المصدر: النهار
الكاتب: لينا اسماعيل
الأحد 10 أيلول 2023 07:46:26
شكّل ملف النزوح أحد العناوين الرئيسية لجلسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ 23 تشرين الأول 2014 في السراي الحكومي برئاسة رئيس المجلس آنذاك تمام سلام، من دون تنفيذ جدّيّ للقرارات التي قررها في حينه في ما يتعلق بمضمون الورقة التي أعدتها اللجنة الوزارية المختصة حول سياسة النزوح السوري، على الرغم من كونه أحد أكثر الملفات تأزماً وتوتراً في لبنان.
بعد مرور عشر سنوات على انعقادها، لا زلنا في الدوامة نفسها، إذ من المقرر أن تعقد الجلسة يوم الاثنين وسيتم التأكيد على الأولويات نفسها، مع القضايا الأخرى المتعلقة بانتخاب رئيس والموازنة وغيرها.
وفي السياق، أعلن وزير الشّؤون الاجتماعيّة في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار لـ"النهار" أنه سيحضر جلسة وزارية تقتصر على بند واحد وهو معالجة قضية النازحين السوريين.
لكنّ الإشكالية المعقدة اليوم في هذا الملف، وفق رؤساء بلديات ومخاتير محافظة بعلبك – الهرمل، خصوصاً الحدودية منها، عدم قدرتهم على الحفاظ على الأمن الذاتي أمام الأرقام الهستيرية للنازحين، وعودة تكليفهم إجراء مسح إحصائي للنازحين ضمن إطارهم الجغرافي، ليؤكدوا رفضهم لهذا الأمر لعدم تنفيذ استمارة التعداد الصادرة عن وزارة الداخلية بداية العام الجاري حيث أن 97 في المئة من هذه البلديات لم تقم بملء الاستمارات بشكل جدّيّ إلى جانب المغالطات العديدة التي تضمنتها نتيجة عدم جدية بعض البلديات التي عملت على ملء الاستمارات دون أيّ عملية مسح، فيما يعتمد البعض على التعداد القديم، نظراً لعدم القدرة على اتمام الأمر كما ينبغي، ولذلك، من المتوقع من جديد أن نكون أمام إحصائيات غير دقيقة.
في المقابل أكد حجار رفضه القاطع لوجود النازحين السوريين حديثاً ضمن المخيمات المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة، حيث "يمنع منعاً باتاً زيادة خيمة واحدة ضمن هذه المخيمات، وعلى المخاتير والبلديات والأمن العام تسجيل الوافدين خلسة في كلّ مرة وضمن نطاقه بالإضافة إلى إحالتهم إلى الأمن العام لترحيلهم، إلى جانب القيام بالتنسيق الرسمي بين الحكومتين اللبنانية والسورية من خلال تشكيل وفد سياسي وفني، مشدداً على أن أسلوب الضغط في اتجاه كافة الأطراف المعنية من المجتمع الدولي وغيرها هو الوسيلة الأنسب لحلّ هذه المشكلة".
ويطرح سؤال، "لماذا تحركت البلديات الآن في ظل عدم الإمكانيات المالية؟ ماذا كانت تفعل منذ بداية الأزمة، رغم إدراكها لخطورة الأمر واستمرارها في غياب خطة واضحة وعلمية لإدارتها، إذ يلجأ الكثير منهم إلى إجراءات اعتباطية في تعاملهم مع النازحين، وعدم إيجاد آلية فعالة لضبط موجات السرقة وترويج المخدرات وغيرها التي يمارسها هؤلاء النازحون، ينذر بتعقيدات إضافية في العلاقة مع المجتمع المضيف ومجتمع يعتبر قنبلة موقوتة على رماد الجمر."
من جهته، يرى رئيس بلدية القاع بشير مطر رغم أن المجالس البلدية معنية بشكل مباشر لأنها جزء من المسؤولية اللبنانية في إدارة ملف النزوح، إلّا أنّ هذا الأمر يجعل الرهان على قدرتها على إدارة ملف النزوح السوري رهان مبالغ فيه يفوق طاقتهم، خصوصاً أنّ التعداد يحتاج إلى فريق عمل متخصص واسع ومكننة في ظل الصعوبات المالية التي تواجهها، واصفاً إمكانية إنجازها بشكل دقيق بـ"المستحيلة". وأضاف: "يجب منح البلديات الموارد المالية والمعنوية وتوفير العناصر اللازمة للشرطة البلدية لحفظ الأمن بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، خصوصاً الجيش والأمن العام، في ظلّ تجاهل الأجهزة الأمنية الأخرى التي عليها التعاون بشكل أكبر".
وأشار إلى أنّ وزارة التربية لديها بيانات لـ70 في المئة من النازحين بعد أوراق التسجيل الرسمية للطلاب السوريين.
ولفت إلى "خطورة تقديم السوريين لوثائق مكتومي القيد، والزواج من لبنانية، والعمل بأوراق المجاملة ليعامل كمواطن لبناني، إضافة إلى عدم تسوية العمال السوريين لأوضاعهم في وزارة العمل، بعد إنجازها لدى الأمن العام، حيث يسجل معظمهم كعمال زراعيين، لكنهم يعملون في العاصمة والمدن في مهن أخرى غير الزراعة".
ورفض مسؤول مكتب البلديات المركزي في حركة "أمل" بسام طليس في تصريح لـ"النهار"، وضع البلديات تحت أمر واقع في ظلّ إفلاسها وغياب دور الدولة، معتبراً أنّ البلديات لا تستطيع أن تتحمل أكثر من طاقتها.
وأضاف: "عندما تتخذ الدولة قراراتها يجب أن تتضمن إعطاء الحكومة جزءاً من حقها لهذه البلديات، ولا يمكن للأخيرة أن تكون حكومة وتقوم بدور جميع الوزارات بإمكانيات "تحت الصفر"، وحتى على مستوى الدور الأمني فالبلديات عاجزة عن تأدية هذا الدور بسبب النقص في عدد العناصر".
مديرية الأمن العام ومخابرات الجيش يقومان بتسليم الموقوفين المخالفين إلى المعنيين بترحيلهم. وفي الأسابيع الثلاثة الأخيرة، ونتيجة شعورهم بالمخاطر الأمنية الكبيرة، تمّ تكثيف عمل الأجهزة وتحقيقاتهم تحت شعار "عدم التغاضي عن أيّ تحرك مهما كان داخل المخيمات وخارجها
من هنا، يبدو أنّ ملف النزوح السوري سيشكّل في الأمد القريب، وسيكون أخطر الملفات التي قد يواجهها اللبنانيون، على مختلف انتماءاتهم.