أنهى 55 عاما من حكم "بونغو".. من هو "زعيم الانقلابيين" في الغابون؟

أعلن العسكريون الانقلابيون في الغابون، الأربعاء، تعيين قائد الحرس الجمهوري بريس أوليغي نغيما، رئيسًا للمرحلة الانتقالية في البلاد، وذلك بعد الإطاحة بالرئيس علي بونغو، الذي كان قد أعلن الفوز في الانتخابات الرئاسية بالبلاد، لولاية ثالثة.

وقال العسكريون إن تحركهم جاء "في ظل سيطرة أسرة بونغو على مقاليد الحكم في البلاد على مدار 55 عامًا، وفي ظل مرض الرئيس"، الذي أصيب بجلطة دماغية عام 2018، أبعدته عن ممارسة مهامه لفترة.

وانُتخب علي بونغو (64 عاما) رئيسًا للبلاد للمرة الأولى عام 2009، بعد وفاة والده عمر بونغو أونديمبا، الذي حكم البلاد لأكثر من 41 عامًا. وتم وضع علي قيد الإقامة الجبرية بعد الانقلاب.

وأصدر العسكريون بيانًا أرجعوا فيه تحركاتهم إلى دخول البلاد "في أزمات مؤسسية وسياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة"، زاعمين "عدم استيفاء الانتخابات شروط الاقتراع الشفاف الذي كان يعوّل عليه أغلب أبناء الغابون".

ولم يظهر أوليغي نغيما في البيانات التي بثت على التلفزيون الرسمي للدولة مع بداية الانقلاب، لكنه ظهر محمولا على الأكتاف في لقطات تلفزيونية بعد الإعلان عن وضع بونغو قيد الإقامة الجبرية، إثر الانقلاب الذي لاقى رفضًا دوليًا كبيرًا، خصوصًا في ظل عدوى الانقلابات التي تشهدها القارة السمراء في الوقت الحالي، وآخرها في الدولة القريبة النيجر.

وحثت الولايات المتحدة، الأربعاء، الجيش في الغابون على "الحفاظ على الحكم المدني، والإفراج عن أعضاء الحكومة المعتقلين وأسرهم".

وقال المتحدث باسم الخارجية، ماثيو ميلر، في بيان: "نحث من هم في سدة المسؤولية على إطلاق سراح أعضاء الحكومة وعائلاتهم، وضمان سلامتهم والحفاظ على الحكم المدني".

وأضاف: "الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق حيال تطور الأحداث في الغابون. نحن ما زلنا نعارض بشدة الاستيلاء العسكري أو الانتقال غير الدستوري للسلطة".

"مقرب من بونغو الأب"

وُلد نغيما (48 عامًا) في مقاطعة أوغوي العليا جنوب شرقي الغابون، وهي المنطقة التي تنحدر منها أسرة الرئيسين بونغو.

وبحسب "فرانس برس"، فقد عمل كمساعد للرئيس الراحل عمر بونغو، الذي حكم البلاد على مدار أكثر من 4 عقود.

ونقلت الوكالة عن مصدر في حزب الرئيس بونغو "الحزب الديمقراطي الغابوني"، أن أوليغي نغيما "يعرف المؤسسة العسكرية بشكل جيد، وهو جندي تدرب في كليات عسكرية جيدة، من بينها الأكاديمية الملكية العسكرية في مكناس بالمغرب".

كما أوضح أنه كان "مقربًا بشدة من بونغو الأب، وخدم معه منذ عام 2005، حتى وفاته عام 2009 في مستشفى بمدينة برشلونة الإسبانية".

وما أن وصل علي بونغو إلى الحكم عام 2009، حتى أبعد نغيما عن مهامه، ليعمل كملحق عسكري في سفارة الغابون بالمغرب لنحو 10 سنوات.

وعاد نغيما في عام 2018 للظهور مجددا، حينما استبعد بونغو أخيه غير الشقيق من منصب رئيس مخابرات الحرس الجمهوري في الغابون، وعيّن نغيما بدلا منه.

وفي العام التالي، تم تعيينه كرئيس للحرس الجمهوري، التي تتولى مسؤولية حماية الرئيس وعائلته والشخصيات الرفيعة في البلاد.

بدأ حينها نغيما خطوات "زادت شعبيته في صفوف الجيش، حيث أقنع الرئيس بونغو بتحسين الأحوال المعيشية، وظروف العمل للجنود، وذلك بتطوير المنشآت وتمويل مدارس لأبناء الجنود"، وفق وكالة فرانس برس.

ونقلت الوكالة عن مصدر بالحزب الوطني الغابوني، رفض الإفصاح عن اسمه، أن نغيما "متحدث جيد ويحظى بتقدير بين جنوده".

كما نقلت الوكالة عن مصدر آخر، أن الرجل الذي سيقود المرحلة الانتقالية حاليًا في الغابون "يسعى للوصول إلى حلول وسط".

وفي أعقاب الانقلاب، قال نغيما في حوار مع صحيفة "لوموند" الفرنسية: "هناك استياء في الغابون، ورئيس الدولة مريض. الكل يتحدث عن ذلك، لكن لا أحد يتحمل المسؤولية".

وتابع: "لم يكن للرئيس الحق في ولاية ثالثة في الحكم. هناك تجاهل للدستور، وطريقة الانتخاب لم تكن جيدة. لذلك قرر الجيش طي هذه الصفحة وتحمل مسؤولياته".

وفيما يتعلق بوضع بونغو حاليا، قال نغيما إن الرئيس "تقاعد ويتمتع بكافة حقوقه، فهو مواطن غابوني مثل أي شخص آخر".

وفي وقت سابق، ظهر بونغو في مقطع فيديو من منزله على كرسي متحرك، بعد ساعات من الانقلاب العسكري، وقال: "أنا علي بونغو، رئيس الغابون، أرسل رسالة إلى كل الأصدقاء في كل العالم لإحداث جلبة".

وكانت الولاية الثالثة لبونغو مثيرة للجدل، وتصاعدت التوترات والمخاوف من وقوع اضطرابات بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والتشريعية، التي أجريت السبت، بعد شكوك بشأن نتيجة الانتخابات عززها غياب المراقبين الدوليين، وقطع خدمة الإنترنت، وفرض حظر التجول ليلا في جميع أنحاء البلاد بعد الانتخابات.

وكانت انتقادات قد طالت بونغو بسبب اقتصاد البلاد المتهالك، رغم الثروات التي تزخر بها، فهي تعد واحدة من أغنى الدول في أفريقيا من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى عائدات النفط وقلة عدد السكان، الذي يبلغ 2.3 مليون نسمة.

وفي السبعينيات، اكتشفت البلاد احتياطيات نفطية وفيرة، مما سمح لها ببناء طبقة متوسطة قوية وكسب لقب "الإمارة الصغيرة في وسط أفريقيا"، وفق فرانس برس.

ويشكل النفط 60 في المئة من إيرادات البلاد، وهي أكبر منتجي الذهب الأسود في أفريقيا جنوب الصحراء، وسابع أكبر منتج له في أفريقيا، وعضو في منظمة "أوبك".

لكن تعجر السلطات عن تنويع الاقتصاد بشكل كاف، حيث لايزال يعتمد إلى حد بعيد على المحروقات، ويعيش فرد واحد من أصل كل 3 تحت خط الفقر، وما يقرب من 40 في المئة من الغابونيين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما عاطلون عن العمل، وفقا للبنك الدولي.