المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الاثنين 27 آذار 2023 17:38:31
بحبة مسكن أو جرعة مخدر للألم يمكن إسكات أوجاع سجين يئن ، لكن هل يمكن لهذا السجين أن ينام على أصوات خرير أمعائه الفارغة بسبب الجوع وانعدام الطعام في السجون اللبنانية؟ وكيف لأم أن تكون ردة فعلها عندما تسمع عبر الهاتف عسكريا من أحد المخافر في منطقة البقاع يطلب منها وبإلحاح، واستعجال، تأمين مأكل ومشرب لابنها الموقوف، لأنه منذ 5 أيام هو بلا طعام، ويصرخ جائعا، وفي حال تناول شيئا يكون من بقايا طعام غيره من الموقوفين الذين يرسل إليهم أهلهم الطعام من الخارج.
هذه الواقعة حصلت في آب 2021. ومن حينه إلى اليوم وصلت الأزمة إلى ما فوق حدودها الدنيا مع انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية وارتفاع معدل الجريمة بين قتل وسرقة مما يعني طوابير جديدة من الموقوفين من دون محاكمات.
"الدولة غير قادرة على إطعام السجناء" إلى هذا الحد وصلت الأزمة في السجون اللبنانية. فبعدما منعت إدارات السجون الأهالي من إدخال الطعام إلى أبنائهم استعاض حوالى 25 في المئة منهم بشراء الطعام والمرطبات وحتى الماء من "حانوت السجن" فيما بات يتكل الآخرون على طعام السجن وإن كان لا يكفي لسد جوع طفل صغير.
إلا أن ارتفاع أسعار "الحانوت" والتي تفوق بحسب المحامي في مجال حقوق الإنسان في لبنان محمد صبلوح 3 أضعاف أسعارها خارج أسوار سجن رومية حرم السجناء من لقمة طعام هانئة وشرب مياه نظيفة. فباتت مسؤولية إطعام نسبة 90 في المئة من السجناء حتى لا نقول 100 في المئة ملقاة على عاتق إدارات السجون. وبعد قرار منع الأهالي إدخال الطعام لأبنائهم السجناء لتفادي تسلل الممنوعات إلى داخل السجون عمدت إدارات السجون إلى التعاقد مع شركات تتولى تأمين الطعام إلى داخل السجن. إلا أن الإجراءات الروتينية الإدارية المتبعة والتي تقضي بأن يصار إلى تسديد قيمة الوجبات لأصحاب الشركات بعد أسابيع مما يعني فقدان قيمة المبلغ المستحق في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة دفع بالشركات إلى رفع "العشرة" والإعلان عن عدم إيصال الطعام إلى السجون إبتداء من 4 نيسان المقبل.
"نحن على أبواب ثورة جياع" داخل السجون يقول المحامي صبلوح لـ"المركزية" ،والأكيد أن الإنفجار بات وشيكا، إذا لم تتدارك حكومة تصريف الأعمال واقع وخطورة القنبلة الموقوتة المزروعة داخل السجون اللبنانية. وإذ يشير إلى أن المسؤولية لا تقع حصرا على هذه الحكومة إنما على الحكومات المتعاقبة التي لم تحرك ساكنا على رغم الصرخات والوقائع والمراجعات والإحصاءات التاي كانت تدل في مجملها إلى "ثورة الجياع" يلفت إلى أن المأساة اليوم داخل السجون ظاهرها فقدان الطعام ، لكن ما أدراكم بواقع الإستشفاء المعدوم حيث لا توجد حبة بانادول في صيدلية السجن. وفي ما يتعلق بالنظافة يلفت إلى أن السجناء يستحمون ويشربون من مياه مسرطنة أو ملوثة.
عدم تدارك خطورة الوضع بعد 4 نيسان ومعالجته بالحلول ولو الآنية يعني دق نفير ثورة الجياع في السجون. ويقول صبلوح أنه بعد اشتداد الأزمة وتدارك المخاطر بادر دار الإفتاء وعدد من الجمعيات بتأمين طعام للسجناء على أن يتم إدخاله بواسطة الأهالي فوافقت إدارة السجن شرط أن لا تتخطى الكميات النسبة المحددة من قبل الإدارة ليتسنى للعناصر القيام بالتفتيش بشكل دقيق. إلا أن خشية الأهالي على أولادهم دفعهم إلى تخطي الكمية المحددة وحصلت إشكالات مع عناصر قوى الأمن مما اضطر إدارة السجن إلى إعادة الكونتينر."وهذا لا يجوز أن يتكرر وفق صبلوح إذ أن هناك العديد من الجمعيات والمنظمات التي تبدي استعدادا للمساعدة شرط تذليل الإجراءات والحد منها لأننا أمام واقع مأساوي.
الحلول الموقتة ضرورية أقله في المرحلة الحاضرة لكن تبقى الحلول الجذرية ومنها تخفيف السنة السجنية وتسريع المحاكمات إذ أنه على رغم عودة القضاة عن الإضراب إلا أن الجلسات غائبة كليا.
ويختم صبلوح " ماذا لو كان هناك إبن زعيم سياسي في السجن، هل كان سيسمح بأن يجوع إبنه أو يموت بسبب فقدان الدواء أو عدم القدرة على تغطية نفقات العملية التي يجب أن يخضع لها؟ وللمسؤولين يتوجه قائلا"كفى مكابرة وعدم الإعتراف بأن واقع السجون في لبنان أشبه بالقنبلة الموقوتة. كفى ترقيعا و"تدوير" زوايا وسنواصل السعي بكل ما أوتينا لمعالجة المشكلة ومن الخطوات المتخذة تقدمنا بشكوى بالتعاون مع عدد من الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية عن واقع السجون إلى المقررين الخواص في الأمم المتحدة وطالبنا المسؤولين بممارسة الضغوط على المسؤولين لمعالجة قضية السجناء واتخاذ أقصى الإجراءات في حال عدم الإستجابة.ومن الإجراءات العقابية المقررة حرمان لبنان من المساعدات ...عل ضمير المسؤولين يتحرك لمرة واحدة".