إسرائيل تورّط "غوغل" و"مايكروسوفت"... هل تحاسَب الشركتان على جرائم غزّة ولبنان؟

طرح لجوء الجيش الإسرائيلي إلى خدمات شركات تكنولوجيا، وعلى رأسها  "غوغل" و"مايكروسوفت"، إشكاليات متعدّدة مرتبطة بشروط استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بعمل حربي، إمكانية مقاضاة الشركتين بسبب علاقتيهما المباشرة أو غير المباشرة بحرب ارتكبت خلالها إسرائيل جرائم حرب، بالإضافة إلى هوية الدول التي يمكنها اللجوء إلى هذه الشركات.

وثمّة أسئلة كثيرة تُطرح، هل كانت شركات التكنولوجيا تعلم أن تقنياتها ستستخدم لأغراض قتالية؟ هل يمكن مقاضاة هذه الشركات في حال أثبتت التقارير مسؤولية الذكاء الاصطناعي بجرائم الحرب؟ هل يمكن لأيّ دولة اللجوء إلى هذه التقنيات كروسيا والصين وإيران، أم أنّها حكر على الدول المقرّبة من الولايات المتّحدة؟ وغيرها الكثير حول شروط الاستخدام وطبيعة العقود بين الطرفين.

التعامل وشروط الاستخدام
مستشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عامر الطبش يتحدّث لـ"النهار" عن هذه المسألة، ويقول إن شركات تكنولوجيا عدّة تتعامل مع الجيش الإسرائيلي، والأخير هو بمثابة مشترٍ أو زبون يشتري تقنيات الذكاء الاصطناعي من شركات التكنولوجيا كما يشتري الطائرات الحربية من الولايات المتحدة أو البضائع من شركات ودول أخرى.

العقود بين الجيش الإسرائيلي وهذه الشركات نقطة إشكالية أيضاً، والسؤال عن احتمال اشتراط الأخيرة عدم استخدام تقنياتهم لأغراض حربية، وفي هذا السياق، يشير الطبش إلى أن الجيش الإسرائيلي يشتري هذه التقنية التي يمكن لأطراف أخرى شراؤها، لكنّه يطورها ويستخدمها بالطريقة التي يريدها، وكون الاستخدام سرّيّ لأسباب أمنية، وبالتالي فإنّ الشركات قد لا تعي وجهة الاستعمال.

ماذا يقول القانون؟
إلّا أن هذه المسألة لا تعفي من المسؤولية القانونية، ولكن المسار القضائي مختلف عن محاكمة الدول، ووفق ما تقول المحامية المتخصّصة في القانون الدولي الجزائي والأستاذة الجامعية ريتا عيد لـ"النهار"، لا يُمكن ملاحقة الشركات أمام المحكمتين الدوليتين، فالمحكمة الجنائية متخصّصة بالأفراد، ومحكمة العدل متخصّصة بالدول، والشركات هي هيئات معنوية.

إلّا أنّها تشير إلى إمكانية مقاضاة أشخاص في الشركات مسؤولين عن بيع التقنيات، لكن وجب أوّلاً معرفة مدى حجم مشاركة هذا الشخص بمنح العنصر المادي، أي التقنية التكنولوجية، ومدى تسبّب هذه التقنية بالجريمة، ومدى تورّط الشخص بالعنصر المعنوي أو السيكولوجي، أي قصد ارتكاب الجريمة من خلال منح التقنية أو معرفته بأنّ السياق الطبيعيّ لمنح المادة (التقنية) سيوصل إلى الجريمة.

الطبش يعلّق على مدى تسبّب هذه التقنيات بالجرائم، ويؤكّد علاقة شركات التكنولوجيا بالجرائم من منظار تقني، إذ يقول إنّ "الجيش الإسرائيليّ غير قادر على تطوير قدراته التكنولوجية دون تقنيات هذه الشركات"، ويشير إلى أنّ أيّ حكم مفترض ضدّ الشركات أو أشخاص في الشركات سيُسيء إلى سمعتها في السوق.

من يحقّ له استخدام التكنولوجيا؟
هل يُمكن لروسيا مثلاً اللجوء إلى هذه الشركات وتقنياتها، كونها تُعدّ خصماً للولايات المتحدة، أم أن المسألة حكراً على إسرائيل؟ السياسة والقانون يؤديان دوراً في هذا السياق، ويقول الطبش "أيّ دولة يمكنها عقد صفقات مع شركات التكنولوجيا، شرط ألّا تكون هذه الدول على لوائح العقوبات الأميركية، فحينها تمنع القوانين الأميركية هذه الشركات الأميركية من عقد الصفقات".

في المحصّلة، فإنّ التداخل الحاصل بين السياسة والعسكر والتكنولوجيا وصل إلى مستويات غير مسبوقة، والتقارير عن حربي غزّة ولبنان تقول إنّ الجيش الإسرائيلي كان يتحرّك ويستهدف بمساعدة من الذكاء الاصطناعي، وبالتالي فإنّ العلاقة الجدلية بين حقلَي الأمن والتكنولوجيا عميقة، وتبقى العين على قدرة محاسبة المتورطين في الجرائم.