المصدر: نداء الوطن
الكاتب: نوال برّو
الخميس 1 أيار 2025 07:07:49
منذ عام 2019، يستقبل اللبنانيون عيد العمال وسط أوضاع معيشية مزرية، تركت فيها الأزمة الاقتصادية ندوبها المؤلمة على معظم العمال الذين حُرموا من أبسط حقوقهم. فقد أصبح الحد الأدنى للأجور عاجزاً عن تلبية الاحتياجات الأساسية للعائلة من طعام وكساء وسكن، فيما تراجعت التقديمات التعليمية والطبية والاجتماعية، خصوصاً في القطاع الخاص، حتى كادت تفقد فعاليتها بالكامل.
ومع ولوج البلاد مرحلة حكومة جديدة وعهد جديد، تجددت الآمال بتحسين أوضاع العمال، وإن كان الطريق لا يزال طويلاً. يختصر رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، واقع العمال بكلمة واحدة: "سيّئ". ويؤكد في حديث لـ"نداء الوطن" أن الرواتب في القطاع الخاص "ضئيلة ولا تفي بالحد الأدنى لمقومات العيش الكريم، فيما المنح المدرسية شبه معدومة، والضمان الاجتماعي بدأ يتحرك خجولاً بعد ركود طويل منذ 2019".
هذا الواقع لا يختلف كثيراً في القطاع العام والسلك العسكري، وإن كان وضع تعاونية موظفي الدولة أفضل نسبياً من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بحسب الأسمر، الذي يعتبر أن "المشكلة الكبرى تبقى في أن معظم الإضافات المالية تدخل تحت خانة المساعدات بدل أن تُضم إلى صلب الراتب، ما ينعكس سلباً على تعويضات نهاية الخدمة وعلى الاشتراكات في الصندوق، وبالتالي على قدرة الضمان على تحسين تقديماته".
على خط موازٍ، ترعى وزارة العمل مفاوضات بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية حول تصحيح الأجور. إلا أن الأسمر يشير إلى أن "هذه المفاوضات لا تزال من دون جدوى ملموسة، رغم النشاط اللافت لوزير العمل محمد حيدر، الذي وضع مشكوراً للمرة الأولى مهلة زمنية محددة لإنهاء المفاوضات منعاً للمماطلة".
أما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فرغم أهميته كركيزة أساسية في الحماية الاجتماعية، يقول الأسمر إنه "يعاني من تأخير الدولة بدفع مستحقاتها ومن تهرب كثير من أصحاب العمل من التصريح عن الأجور الفعلية. فهو يعمل وفق قاعدة بسيطة: بقدر ما يُضخ فيه من موارد، تُقدم منه الخدمات. ومع ذلك، شهد الصندوق تحسناً ملحوظاً بعد رفع الحد الأدنى للأجور العام الماضي من 9 إلى 18 مليون ليرة، ما أدى إلى تدفق إيرادات إضافية ساعدته على تحسين قدراته التأمينية". وفي هذا الإطار ، يأمل الأسمر أن يحمل شهر حزيران بشرى استعادة مستوى التقديمات الصحية والدوائية لما كان عليه في 2019 تقريباً.
وفي سياق البحث عن تصحيح واقعي للأجور، يستند الاتحاد العمالي العام إلى دراسات تناغمت نتائجها مع دراسة الدولية للمعلومات، والتي وجدت ضرورة تحديد الحد الأدنى بين 700 و1100 دولار شهرياً، تبعاً لاختلاف كلفة المعيشة بين بيروت والمناطق الأخرى، مع الأخذ بالاعتبار تكاليف الغذاء والسكن والتعليم والاستشفاء، وفقا للأسمر. إلا أن أصحاب العمل يرفضون حتى الساعة مناقشة هذه الأرقام.
من جهة أخرى، يشكل انتشار العمالة الأجنبية غير الشرعية تحدياً إضافياً. فالعمال الأجانب يعملون غالباً من دون ضمانات قانونية، ما يعرّضهم للانتهاكات ويؤثر على فرص العمل للبنانيين. وهنا يشدد الأسمر على ضرورة تنظيم سوق العمل، عبر إعطاء الأولوية لليد العاملة اللبنانية، واللجوء إلى العمالة الأجنبية فقط عند الحاجة الحقيقية، ووفق آليات قانونية واضحة.
الأكيد أن وقت الإصلاح قد حان، وكل تأخير في إنصاف العمال هو طعن إضافي لحقوقهم. فلنجعل من الأول من أيار صرخة حق وبداية عهد جديد للعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.