إضراب جزئي للصيدليات.. هل يمهد للاقفال القسري التام؟

وسط النقص الكبير في الأدوية المتفاقم يومياً، المعطوف على غياب سياسة دوائية تؤمن الدواء واستمرارية عمل الصيدليات، نفّذ عدد كبير من أصحاب الصيدليات في المتن، إضراباً تحذيرياً مقفلين أبواب صيدلياتهم.  

نقيب الصيادلة غسّان الأمين اوضح لـ "المركزية" أن "الإضراب جزئي لعدد من الصيدليات أي حوالي 40 من أصل 3500، تعبيراً عن امتعاض الصيادلة والخطر الذي يواجههم، أكثر منه وسيلة ضغط لحلّ الأزمة على الصعيد السياسي"، لافتاً إلى أن "الصيدلي يتعرّض لمشكلتين كبيرتين: الأولى نفسية نتيجة حاجة المرضى إلى الحصول على أدويتهم فلا يجدونها، لاسيّما أدوية الأمراض المزمنة، ويتحوّل الغضب الناتج عن ذلك إلى أساليب مواجهة سيئة منها التعنيف الجسدي والشتائم... بالتالي، الصيدلي غير مضطرّ لتحمل عواقب مشكلة لا دخل له فيها. والثانية متمثّلة بالضغط الاقتصادي لأنّ تكاليف تشغيل الصيدلية يومية وعليه تسديدها شهرياً، مقابل مدخول شبه معدوم، ما يجعله يستنزف رأسماله. من هنا أتت الدعوة إلى توقف الصيدليات عن العمل، لتكون صرخة تعبرّ عن عجزها عن الاستمرار بنشاطها"، مؤكّداً أن "الموضوع ليس تهديداً أو ما شابه بل مجرّد تعبير عن وجع". 

وأشار إلى أن "لا علاقة للإضراب بما يمكن أن يحصل في الأيام المقبلة ومنذ بداية الأزمة نسعى يوميّا للتوصل إلى حلّ "، آسفاً "لوصول البلد إلى مكان ترفض فيه أي جهة مسؤولة اتّخاذ أي قرار. الفاتورة الدوائية في لبنان مليار و600 مليون دولار. الحكومة مصرّة على المحافظة على ثمن الدواء الحالي أي أن يصدر السعر رسمياً عن وزارة الصحة ويحتسب على سعر صرف 1500 ل.ل. للدولار. أما مصرف لبنان فكان حذّر منذ فترة أنه سيصل إلى فترة يعجز فيها عن مواصلة الدعم، لذا كان المطلوب ترشيد الاستيراد بما يتناسب مع حاجات المواطن عبر تحديد لائحة أدوية تحتسب على الـ 1500 ل.ل. تؤمّن الأمن الدوائي، أما الأدوية غير الأساسية فيمكن أن تكون مدعومة على سعر صرف أعلى للصمود لأطول فترة ممكنة لحين إرساء الحلّ في لبنان، إلا أن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب لم يسر بالخطّة التي وضعتها كلّ الجهات المعنية من نقابات ووزارات وجهات ضامنة ولجان نيابية بعد ثلاثة أشهر من العمل على تصوّر مناسب لترشيد الدعم، وربط دياب تطبيقها بإقرار البطاقة التمويلية التي تحتاج إلى أموال غير متوافرة، ومصرف لبنان في المقابل عاجز عن مواصلة الدعم ولا يمكنه تحمّل مسؤولية الترشيد بقرار أحادي مع وجود الحكومة، بالتالي القرار غائب ما أوصلنا إلى النتجية الحالية حيث الإصرار على إبقاء ثمن الأدوية على حاله والدعم أقلّ من اللازم، ما يؤدّي إلى نقص الأدوية إلى جانب عاملين أساسيين يزيدان من سوء الأزمة هما التهريب والتخزين في المنازل، لا سيّما من قبل الميسورين مادياً". 

وأضاف الأمين "هذا الواقع أدّى بمصرف لبنان إلى تغيير آلية الدعم واشتراطه بموافقة مسبقة ما يزيد الأمور تعقيداً، وكأن مصرف لبنان بدأ تطبيق خطّة ترشيد مع رفض الحكومة إقرار واحدة، على أمل أن تكون لديه لجنة ترشيد تتمكن من وضع خطّة مقبولة تؤمّن الأدوية الأساسية للمواطن بالسعر الحالي. وهذه الموافقة المسبقة خلقت بلبلة، حيث تمّ استيراد بضائع بما يقارب الـ 600 والـ 700 مليون دولار ولم تُدعم بعد، وهذه الأدوية متروكة في مخازن المستوردين لأنّهم متخوّفون من عدم دعمها". 

وعن إمكانية دعوة النقابة إلى إضراب، أكّد أن "القانون يمنع في مادّة صريحة الصيدلية التمنع عن تزويد المرضى بالأدوية إلا بإذن من وزارة الصحة، لذا النقابة تعبّر عن كامل تفهّمها للصيادلة ومنفّذي الإضراب وتدعمهم في مطالبهم، لكن لا يمكنها الدعوة إلى إضراب ومخالفة القانون. إلى ذلك، إذا حصلت أي حالة وفاة يتحمّل المسؤولية الداعي للإضراب. وليس من طبيعتنا أن نمنع الدواء عن المواطنين، حتّى الأطباء والمستشفيات في إضراباتهم يبقون على معالجة الحالات الطارئة، ولا يمكن أن تغلق كلّ الصيدليات"، خاتماً "سنصل إلى مكان تغلق فيه كلّها قسراً لأن لا أحد يهتمّ فيها والصيادلة يدفعون الثمن، لا سيّما أنّهم في مواجهة المواطن".