أموال إعادة إعمار غزّة في يد السلطة الفلسطينية ولبنان إحدى الساحات المفتوحة!

تتحرّك عمليّة السلام في المنطقة، على المسار الإسرائيلي - الفلسطيني، وسط دَفْع دولي وعربي لتقوية السلطة الفلسطينية، وللتأسيس لوضع مختلف عن ذاك الذي كان سائداً قبل التصعيد العسكري الأخير.

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أشار إلى خطورة "استثمار النّصر" في غزّة، لإضعاف السلطة الفلسطينية. فيما تؤكّد معطيات توفّرت خلال الساعات الماضية، أن الحركة المصرية في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، تتركّز على حصر عمليّة إعادة الإعمار، والتصرُّف بالأموال الخاصّة بها، بين يدَي السلطة الفلسطينية. 

قطر وتركيا

ومن جهته، لفت وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى سعي الإدارة الأميركية للمشاركة في إعادة إعمار قطاع غزة، عن طريق السلطة الفلسطينية والهيئات المستقلّة، وليس عبر حركة "حماس"، مكرِّراً الموقف الأميركي بأن "حلّ الدولتَيْن هو الطريقة الوحيدة لضمان مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديموقراطية"، و"السبيل الوحيد لمَنْح الفلسطينيين الدولة التي يحقّ لهم الحصول عليها".

يبدو أن ما قبل الأيام السّاخنة في غزة، لن تكون كما بعدها، على المنطقة عموماً. فكيف يُمكن للمواقف التي تلتقي على عَدَم تقوية حركة "حماس"، أن تُترجَم على الدّور الإيراني والتركي والقطري، على امتداد المنطقة؟ 

مسافة

رأى الخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر أن "الأجواء التي رافقت الحرب الأخيرة، أظهرت أن الإدارة الأميركية الجديدة أخذت مسافة من السياسة التي كانت تعتمدها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تجاه إسرائيل، ومن الدّعم اللامتناهي لتل أبيب، على طريقة أن واشنطن ليست مع حلفائها مهما يفعلون".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أنه "توجد محاولة أميركية الآن لأخذ مسافة من سياسات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. وهذا يعني محاولة لإعادة تفعيل المسار السّلمي، أو لمبادرة سلام". 

جوّ دولي

وأشار نادر الى أنه "لا يمكن الإنطلاق في مبادرة سلام مع حركة "حماس"، بل مع جهة مُعتَرَف بها، والتفاوُض على هذا الأساس".

وقال:"هذا الواقع لا يتناقض مع محاولات سابقة لتوحيد الموقف الفلسطيني، رغم كلّ شيء، بين مختلف الأطراف المرتبطة بما يجري على الأرض. وهذا قد ينتهي باتّفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية جديدة مستقبلاً، لا تتمثّل فيها "حماس" رسميّاً، ولكنّها قد تكون موجودة ضمنها، وذلك بموجب تجربة سابقة في هذا الإطار".

وأضاف:"نحن اليوم أمام جوّ دولي، هو أميركي - أوروبي - مصري، يُمكنه أن يكون مُساعِداً وراعِياً لعملية سلام بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين". 

مختلف؟

وأوضح نادر:"كلّ ما يذهب باتّجاه السلام والتسوية، سيضرّ بالمصلحة الإيرانية، انطلاقاً من أن إيران لم تتوصّل بَعْد الى تسوية حول ملفّها النووي. ولذلك، كل تسوية ستنظر إليها طهران على أساس أنها محاولة تطويق لها، لا تخدم مصالحها، خصوصاً أنها (طهران) تسعى الى استعمال الساحات المفتوحة كأوراق ضغط وتفاوُض. وبالتالي، إقفال الساحات المفتوحة، والقيام بتسويات فيها، يخسّرها بعض أوراقها".

وشدّد على أن "وضع قطر مختلف تماماً، بسبب تقاربها مع السعودية. وحتى إن الأتراك يتقاربون مع المصريين، ومع السُنَّة العرب مؤخّراً. وهذا يعني أن وضع تركيا وقطر مختلف عن وضع إيران، لا سيّما أن الدوحة تتمايز، ولكنّها لا تتوغّل في الصّدامات، ولا في اتّجاهات مُعادِيَة للرّغبة الدولية".

وتابع:"كل ما يذهب باتّجاه الصّدام والضغط العسكري في الساحات الإقليمية المفتوحة، حيث تتمتّع إيران بنفوذ، يلعب لصالحها. وكل ما يتّجه الى إقفال الساحات، وصناعة تسويات، يصبّ في الإتّجاه المُعاكِس للمصلحة الإيرانيّة". 

ورقة ممسوكة

وعن المستقبل اللبناني غير الجاهز لشيء، وسط مساعي إعادة تحريك القضيّة الفلسطينية، أجاب نادر:"لبنان ساحة مفتوحة بانتظار التسوية في المنطقة، وسط أزمة نظام في الظّاهر، تمنع تشكيل حكومة. أما في الباطن، فهو (لبنان) ورقة تفاوُض ممسوكة".

وختم:"مفاوضات فيينا النووية مع إيران تعرقلت. ويبدو أن كلّ شيء تأجّل الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الإيرانية، خصوصاً أن إبرام أي اتّفاق جديد، أو التمديد لاتّفاق عام 2015، أخذ بُعداً انتخابياً في الدّاخل الإيراني. وهذا يُبقي الساحة اللبنانية مُعلَّقَة، بانتظار عودة المفاوضات تمهيداً لتسوية إيرانية مع الأطراف الدولية. ولا أفق فعلياً لذلك، قبل "الرئاسيّة" الإيرانيّة".