إستدعاءات "الحقوق" بالجملة: مناقشات الماستر مهندَسة غب الطلب

كان يفترض أن يكون جهاز أمن الدولة قد اختتم التحقيقات في ملف تزوير علامات طلاب لبنانيين وأجانب في كلية الحقوق الفرع الأول، بعد صدور بيان عنه مساء أمس، أكد فيه أن التحقيقات كشفت حصول عمليات تزوير متعددة، منها تبديل أوراق المسابقات، تزوير تواقيع الأساتذة، وتعديل العلامات سواء على المسابقات مباشرة أو عبر نظام إدخال العلامات الإلكتروني. وأكد الأساتذة المتخصّصون والموظفون هذا التلاعب الذي طاول عدداً كبيراً من الطلاب اللبنانيين والأجانب، كما جاء في البيان.

استدعاء بالجملة

لكن أمن دولة عاد واستدعى أساتذة ومديرين وعميد الكلية للتحقيق اليوم. في حين بقي قيد التوقيف أربعة أشخاص. وهذا ما يعني أن التحقيق سيستمر أقله حتى يوم الاثنين المقبل قبل إحالة الملف إلى قاضي التحقيق للادعاء على المتورطين بتهم شتى من تزوير وتلقي رشاوى وغيرها. 

ووفق معلومات "المدن" استدعى أمن الدولة أساتذة وموظفين بالجملة اليوم ووصل العدد إلى سبعة أشخاص وعلى رأسهم عميد الكلية. فقد تبين من التحقيق معه يوم أمس أن توقيعه مزور على مسابقة. وقد سئل عن قضية لجان المداولات التي ترفع الطلاب وعدم حصولها على توقيعه والسماح لهذا الأمر في كليته. وسئل أيضاً عن السماح للفرع الأول بهذا الأمر من دون موافقة مجلس الوحدة. 

حتى يوم أمس لم يكن أمن الدولة قد استدعى أساتذة وموظفين من الفرع الثالث لكلية الحقوق، بالرغم من تشابك ملف التلاعب بعلامات الطلاب الأجانب بين الفرعين. وتقول مصادر متابعة: بعد استدعاء عميد الكلية يوم أمس، عاد أمن الدولة واستدعى موظفين وأساتذة من الفرعين الثالث والأول أيضاً اليوم. ويبدو أن استدعاء عميد الكلية أتى اليوم على خلفية تشكيل لجان مناقشة أطروحات الماجستير. وهذه قضية ثانية أخطر من قضية التلاعب بالعلامات.

لجان ماجستير غب الطلب

ووفق وثائق اطلعت عليها "المدن" تبين أن كل لجان المناقشة المشكلة لطلاب أجانب ولبنانيين محظيين في ماجستير القانون العام مؤلفة من ثلاثة أساتذة فقط لا غير. أحياناً يتغير قارئ من هنا أو هناك، لكن أساس اللجان قائمة عليهم. وهو ما طرح علامات استفهام حول هذه التركيبة، وإذا كان يقف خلفها ملف فساد كبير في كيفية منح الشهادات العليا. وعليه جرى استدعاء أساتذة ومديرين إلى التحقق في الماجستير، إضافة إلى العميد الذي يوقع تشكيل اللجان. 

وموضوع اللجان مرتبط بفضيحة التزوير والتلاعب بالعلامات التي استفاد منها طلاب لبنانيون وأجانب. ووفق معلومات "المدن" تبين أن الطلاب الأجانب كانوا مسجلين في الفرع الثالث في طرابلس في مرحلة الليسانس، حيث جرى استقدامهم للتسجيل هناك عوضاً عن الفرع الأول في بيروت. لكن في مرحلة الماجستير أعيد تسجيلهم في بيروت. لكن انكشاف عملية التلاعب بالعلامات أدى إلى انكشاف أمر تشكيل لجان المناقشة. 

وتقول مصادر مطلعة إن أحد الأساتذة في الفرع الثالث بذل المستحيل كي يحصل على ساعات لتدريسها في الماجستير البحثي، حيث انتقل الطلاب الأجانب. علماً أن هذا الأستاذ محظي جداً. فهو قريب أستاذ نافذ من آل م. رشح نفسه لخلافة بسام بدران في رئاسة الجامعة. وتسأل المصادر: هل هذا الأمر مجرد مصادفة؟ وتضيف أن إشكالية التحقيق الذي يجريه أمن الدولة لم يطل مرحلة الليسانس في الفرع الثالث. 

امتحانات VIP

وتشرح المصادر أنه في الفرع الأول ظهر التزوير لطلاب في مختلف المراحل، لكن بما يتعلق بالأجانب تبين أنهم أتوا من الفرع الثالث، حيث أنهوا الليسانس. فهل كانت شهادة الليسانس الخاصة بهم على شاكلة تزوير علامتهم في الفرع الأول؟ وهنا تعقب مصادر من الفرع الأول أن نحو سبعة طلاب أجانب استفادوا من إجراء امتحانات VIP، حيث خصصت قاعة لهم مع بعضهم فقط لا غير. وأتى هذا الأمر بعد خلافات حصلت في الفرع حول حرمان أحد الطلاب من الامتحان بسبب الغش، ليتبين أنه أعيد وأجري له امتحان من دون علم الأستاذ.   

وإذ كشفت التحقيقات طرق تزوير مبتكرة، منها كتابة الطالب جملة "لتعليم" مسابقته (اسم الطلب يكون سرياً ولا يحق للأستاذ فتح المغلف) كي يرشد المصحح إليه ويرفع له علاماته، تبين أن تورط مدير الفرع الأول بـِ "تظبيط" علامة لصديقه الإعلامي، و"تظبيط" أمين السر علامة للطالب الموقوف م.م. بسيط جداً أمام قضية تركيب لجان المناقشات. 

هل أجروا الامتحانات؟

وتضيف المصادر، أن الامتحانات في الفرع الأول كانت تجرى يوم توسع العدوان الإسرائيلي على لبنان في 23 أيلول العام 2024. وتوقفت الامتحانات إلى حين عودة الجامعة إلى العمل من جديد. وقد استؤنفت هذه الامتحانات في نهاية شهر كانون الأول ولم يحضر لا الطلاب الأجانب ولا اللبنانيون المسافرون. ثم جرت امتحانات استثنائية للمسافرين بين كانون الثاني وشباط، وبطبيعة الحال لم يحضرها أحد في ظل الظروف التي سيطرت على لبنان. فمتى أجرى هؤلاء الطلاب امتحاناتهم؟ 

وأخذاً بالاعتبار أن أي بحث لأطروحة الماجستير في حاجة إلى سنة عمل من الطالب وإجراءات إدارية طويلة، فمتى تشكلت هذه اللجان؟ وكيف جرى منح الشهادات؟ إلا إذا كانت اللجان غب الطلب و"مهندَسة" على قياس طلاب بعينهم، يعرفون نتيجتهم مسبقاً. فهل جرى تكليف مكاتب لكتابة الأبحاث لهم، وفق الموضة المسيطرة في لبنان؟ 

على أمل ألا ينتهي هذا الملف كما حصل في قضية الطلاب العراقيين. حينذاك اختصرت القضية كلها بتلقي موظفين في وزارة التربية رشاوى لتسهيل معاملات الطلاب، في حين أنَّ الأساس كان شبكة تجارة بيع شهادات الدكتوراه والماجستير. هل يتوسع أمن الدولة في اليومين المتبقيين ويكشف أسرار الفرع الثالث؟