المصدر: الجمهورية
الكاتب: ايفا ابي حيدر
الثلاثاء 21 أيار 2019 07:20:42
أدّى إعلان وزير المال علي حسن خليل نية الحكومة «إصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية في حدود ١١ ألف مليار وبفائدة ١ بالمئة» بعد إقرار الموازنة، الى فتح الباب أمام سيناريوهين ينطويان على محاذير تقلق المراقبين وأصحاب العلاقة.
أكد وزير الاقتصاد السابق رائد خوري أنّ نيّة الحكومة اقتطاع نحو 660 مليون دولار من كلفة خدمة الدين العام، عبر إصدار سندات خزينة بقيمة 11 الف مليار ليرة بفائدة 1%، على ما أعلن وزير المال علي حسن خليل ليست بحل، لأنّ هذا التوجّه هو كمَن «يشيل من العب للجيبة»، فما يحصل هو أنّ الحكومة تحاول أن توفّر الأموال من خلال خفض الفائدة على سندات الخزينة، فالفوائد في السوق اليوم 11 في المئة على اليوروبوندز، وبدل أن تدفعها الخزينة يتحمّلها مصرف لبنان. وبالنتيجة هذه الفائدة اما سيتحملها المركزي او خزينة الدولة، وعلى ما يبدو انّ مصرف لبنان هو مَن قرّر تحمّلها بدلاً من الخزينة، لكن بالنتيجة أموال المركزي تأتي من المصارف التجارية. واعتبر خوري انّ المطروح اليوم ليس بحلّ إنما الحل الافضل هو خفض فوائد خدمة الدين، وحتى تنخفض هذه الفائدة المطلوب استرجاع الثقة، إذ لا يمكن خفض الفوائد بالقوة انما هي تتحرّك حسب ثقة الناس ودرجة المخاطرة.
ورداً على سؤال، اوضح خوري ان ليس لهذا الإجراء الذي تعتزم الوزارة اتخاذه أيّ تأثير على خدمة الدين العام لأنه عبارة عن توفير الأموال على خزينة الدولة ليتحمّلها المصرف المركزي، وبالتالي فإنّ فاتورة خدمة الدين العام لا تزال على حالها. ورأى انّ أيَّ حلّ لا يلحظ اعتماد خطة اقتصادية واضحة المعالم تكون الدولة تشتري الوقت فقط، إذ من شأن اللجوء الى هكذا خطة تكبير الاقتصاد وتقليص حجم العجز التجاري وميزان المدفوعات. والعمل على تحسين هذه الارقام لا يأتي الّا من خلال جذب الاستثمارات الى لبنان وتشغيلها في القطاعات المنتجة مثل الصناعة والسياحة. لكن للاسف لم تأخذ الموازنة هذه الامور بالاعتبار حتى الآن وخلاصة ما يقومون به هو عبارة عن تأجيل للمشكلة ولحس المبرَد. هذا ويتحدثون عن التحصيل الضريبي، وهنا نسأل اين لحظت الموازنة التحصيل الضريبي فيما تؤكد التقارير أنّ الهدر في «الضريبة على القيمة المضافة» يتخطى المليار دولار، ويتخطى الهدر في الجمارك 500 الى 600 مليون دولار، وكيف لحظت الموازنة ايجاد حل لهذه المعضلة.
واشار خوري الى انّ كل التخفيضات التي لحظتها الموازنة متأتّية من بندين: زيادة الضرائب على الفوائد من 7 الى 10 في المئة، ومن إصدار سندات خزينة بحدود ١١ ألف مليار وبفائدة ١ بالمئة. الوفر المالي المحقق من هذين البندين يصل الى مليار ونصف المليار دولار أي ما يوازي 3% من العجز، و 90 في المئة من الإيرادات، من دون المساس بالمطلوب. تابع: لا يمكن للاقتصاد أن يقلّع إذا لم تلحظ الحكومة 3 نقاط اساسية:
اولاً: لا يجوز أن يبقى حجم الرواتب على حاله وهو يشكل نحو 35% من الناتج القومي حالياً.
ثانياً: لا يمكن غض النظر عن مكافحة التهرب الضريبي.
ثالثاً: أن تكون الموازنة ضمن رؤية اقتصادية واضحة، والتي ترتكز على دعم القطاعات المنتجة على ما ورد في خطة ماكينزي.
إكتتاب المصارف
وفيما اكد خليل في حديثة لـ«رويترز» انّ هذه العملية ستتم من خلال التنسيق بين وزارة المال ومصرف لبنان والمصارف، كشف خوري انّ المصارف لا تنوي الاكتتاب بسندات الخزينة التي يتحدث عنها وزير المال علي حسن خليل. وذكر أنه في باريس2 عندما طلب من المصارف الاكتتاب بسندات خزينة بفائدة منخفضة كانت العملية طوعية وليست إجبارية، ويومها اتصلت شركات التصنيف العالمية وسألت المصارف عمّا إذا كانوا أُرغموا على الاكتتاب أو إرادياً. ولفت الى انه عندما تقول المصارف إنها مجبرة على الاكتتاب فهذا يُعتبر بالنسبة الى المؤسسات الدولية وشركات التصنيف نوعاً من default اي تخلّفاً عن السداد. ويومها قررت المصارف الاكتتاب لأنها كانت على ثقة بأنّ الاقتصاد يتجه نحو النمو وهذه الخطوة ستعوَّض لاحقاً. بالنسبة الى المصارف فإنّ الوضع اليوم لا يشبه فترة ما بعد باريس 2 وإنما هي فقط عملية تصحيح ارقام وبالتالي هي لا تنوي أن تضحّي الّا في حال كانت هناك سلة اصلاحات. وبالتالي، إنّ هذا الاقتراح بالاكتتاب بسندات خزينة بفائدة 1% لم يُطرح بعد على المصارف، وعلى ما يبدو، حتى الآن المركزي وحده ينوي أن يتحمّل الاكتتاب.
ويرى خوري أننا اليوم امام سيناريوهين:
- في حال قرّر المركزي أن يتحمل هذا الاكتتاب وحده أي من دون المصارف سيتحمّل خسارة بنسبة 10 بالمئة (هي حالياً 11 في المئة)، وفي هذا الاطار سيكون امامه لتأمين الاموال المطلوبة اما أن يطبع الاموال أو أن يحمّل نفسه هذا الدين وكلفته. وفي النهاية سيسدّد هذه الفاتورة من الاحتياطي الإلزامي الخاص بالمصارف وبالتالي المودعين.
أضف الى ذلك، عندما سيتابع القيّمون على مؤتمر «سيدر» ماذا فعلت الدولة من اصلاحات وكيف خفضت عجزها ولاحظوا الطريقة التي اتّبعتها الحكومة لخفض العجز سيدركون انّ ما فعلته الحكومة ليس إصلاحاً.
- في حال قررت المصارف التجارية الاكتتاب مع المركزي في سندات الخزينة، فإنّ خسائر المصارف ستكون نحو 600 مليون دولار، اضف الى انّ المصارف ستدفع نحو 17 في المئة ضرائب على ارباحها بما مجموعه نحو 350 مليون دولار، كما ستدفع 10 في المئة كضرائب على الفوائد أي بما يوازي حوالى 550 الى 600 مليون دولار، بما يعني انه من دون اللجوء الى إجراء الاكتتاب ستدفع المصارف نحو مليار دولار من ارباحها للدولة بما يوازي نحو 50 في المئة من ارباحها، اي أنه بنتيجة هذه الضرائب ستتراجع ارباح المصارف من مليارين ونصف الى مليار ونصف دولار علماً انّ رأسمال المصارف 20 ملياراً. ولفت الى انّ مردود كل مصرف اليوم هو نحو 8%، علماً انّ ايّ وديعة في المصرف بات مردودها نحو 10% وبالتالي وبنتيجة هذا الواقع لم يعد الاستثمار في المصارف جاذباً، واذا خفض هذا الامر تصنيف لبنان ستكون المصارف مجبرة على اعادة الرسملة.
أضاف: بعد هذا الواقع، كيف سيكون الحال في حال اكتتبت المصارف بفائدة 1 في المئة؟
ختم: في النتيجة، السيناريوهان المطروحان، لا يخدمان الاقتصاد وهما سيئان.