إسرائيل و"حزب الله" تقاطع لتعطيل الـ١٧٠١

حتى الآن لم يبدأ طرفا الحرب في لبنان إسرائيل و"حزب الله" بتنفيذ ما يقع على عاتقهما من بنود وقف إطلاق النار الذي وافق عليه الطرفان من دون تردّد. فإسرائيل تتصرّف على أنها تختزل تنفيذ القرار ١٧٠١ وفق البند السابع أي بالقوة العسكرية ومن دون أن يعطى الوقت الكافي للجيش اللبناني لكي يستكمل انتشاره في الجنوب لينفذ ما هو مطلوب منه. ولذلك رأينا خروقاً إسرائيلية تجاوزت الخمسين، وفي المقابل خروق من "حزب الله" الذي تفيد المعلومات أنه بدلاً من أن يعمد إلى إطلاق ورشة تفكيك بناه التحتية العسكرية، وسحب مسلحيه من منطقة عمليات قوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل"، فإنه يعطي تنظيم نفسه مرة جديدة أولوية من خلال سحب مقاتلين من هنا وإدخال آخرين مكانهم تحت ستار عودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم ونقل مستودعات ومنصّات للصواريخ من مكان إلى آخر، مع تجنب إطلاق عملية التنسيق مع الجيش اللبناني لإنهاء وجوده العسكري جنوبي نهر الليطاني.

إذن نحن نواجه مشكلة مع الإسرائيلي الذي يتصرف على قاعدة أنه مكلف رسمياً باستخدام القوة والعنف في كل وقت لتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار بالدم والتدمير. هذا الأمر يذكرنا في مكان ما بأن الطرفين لم يطبقا يوماً إقرار ١٧٠١ وذلك منذ إقراره في ١٢ آب ٢٠٠٦. وقد تبادلا الأدوار لكي يبقى القرار حبراً على ورق، مع الالتزام بوقف إطلاق النار عموماً. فهل هذا ما يريده لبنان؟ بالتأكيد لا. لكن المعضلة التي يمثلها "حزب الله"، المصمم على فرض قراءته الملتوية لنتيجة الحرب قد تحول دون عودة الاستقرار إلى منطقة الجنوب اللبناني. والحزب المذكور المصاب بالحول السياسي يقرأ الحرب على أنها انتهت بتحقيقه انتصاراً على إسرائيل. وجمهوره اللصيق المصاب بالتبعية العمياء يحتفل فوق الجثث والأنقاض، ويستفز المكوّنات اللبنانية الأخرى التي تعتبر أن قرار التورط في الحرب في الثامن تشرين الأول ٢٠٢٣ كان بمثابة الخطيئة التاريخية التي ارتكبها الحزب المشار إليه للمرة الثانية بعد عام ٢٠٠٦، يستحق المحاسبة الوطنية لا الاحتفاليات المستندة إلى تفكير قرون وسطى.

لا ثقة بإسرائيل ونيّاتها تجاه لبنان، ولا ثقة بـ"حزب الله" وخلفه إيران بسلوكهما في لبنان والمنطقة. والمشكلة أنه إن لم يتخلص لبنان من هذه الحالة الشاذة التي تتمثل بسلاح غير شرعي فسيبقى أسير حروب الآخرين على أرضه. ومن هنا لم يعد معظم اللبنانيين يعتبرون أن الحزب المذكور بصيغته الراهنة مؤهّل للعيش تحت سقف واحد مع بقية المكونات اللبنانية. وبقاؤه على حاله من دون أن تتغير طبيعته ووظيفته سيشكل وصفة مثالية لنشوب مزيد من الحروب الخارجية على أرض لبنان، توازياً مع فتن داخلية لا نهاية لها. من هنا ضرورة تنفيذ القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته بما فيها القراران ١٥٥٩ و١٦٨٠ من أجل إنقاذ لبنان من سلاح غير شرعي لم يكتف بالتورّط في حروب مع الخارج لكنه تورّط في قتل لبنانيين على مدى عقود من الزمن. لم يعد من الممكن قبول هذا الواقع.