تدّرس فيها عبيد مواد فلسفة في مقر العمادة. ثم عادت وطلبت منها العميدة تسليم مكتبها من دون إي مبررات. وكانت النتيجة أن انتزع منها المواد التي تدرسها في العمادة ومركز عملها، طالما أنها باتت بلا مكتب. 

بعد إلغاء المسار الآنف الذكر، كان يفترض أن تستلم عبيد مواد أخرى في اختصاصات الفلسفة. فهي أستاذة متفرغة في الجامعة. وفي حال جرى إلغاء مواد يدرّسها أستاذ متفرغ يفترض أن يعطى بدلها مواد أخرى في العمادة لتخفيف التعاقد والهدر المالي. لكن هذا لم يحصل. فعلى سبيل المثال إحدى الأستاذات المتقاعدات منذ أكثر من سنة ما زالت تدرّس في العمادة عبر عقود الندوات. ولا يقتصر الأمر على التدريس بل تشرف على ماجستيرات الفلسفة ومسؤولة عن اللجان وتتدخل في النشر في مجلة الدراسات الأكاديمية. ليس هذا فحسب بل تتدخل بكل شارة وواردة وحتى في وضع العلامات للطلاب لدى مناقشة رسائل الماجستير. 

مشكلة عبيد أنها أكاديمية. سبق ورفضت ضم رجل دين إلى لجنة مناقشة أطروحة "فلسفة معاصرة" لأحد طلاب الماجستير، بصفتها قارئة. فهو أستاذ متعاقد مع الكلية رغم أن شهادته غير مصنفة لأنها من كلية "الدعوة والشريعة". وبالتالي غير مؤهل ليكون في لجنة مناقشة من هذا النوع. ليس هذا فحسب بل يشاع في أروقة الكلية أنه يستقطب الأموال لمجلة الدراسات الأكاديمية الآنفة الذكر. ما يعني أنه ثمة شبكة مصالح معينة للسيطرة على المجلة، التي يفترض أنها مجانية ولا تدرّ أي ربح. لكن يتناقل على ألسنة الأساتذة أن كلفة نشر أي بحث في المجلة لا تقل عن 150 دولاراً، هذا فضلاً عن تنظيم مؤتمرات هدفها تأمين مردود مالي للمجلة. لكن لا أحد يعلم كيف وأين تجمع الأموال وكيف تنفق. ولا يمكن مساءلة المسؤول الرسمي عن المجلة طالما أنها فعلياً ليست بإدارة "المركز". 

بعد الضجة التي أعقبت إقفال مكتب عبيد (المركز من حصّة حركة أمل بحسب عرف تقاسم الحصص الحزبية بالجامعة) تبلغت أن مركز عملها سينقل إلى مبنى مركز اللغات في منطقة الطيونة وأنه سيصار إلى تجهيز مكتب لها هناك. بالتزامن ضجت الكلية بأن التفتيش الإداري (حركة أمل) في الجامعة زار العميدة. وسرت شائعات عدة بأن هناك تحقيق بشبهات فساد مالي في الكلية. لكن العميدة الصمد أبلغت المتصلين للاستفسار عن سبب زيارة التفتيش أن الأمر يتعلق بخلافات طائفية حصلت بين موظف وأستاذ.  

تجدر الإشارة إلى أن "المدن" حاولت مراراً التواصل مع الصمد للاستفسار عما يدور في الكلية، لكنها تمنعت عن الرد. والسؤال المبهم هو هل حضور التفتيش يأتي في سياق تصفية حسابات سياسية في الكلية؟ المكلف بمهام رئيس مكتب التفتيش وسيم رمال تمنع بدوره عن الرد. وبحسب معلومات "المدن" ثمة اتصالات حزبية بين المكتب التربوي في حركة أمل ورئيس الجامعة للفلفة الموضوع والتوصل إلى حلول معيّنة.