المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الخميس 15 شباط 2024 17:27:59
مع تعميق إسرائيل ضرباتها الجوية جنوبا إلى مدينة النبطية وسقوط 11 مدنيا، بينهم 6 أطفال أمس الأربعاء، بات الخوف من توسع رقعة الحرب واشتعال الجبهة جنوبا جدياً. فالجنوب كما بات شبه مؤكد لدى المحللين والخبراء العسكريين لم يعد تفصيلاً بالنسبة إلى إيران إنما مسألة حياة وموت لأنه جبهتها الوحيدة مع إسرائيل. وحتى الآن يبدو أن حزب الله غير جاهز لترسيم الحدود البرية كي لا ينتهي الدور الإيراني على حدود إسرائيل وكي لا يبقى مبرر لبقاء سلاحه.
إزاء كل هذه التطورات العسكرية جاء كلام رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين إن "العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان لن يمر دون رد، وهذا الرد سيكون بالمستوى المطلوب والمناسب". وحتى الآن يبدو أن الرد على توسع القصف الإسرائيلي جغرافيا سيقتصر من قبل الحزب بالكمّ والنوع.
التناقض في المشهد العسكري على أرض الجنوب لا يزال سيد الموقف. وفي حين يرى محللون بأن إسرائيل عازمة على توسيع الحرب مع حزب الله، يقرأ آخرون أنها ليست مستعدة عسكريا لمواجهة شاملة مع الحزب. في حين أن الحزب يصر على الرد بالمثل وهذا ما أظهره في رده على قصف إسرائيل مدينة النبطية بقصف صفد التي تبعد 30 كيلومترا عن الحدود مع لبنان وقد أدى ذلك إلى سقوط عدد من القتلى في صفوف الجنود الإسرائيليين.
"ما لم يعد ممكنا وسهلا أن يقف حزب الله في منتصف الطريق أو أن يعود خطوة إلى الوراء" يقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية ومكافحة الإرهاب العميد المتقاعد هشام جابر. ويستطرد" "منذ بداية الحرب ومحاولات إسرائيل لاستدراج حزب الله للمبادرة بالضربة الأولى لتوسيع رقعة الحرب قائمة. حتى أن الأسطول البحري الأميركي الذي رسا في المتوسط مع اندلاع الحرب على غزة في 7 تشرين الثاني 2023 كانت مهمته محددة بمساندة إسرائيل وضرب مواقع الحزب في ما لو قرر توسعة الجبهة. إلا أن الحزب بقي مسيطرا على الأرض واكتفى بالرد المناسب مما اضطر الإدارة الأميركية إلى سحب أسطولها البحري والعودة إلى قواعده سالما وخائبا".
وفي السياق، يقول جابر إن حركة الموفدين الدوليين لم تعد تنفع إذا ما استمرت إسرائيل على موقفها من عدم تطبيق القرار 1701 لأنه يلزمها بموجب المادتين 5 و10 بالحدود الدولية للبنان وفق اتفاقية رودوس الموقعة عام 1949. في حين أن الجواب الرسمي من قبل الجانب اللبناني كان واضحا "فلتطبق إسرائيل القرار 1701 ونحن مستعدون لذلك. التطبيق يحتاج إلى موافقة الطرفين وحتى اللحظة إسرائيل مصرة على موقفها الرافض لذلك".
النقطة الثانية التي تصر عليها إسرائيل تتمثل بإبعاد حزب الله إلى شمالي الليطاني وهذا لن يحصل بالطرق الديبلوماسية كما بات شبه مؤكد. في حين أن إبعاده عسكريا يتطلب حربا برية شاملة. وتدرك إسرائيل جيدا أن إعلان حالة حرب شاملة مع لبنان سوف يكون أصعب بكثير من غزة إن على المستوى اللوجستي والعسكري إذ أن حزب الله وفق العميد جابر لم يستعمل حتى الآن صاروخا ذكيا واحدا من أصل 6000 صاروخ يملكه، هذا عدا عن الكلفة التي ستتكبدها حكومة نتانياهو في هذه الحرب الشاملة والتي تفوق خسائرها بحسب خبراء الـ30 مليار دولار.
لكن الكلفة الباهظة ليست فقط على إسرائيل كما يتوهم البعض. فالخسائر التي يخلفها القصف الإسرائيلي على الجنوب لم تحصَ حتى الآن، لكنها حتما تفوق في حجمها خسائر حرب تموز 2006، ناهيك عن الأضرار التي تخلفها القذائف الفوسفورية على مواسم وطبيعة التربة في الأراضي الزراعية التي احترقت محاصيلها بالكامل وتحديدا أشجار الزيتون إضافة إلى توقف المدارس والجامعات وكذلك الأعمال في المؤسسات التجارية والشركات...وصولا إلى الضحايا المدنيين الذين يسقطون يوميا خصوصا بعد توسع رقعة الحرب من جهة إسرائيل جغرافيا.
وفي السياق، يقول جابر" صحيح أننا دخلنا الحرب لكن لم يعد بإمكان حزب الله الوقوف في منتصف الطريق أو اتخاذ قرار بالإنسحاب وقد سقط له 220 شهيدا حتى اليوم، كذلك هناك حوالى 200 ضحية بين مدني وصحافي. أضف إلى أن الولايات المتحدة و إيران ترفضان الحرب الشاملة في حين تستدرج إسرائيل حزب الله نحو هذه الحرب في توسيع الرقعة الجغرافية والحزب بالكمّ والنوع".
إثر العملية التي استهدفت مسؤولا أمنيا في حركة حماس في منطقة جدرا الجنوبية برزت المخاوف من أن يوجه الحزب صواريخه نحو حيفا التي تبعد 30 كيلومترا عن الحدود وتل أبيب "لكن الحزب لا يزال متمسكا باستراتيجية الرد المناسب والمطلوب. وما دام لديه بنك أهداف بمسافة تراوح بين 10 و12 كلم فلماذا يدخل الحرب الشاملة؟ ".
يبقى السؤال إلى متى ستلتزم إيران سياسة رد الصاع بصاعين وتلزم الحزب بعدم الإنزلاق وراء مشروع الحرب الشاملة؟ " حزب الله سيصبر بالقدر الممكن لأنه يدرك أن إسرائيل مأزومة، لا سيما في الشمال حيث سكان المستوطنات لا يزالون في عداد النازحين مما يكبد حكومة إسرائيل تكاليف باهظة عدا عن النقمة الشعبية المثارة ضده من قبل أهالي الأسرى لدى حماس والنازحين من المستوطنات الشمالية، لكن بالتوازي لا يمكن الإستمرار بحرب استنزاف مماثلة ".
نفهم أن الحرب الشاملة غير واردة على عكس كل التوقعات العسكرية؟ ويجيب جابر:"مستبعدة لكن في الحرب كل شيء ممكن وحادثة صغيرة أو قصف ميداني أو تهديد من قبل إسرائيل بعملية اجتياح بري للجنوب يسبقها قصف جوي كبير من شأنه أن يشعل الحرب وتشتعل الجبهات .
أيضا إذا قامت إسرائيل بعملية اغتيال لمسؤول كبير أو إذا تعرضت الضاحية أو شمال الليطاني للقصف، فهذا خطأ كبير وقد يؤدي إلى استدراج الحزب نحو الحرب الشاملة لكن حتى اللحظة هذه الحرب مستبعدة وتقتصر على توسعة الرقعة جغرافيا من قبل إسرائيل وبالكم والنوع في رد حزب الله"يختم جابر.