إسرائيل تروّع ولاريجاني يحرّض ولبنان في المقتلة

رسم افراط إسرائيل في العنف والوحشية اللذين تنزلق إليهما على نحو بالغ الخطورة في لبنان، كما مضي إيران في استثمار الحرب والإمعان في الحرب بالواسطة عبر "حزب الله"، معالم قاتمة للغاية حيال الفرصة الأخيرة لاحلال هدنة وتسوية لوقف النار التي يتولاها الموفد الأميركي إلى لبنان وإسرائيل أيموس هوكشتاين. ترسيخ الانطباعات القاتمة هذه لم يقتصر على يوم لاهب آخر أشعلت عبره الطائرات الحربية الإسرائيلية العديد من المناطق اللبنانية بقصف تدميري أعمى وبإطلاق وتيرة إنذارات الرعب للناس على الغارب فقط، بل عكسه أيضاً عدم صدور أو انكشاف أي نتيجة مثبتة وجدية وعلنية للمحادثات المطولة التي أجراها هوكشتاين في إسرائيل ولم يصدر أي بيان أو تصريح عن الموفد الأميركي في شأنها خلافاً لما كانر فعله في بيروت.

وإذ انتظر المفاوض اللبناني المتمثل بالرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ومن خلفهما "حزب الله" أي اتصال أو تواصل من الموفد الأميركي لمعرفة حقيقة ما أفضت إليه زيارته لإسرائيل بدا ذكر موقع أكسيوس أمس أنّ هوكشتاين عاد إلى واشنطن ولا توقعات بالإعلان عن أي اتفاق لوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية قبل الأسبوع المقبل. وفيما نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مصادر إسرائيلية أنّ التسوية لن تكون غداً إنّما في خلال أسابيع، نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بالنقاط العالقة بين إسرائيل و"حزب الله" للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

وأشار التقرير إلى أنّ إحدى هذه النقاط هي إصرار إسرائيل على استبعاد فرنسا من الاتفاق، و عدم انضمامها ضمن أعضاء اللجنة الدولية التي ستراقب تنفيذ الصفقة، وذلك بسبب ما تَعدُّه إسرائيل "عدائية" من فرنسا تجاهها في الأشهر الأخيرة، تحت إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون.

وأشار التقرير إلى أنّ القضية الأخرى تتعلق بـ13 نقطة حدودية بين إسرائيل ولبنان تُشكل خلافاً بسبب مشاكل ترسيم الحدود. وأن إسرائيل تطالب بلغة معينة في الاتفاق تتيح لها اختيار عدم الانخراط في المفاوضات حول النقاط المتنازع عليها. ويضيف إن لبنان "وافق على أن تصدر الولايات المتحدة رسالة تدعم حرية إسرائيل في التصرف في لبنان ضد (التهديدات الوشيكة)، لكن الصياغة النهائية حول قضية نقل الأسلحة داخل لبنان لم يجرِ الاتفاق عليها بعد". وصرح مسؤول كبير للقناة 12: "جرى الاتفاق على معظم التفاصيل، لكن ما يظل قيد النقاش هو أمور حساسة جداً وقد تعرقل تنفيذ الاتفاق".

 في أي حال بدا التصعيد الجنوني في قصف مناطق الضاحية الجنوبية والجنوب امس غداة المجازر التي ارتكبت في البقاع الشمالي دليلا دمويا قاطعا على مضي إسرائيل في خطتها التصعيدية المتدحرجة بمعزل عن أي تأثير للجهود الديبلوماسية الجارية . وتمثل التطور الأخطر ميدانيا في تأكيد مصادر عسكرية وأمنية لبنانية ان القوات الإسرائيلية المتوغلة في المنطقة الحدودية الجنوبية نصبت حاجزا عند مفترق دير ميماس الغربي وقطعت الطريق بواسطة جرافة ودبابة ومنع مرور دورية لليونيفيل من العبور . اما في استهداف الأعماق فضجت ساعات النهار وحتى الليل بالإنذارات المتعاقبة التي وجهها  الناطق باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي إلى مناطق الضاحية والمناطق المحيطة فيما تلاحقت غارات الطيران الحربي الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية مستهدفا خصوصا منطقتي الحدث- الكفاءات و حارة حريك الشياح وصولا حتى مشارف عين الرمانة .  وجرى إخلاء "سيتي سنتر" في الحازمية من الرواد بسبب قربه من المناطق المهددة بالقصف.

كما شن الطيران الحربي الاسرائيلي سلسلة غارات في الجنوب مستهدفا الناقورة ومحيط أرنون ومنطقة الحوش في محيط صور والمنطقة الصناعية والكورنيش البحري والمعشوق والتشاحن الشعبية في محيط صور وعيتيت والمنطقة الواقعة بين بلدتي صربا وعين قانا وقلب مدينة صور وتحديدا مبنى الدلباني في شارع قرطاج  والمنطقة بين بلدتي شوكين وزبدين وحي الكرم في الزهراني.

وأعلن الجيش الإسرائيلي في المقابل أن نحو 30 صاروخاً أطلقت من لبنان على الجليل الغربي والأعلى ومنطقة حيفا.

وفي السياق أعلنت قوّات "اليونيفيل" أن صاروخين من عيار 122 ملم أصابا مقر قيادة القطاع الغربي في شمع، ما أدّى إلى جرح أربعة جنود حفظ سلام إيطاليين، وهم يتلقّون العلاج الآن في مستشفى القاعدة. وأضافت في بيان: "الصواريخ، التي أطلقها على الأرجح حزب الله أو الجماعات التابعة له، أصابت ملجأ ومنطقة لوجستية تستخدمها الشرطة العسكرية الدولية، ما تسبّب في أضرار جسيمة للبنية التحتية القريبة. اشتعلت النيران في أحد الهياكل المتضرّرة، لكن أفراد القاعدة أطفأوا الحريق بسرعة".

وأوضحت أن "هذا هو الهجوم الثالث على قاعدة اليونيفيل في شمع خلال أسبوع، ويأتي وسط قصف عنيف ومناوشات برية في منطقتي شمع والناقورة في الأيام الأخيرة، ما أدّى إلى تفاقم التوترات في المنطقة". وحثّت "اليونيفيل" الأطراف المتقاتلة بشدّة على "تجنّب القتال بالقرب من مواقعها واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة وموظّفيها في جميع الأوقات". وختمت: "إن أي هجوم ضد جنود حفظ السلام يشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي وقرار مجلس الأمن الدولي 1701، وإن الاستهداف المتعمّد أو العرضي لقوات حفظ السلام العاملة في جنوب لبنان يجب أن يتوقّف على الفور لضمان سلامتهم واحترام القانون الدولي".

في وقت سابق، أفادت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني بأن أربعة جنود إيطاليين أصيبوا بجروح طفيفة خلال "هجوم" جديد على قوة الأمم المتحدة الموقتة لحفظ السلام في لبنان (اليونيفيل). وقالت ميلوني في بيان "بلغني بشديد الاستياء والقلق أن هجمات جديدة استهدفت المقر الإيطالي لقوة اليونيفيل في جنوب لبنان وأصابت جنودا إيطاليين". ووصفت هذه الهجمات بأنها "غير مقبولة".

وقالت وزارة الدفاع الايطالية في بيان إن "أربعة جنود إيطاليين أصيبوا بجروح طفيفة بعد انفجار قذيفيتين عيار 122 ملم اصابت قاعدة (للقوة الاممية) في قرية شمع في جنوب لبنان، تضم الكتيبة الايطالية وقيادة القطاع الغربي لليونيفيل". ونقل البيان عن وزير الدفاع غيدو كروسيتو قوله "ساحاول التحدّث إلى وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد (يسرائيل كاتس)، الأمر الذي كان متعذّراً منذ تولّيه منصبه، لأطلب منه تجنّب استخدام قواعد اليونيفيل دروعاً".

بدوره، أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني أن "حزب الله" هو على الأرجح وراء الهجوم. وقال الوزير للصحافيين في تورينو بشمال البلاد "هما على ما يبدو صاروخان ... أطلقهما حزب الله أيضاً".

 لاريجاني يحرض !

في غضون ذلك اثار ما نشر عن توقع علي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي ما وصفه  ب"تغير المعادلة في الشرق الأوسط" بعد رسالة خامنئي الأخيرة إلى لبنان وسوريا استغرابا واسعا أوحى بمضي ايران في توظيف ذراعها "حزب الله" الى درجات قاتلة بعد . وقال لاريجاني، إن "حزب الله" «لم يستخدم أسلحته المهمة، وإذا فعل ذلك فإن المعادلة ستتغير إلى حد كبير".وأضاف في مقابلة أجرتها وكالة "تسنيم"التابعة لـ"الحرس الثوري" أن بلاده "واثقة تماماً من انتصار (حزب الله) على إسرائيل".

وأضاف "الأحداث الأخيرة واسعة النطاق لدرجة أنها يمكن أن تؤثر على أمن المنطقة بأكملها، أي أن ما يفعله اليوم (حزب الله) والمقاومة في لبنان سيترك تأثيراً على أمن المنطقة برمتها". ولفت لاريجاني إلى أن رسالة خامنئي التي سلّمها الأسبوع الماضي إلى الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري "بالتأكيد ستترك تأثيراً" وقال: "بعد الرسالة، نأمل أن نرى نتيجة ذلك في سلوك قوى المقاومة (...) وإلى حد كبير يمكننا رؤية ذلك... لأن المعادلة قيد التغيير".

وأشار لاريجاني أيضاً إلى أن "الأسد وبري يعتبران خامنئي الشخص الذي يقود المنطقة، وهو معني بحل مشاكلها وأزماتها" لذا فإن الرجلين "التقطا رسالته بالتفاعل المطلوب، بعدما وجدا في مضمونها ما تحتاجه المنطقة في هذا الوقت". وعلق على الوضع الميداني لـ"حزب الله"، وقال إن "إسرائيل اعتقدت بعد ضربة (البيجر) واغتيال نصر الله، أن الأمر انتهى، لكن الحقيقة أن المقاومة وجدت طاقة جديدة، وأعادت تنظيم قيادتها، وهو ما أدى إلى تغيير الوضع في الميدان".