أي خط فاصل بين التوغل البري و"الاستطلاع بالنار"؟

هو التوغل البري الذي ينظر إليه كثيرون من باب الترقب والتحذير، فيما يراه آخرون حاصلا في الميدان.
فأين الخط الفاصل بين التوغل والمراقبة لاختبار قوة "حزب الله" عن قرب، وبالتالي رفع منسوب الجهوزية لضربها تماما؟ هل صحيح أننا لا نزال، وفق اللغة العسكرية، في إطار "الاستطلاع بالنار"؟

ينطلق العميد الركن المتقاعد الدكتور نزار عبد القادر من المراقبة الآنية، ليقول لـ"النهار": "حتى الآن، دخل الإسرائيلي بعض القرى الحدودية القريبة، في محاولة تقدّم لعملية الاختراق الكبرى".
يعي عبد القادر، مؤلف كتاب "الإستراتيجية الإسرائيلية  لتدمير لبنان" قبل 12 عاما، طريقة تفكير الإسرائيلي، والذي يضمر بلا شك النية التدميرية للبنان.

ويعلّق: "نراه في عديسة التي تقع مباشرة تحت مستوطنة مسكفعام، فيما الخط الأزرق يفصل بينهما، وفي كفركلا أيضا، القرية الشيعية  التي تقع  على محور جسر الخردلي، وفي مارون الراس في القطاع الأوسط. إلى الآن، هذه هي المناطق التي توغل فيها الإسرائيلي. مثلا، لم نره في الخيام التي تشرف على إصبع الجليل".

ألف دبابة ميركافا
كثيرة هي التقارير الإسرائيلية التي تتحدث عن امتلاك "حزب الله" كميات من الصواريخ والأسلحة. والواقع أن العدو ينظر إلى الحزب على أنه ذراع عسكرية خاضعة كلياً لسيطرة الحرس الثوري الإيراني، وأن إيران تستعمل هذه القوة الصاروخية كيفما تريد وأينما تريد. من هنا، حدّدت إسرائيل وجهتها المقبلة: القضاء كليا على "حزب الله". فهل التوغل البري سيكون الأداة المناسبة لتنفيذ ما تخطط له؟

يوضح عبد القادر: "يمكننا الحديث عن عملية اختراق فعلية حين يصبح الإسرائيلي شمال الليطاني، مع حشد نحو ألف دبابة ميركافا. حتى الآن نرى المشاة والقوات العادية والخاصة. لم يدخلوا بعد قوة مدّرعة حتى نستطيع تأكيد عمليات الاختراق. نحن لا نزال نشاهد عمليات تسلل وهجمات خفيفة".

عسكريا، وفي الاختراقات، غالبا ما يُحدث الجيش المهاجم جيبا أو رأس جسر، وفق عبد القادر، "علما أن الاشتباكات الدائرة الحالية هي على خط عيترون، يارون، مارون الراس، عيتا الشعب، عديسة، كفركلا".

ولكن هل هذا "التمهّل" يعني أن إسرائيل لا تزال مترددة في تنفيذ التوغل الجدّي، أم أنها تتهيأ له على مراحل؟
يفنّد عبد القادر المراحل، قائلا إن "التوغل ستسبقه حتما بدايات لهجوم ناري، بعكس العمليات الحاصلة الآن على أرض محددة، وخصوصا أن إسرائيل قالت أكثر من مرة إنها ستصل إلى الخط الأولي، أي جزين، القرعون، راشيا الوادي". 

إذا، أي تصوّر واقعي لأرض الميدان جنوبا؟
يؤكد "أننا تجاوزنا المرحلة الأولى المعروفة بعملية التسطيح، أي ضرب كل ما له علاقة بمصادر الأسلحة والمؤسسات أو المنشآت التابعة لحزب الله. وبالتأكيد، سيستمر العدو في استطلاع هذه المرحلة والترقب لأي مصدر جديد لا يزال خافيا عليه. بعد ذلك، نكون قد دخلنا الحرب بالعمق، عبر مرحلة ثانية تستهدف مباشرة خطوط المواصلات، وقد شكلّ ضرب المصنع البداية في هذه المرحلة".

ربما تباشير التوغل البري ستكون في صورتها الجلية، يوم نرى ذاك المشهد الأسود وآلاف الدبابات الإسرائيلية قد عبرت حدودنا...