إستنكارات لتجدد حرب غزة...وتحذير من مغبة تفجر الأوضاع في المنطقة

توقفت الهدنة التي استمرت نحو شهرين بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، مع شن إسرائيل غارات جوية مكثفة على القطاع، أسفرت عن مقتل 354 شخصا، حسب السلطات الصحية الفلسطينية.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أنه أصدر تعليمات للجيش باتخاذ "إجراء قوي" ضد حماس رداً على رفض الحركة إطلاق سراح الرهائن، ورفضها مقترحات وقف إطلاق النار، مؤكدًا أن إسرائيل "ستتحرك من الآن فصاعدا لمواجهة حماس بقوة عسكرية متزايدة". 

بينما اتهمت حماس في بيانها، إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار، مما يجعل مصير 59 رهينة لا يزالون في غزة مجهولا.

وفي ظل هذا التصعيد الجديد، توالت ردود الفعل العربية والدولية على الغارات الإسرائيلية، مع تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع وتداعيات خطيرة على استقرار المنطقة بأكملها.

وأكد الجيش الإسرائيلي، الذي قال إنه قصف عشرات الأهداف، أن الضربات ستستمر ما دام ذلك ضروريا وستتجاوز نطاق الغارات الجوية، مما يزيد من احتمالات استئناف القوات البرية الإسرائيلية القتال.

عمن جانبها، أعربت عائلات المختطفين الذين لا يزالون في قطاع غزة، عن قلقها من قرار الحكومة الإسرائيلية، معتبرة أن استئناف القتال قبل عودة آخر المختطفين قد يعرض حياتهم للخطر.

وانتقد مسؤول أمني إسرائيلي استئناف العمليات العسكرية، معتبرًا أن "الضغط العسكري الشديد لم يؤد حتى الآن إلى تليين موقف حماس في المفاوضات، فكيف يمكن أن يحقق ذلك هجوم جديد؟"، وفق هيئة البث الإسرائيلية.

وأشارت الهيئة إلى أن الاجتماع الحكومي الذي سبق الهجوم، شهد توترا بين نتانياهو ورئيس الشاباك رونان بار، حيث أبلغ رئيس الوزراء بار بأنه سيطرح قرارا حكوميا لإنهاء مهامه بسبب "فقدان الثقة المستمر".

من جانبها، طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، بـ"موقف دولي حازم" من أجل وقف فوري للغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، محذرة من إقدام إسرائيل على "تنفيذ مخططاتها بتهجير أبناء شعبنا".

وأكدت الخارجية في بيان، الثلاثاء، أن الحلول السياسية هي "مدخل لتحقيق التهدئة ووقف العدوان واستعادة الأفق السياسي لحل الصراع".

وأدانت، الهجوم المتواصل على القطاع، معتبرة أنه يمثل "هروبا إسرائيلياً رسميا من استحقاقات تثبيت وقف الحرب.. وتعطيلاً للجهود الدولية الداعمة لخطة إعادة الإعمار وتوحيد شطري الوطن، وتجسيد الدولة الفلسطينية".

"فزع"

عبّر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن شعوره بـ"الفزع" إزاء القصف الإسرائيلي على غزة.

وقال تورك في بيان: "أشعر بالفزع إزاء الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي على غزة الليلة الماضية، والذي أسفر عن مقتل المئات، وفقا لوزارة الصحة في القطاع. هذا سيزيد مأساة إلى المأساة".

وأضاف: "لجوء إسرائيل إلى مزيد من القوة العسكرية لن يؤدي إلا إلى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني، الذي يعاني بالفعل من ظروف كارثية".

من جهتها، ذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن إسرائيل "تشاورت مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غاراتها على غزة"، الثلاثاء.

وقالت في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز": "تشاور الإسرائيليون مع إدارة ترامب والبيت الأبيض بشأن هجماتهم على غزة الليلة".

وتابعت: "مثلما أوضح الرئيس ترامب، فإن حماس والحوثيين وإيران، وكل من يسعى لإرهاب ليس إسرائيل فحسب، وإنما الولايات المتحدة أيضا، سيدفع ثمنا باهظا. ستُفتح أبواب الجحيم".

وسبق أن أصدر ترامب تحذيرا علنيا مستخدما كلمات مماثلة، قائلا إن على حماس إطلاق سراح جميع الرهائن في غزة وإلا "فستفتح أبواب الجحيم على مصراعيها".

أما الاتحاد الأوروبي، فقد أعرب عن "أسفه لاستئناف الأعمال العدائية في غزة".

وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، أنور العنوني، إن التكتل الأوروبي يطالب حركة حماس "بالإفراج عن جميع الرهائن، كما نطلب من إسرائيل التحلي بضبط النفس وإعادة فتح الوصول الإنساني الحر إلى غزة".

وتابع: "نؤمن بأن المفاوضات هي السبيل الوحيد لإيجاد حل. لقد عانى الإسرائيليون والفلسطينيون بشكل كبير خلال العام الماضي. حان الوقت لكسر دوامة العنف هذه".

وحول الوضع في معبر رفح الذي تشارك بعثة المراقبة الأوروبية بالإشراف على عمله، قال العنوني: "تم إغلاق المعبر، وقد بدأت البعثة التابعة للاتحاد الأوروبي في تنفيذ إجراءات طوارئ للتعامل مع الوضع المتطور".

من جهته، قال وزير الخارجية البلجيكي مكسيم بريفوت، "إن الاتفاق بين إسرائيل وحماس واضح، فهو ينص على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. إنني أدين الضربات الإسرائيلية الجديدة وخسائرها البشرية الفادحة، التي تهدد هذه الأهداف".

وأضاف الوزير البلجيكي في منشور على موقع "إكس": "يعد منع المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين انتهاكا خطيرا للقانون الدولي. وأدعو الأطراف إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، التي يجب أن تمهد الطريق لإعادة الإعمار والسلام للجميع".

واستطرد: "لقد اقترحت الدول العربية، بدعم من الاتحاد الأوروبي، بالفعل خطة لتحقيق ذلك. دعونا لا نعود إلى الوراء".

كما عبّر الكرملين، الثلاثاء، عن قلقه إزاء "سقوط عدد كبير من المدنيين" بعد الغارات الإسرائيلية.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين "لا شك أنه تدهور جديد للوضع (في غزة) ودوامة تصعيد أخرى تثير قلقنا".

وتابع: "التقارير عن سقوط أعداد كبيرة من السكان المدنيين تثير القلق بشكل خاص... نراقب الوضع عن كثب، وننتظر بالطبع عودته إلى مسار سلمي".

تنديد عربي

نددت وزارة الخارجية المصرية في بيان، الثلاثاء، بالغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، ووصفتها بأنها "انتهاك صارخ لاتفاق وقف إطلاق النار.. وتصعيد خطير ينذر بعواقب وخيمة على استقرار المنطقة".

وأكدت الوزارة رفض مصر "لكافة الاعتداءات الإسرائيلية الرامية إلى إعادة التوتر للمنطقة، والعمل على إفشال الجهود الهادفة للتهدئة واستعادة الاستقرار".

وطالبت المجتمع الدولي "بالتدخل الفوري لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة للحيلولة دون إعادة المنطقة لسلسة متجددة من العنف والعنف المضاد".

كما دعت "الأطراف إلى ضبط النفس وإتاحة الفرصة للوسطاء لاستكمال جهودها للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار".

وبدورها، دانت وزارة الخارجية  الأردنية استئناف إسرائيل عدوانها على غزة، وشنّها غازات على مناطق متفرقة في القطاع.

وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة، على "ضرورة أن تلتزم إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار بجميع مراحله، الذي أُنجز بجهود قطرية مصرية وأميركية"، محذرًا من "مغبة تفجّر الأوضاع في المنطقة، إذا استمرّت إسرائيل بعدوانها على غزة".

ودعا  القضاة المجتمع الدولي لـ"تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وقف عدوانها على غزة بشكل فوري، وضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بمراحله كافة، وإعادة التيار الكهربائي في غزة، وفتح المعابر المخصّصة لإرسال المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء القطاع الذي يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة". 

كما أدانت وزارة الخارجية السعودية، استئناف الغارات الإسرائيلية على غزة.

وبدورها، قالت تركيا إن الهجمات على غزة "تظهر انتقال إسرائيل إلى مرحلة جديدة في سياسة الإبادة الجماعية" بحق الفلسطينيين.

وناشدت المجتمع الدولي "اتخاذ موقف حازم لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع".

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان، إن "من غير المقبول تسبب إسرائيل في دائرة عنف جديدة" بالمنطقة.