إختلاف جوهري بين الترخيص والعلم والخبر... هل تستفيد "رسالات" من "حق الدفاع"؟

ما إن تقدَّم وزير الداخلية أحمد الحجار بطلب سحب العلم والخبر من جمعية "رسالات"، حتى كثرت التساؤلات القانونية. فما قصة العلم والخبر لتأسيس الجمعيات؟ وما الحدود القانونية؟ والأهم أنه ليس بترخيص، فكيف يسحب إذا؟

يميّز الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين بين نوعين من الجمعيات، قائلا لـ"النهار": "تحل الجمعية بموجب حكم قضائي، إذا كانت سرية أو غير شرعية. ويمكن مجلس الوزراء حل الجمعية بمرسوم في حال قيامها على أساس غير مشروع مخالف لأحكام القوانين والآداب العمومية، أو بقصد الإخلال بسيادة الدولة، أو الانقلاب على النظام أو التفريق بين عناصر الشعب المختلفة".
ويتدارك: "المخالفة لا تعدّ إخلالا بالنظام العام والآداب العمومية أو باستقرار الدولة أو انقلابا على النظام، حتى يكون حل الجمعية مبررا".

بدوره، يتوقف الخبير الدستوري الدكتور جهاد اسماعيل عند أحكام المادة الثانية من قانون الجمعيات، ويشرح لـ"النهار" أن "تأليف الجمعية لا يحتاج إلى الرخصة بادئ الأمر، لكنه يلزم في كل حال بمقتضى المادة السادسة إعلام الحكومة بها بعد تأسيسها، وبالتالي يكفي عند تأسيس جمعية معينة أن يتقدم مؤسسوها لدى وزارة الداخلية والبلديات ببيان علم وخبر، إنما جرى تحويله، في الممارسة العملية، وخلافًا للمبدأ، إلى رخصة".

وعن صلاحية حلّ الجمعية، يقول إنها "تعود إلى مجلس الوزراء دون سواه بمقتضى المادة الثالثة من قانون الجمعيات، بنصها الآتي: "لا يجوز تأليف جمعيات مستندة إلى أساس غير مشروع مخالف لأحكام القوانين والآداب العمومية، وإلا يرفض إعطاء العلم والخبر، وتحل بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء".

حق دفاع؟
إذا، من الواضح أن لا ترخيص وإنما علم وخبر. لكن ثمة مقاربة لافتة يتوقف عندها اسماعيل هي ما يعرف بـ"حق الدفاع". إذ يشير إلى "مبدأ ذي قيمة دستورية، فعندما يكون الأمر يتعلق بالحقوق والحريات الإعلامية، ينبغي أن يتسنى للأفراد، سواء كانوا طبيعيين أو معنويين (أي جمعيات) إعطاء الفرصة للتعبير عن وجهة نظرهم قبل اتخاذ أي إجراء قانوني يتعلق بإنهاء كيانهم القانوني. هذا الحق تكرّس استنادا إلى قرار المجلس الدستوري رقم 3/1995، وهو ما أعطاه قوة دستورية".

ولكن ما الأسباب التي توجب سحب العلم والخبر من جمعية ما؟
يجيب اسماعيل: "وفق قرار مجلس شورى الدولة رقم 203/2000، فإنّ مرسوم سحب العلم والخبر من جمعية يعتبر صحيحا حين يثبت أنها تتعاطى أعمالا خارجة عما نصّ عليه نظامها وقرار إنشائها، من دون أن تُعلم وزارة الداخلية عنها، مما يعني أنه يُستشف من هذا القرار أن إعلام الجمعية لوزارة الداخلية عن أعمال تقوم بها رغم مخالفة نظامها لا يوجب الحل، وهذا الأمر ينطبق على جمعية "رسالات" التي أبلغت الجهات المختصة بنشاطها إن سلّمنا جدلا بمخالفة نظامها، عدا عن أن هناك اختلافا جوهريا بين أخذ العلم والترخيص".

ويتابع: "إذا سلّمنا بثبوت وقوع جمعية "رسالات" في دائرة مخالفة القوانين بحكم مخالفة تعميم صادر عن رئيس الحكومة، فإن المشروعية تُنتهك لحظة سريان الأعمال الإدارية على الأفراد، وبما أن التعميم التنظيمي نُشر في الجريدة الرسمية في 25 أيلول 2025، أيّ في اليوم الّذي جرى فيه الاحتفال المشكو منه في رحاب صخرة الروشة، فإن حجة مفاعيل التعميم غير قائمة إلا لحظة سريانه، ذلك أن الاجتهاد استقر، على وجه ثابت وقطعي، على أن سريان الأعمال الإدارية يبدأ في اليوم الّذي يلي النشر، أيّ في يوم الجمعة، ما دام التعميم لم يلحظ تاريخ نفاذه، مما يعني أن النشاط المشكو منه قد جرى قبل سريان مفاعيل التعميم على الأفراد".

فهل يمكن أن "تنفد" الجمعية المعنية من سحب العلم والخبر منها، استنادا إلى هذه التفسيرات؟ وهل يمكن أن تستعمل "حق الدفاع" المنصوص عليه في القرار الدستوري؟