المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الجمعة 4 تموز 2025 09:41:40
في توقيت بالغ الدقة، تزامن وصول الموفد السعودي يزيد بن فرحان إلى بيروت، مع اشتعال المشهد الأمني جنوبًا، وتكثّف المساعي الدبلوماسية حول "ورقة بارّاك" التي لا تزال قيد النقاش على الطاولة اللبنانية. ومع أن الرد الرسمي لم يُحسم بعد، إلا أن المؤشرات تتقاطع عند رفض ضمني لها من قبل "حزب الله"، ما يضع لبنان أمام ملامح مرحلة شديدة الحساسية.
التصعيد الإسرائيلي: بين العصا والرسائل المشفّرة
في مقابل الحراك الدبلوماسي الأميركي - العربي، اختارت إسرائيل مجددًا لغة النار. فاغتالت هدفًا نوعيًا قرب بيروت، في واحدة من العمليات النادرة منذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني الماضي، تلتها سلسلة غارات عنيفة استهدفت عمق البنية التحتية لـ"حزب الله" في الجنوب والبقاع الغربي، في مشهد بدا وكأنه يترجم الرفض الإسرائيلي لأي تهاون في ما تعتبره "خطوطًا أمنية حمراء".
وبحسب بيان الجيش الإسرائيلي، فإن المستهدف في عملية خلدة كان مسؤولًا عن تنسيق عمليات تسليح لحساب "فيلق القدس" الإيراني، وهو اتهام رافقته تهديدات ضمنية بمزيد من التصعيد ما لم تُكبح "المخاطر الإيرانية" على حدودها الشمالية.
الرسائل تتقاطع: بارّاك يلوّح بالجزرة، وإسرائيل تلوّح بالعصا
اللافت، أن التصعيد العسكري جاء بعد زيارة المبعوث الأميركي توماس بارّاك، الذي حمل في جعبته مقترحات اعتُبرت من وجهة نظر الحزب محاولة "نزع سلاح مغلّفة"، عبر تقديم حوافز للشيعة في لبنان في مقابل تهدئة مستدامة في الجنوب. غير أن المقاربة الأميركية لم تلقَ قبولًا داخل أوساط الحزب، ما دفع إسرائيل إلى التحرك، وفق ما تؤكده مصادر سياسية مطلعة لـkataeb.org، التي ترى في هذا التوقيت رسالة مزدوجة: تحذير أمني وضغط سياسي.
هدنة معلّقة على خيط رفيع
تشير المصادر ذاتها إلى أن لبنان لا يعيش حالة سلم فعلية، بل يقبع في ظل هدنة هشة، قابلة للانهيار عند أول شرارة. فالحرب الإقليمية قد خفّت وتيرتها، لكنها لم تنطفئ بالكامل، وأدواتها لا تزال حيّة: من الغارات الدقيقة، إلى الضغوط المالية، وصولًا إلى مسار العقوبات.
وتلفت إلى أن ما يجري من استهدافات ليس مجرد "حرية حركة" إسرائيلية كما تروّج تل أبيب، بل يُشكّل جزءًا من سياسة أشمل تهدف إلى دفع بيروت – عن طريق القوة الناعمة والخشنة – نحو القبول بخيارات استراتيجية لا تصب في مصلحة "حزب الله".
ما بعد الورقة؟
المشهد اللبناني أمام لحظة مفصلية. فـ"ورقة بارّاك"، قد تكون المدخل لمحاولة فرض أمر واقع جديد. لكن المعادلة لم تُحسم بعد، لا داخليًا ولا إقليميًا، وإسرائيل على ما يبدو مستعدة لاستخدام كل أوراقها – من العصا إلى الاغتيال – لمنع أيّ مسار لا يرضي حساباتها.