المصدر: المدن
الأربعاء 8 كانون الاول 2021 18:05:39
كتب نادر فوز في المدن:
استأنف المحقق العدلي، القاضي طارق البيطار، عمله في مكتبه اليوم في قصر العدل. عدد من زوّار العدلية وصف عودة البيطار إلى عمله في تحقيق انفجار مرفأ بيروت، بيوم استقبال المهنّئين، إذ التقى عدداً من المحامين والقضاة. ولم يصدر البيطار أي قرار اليوم، فهو يقوم بإعادة ترتيب خطواته وملف التحقيق، خصوصاً بعد التوقّف القسري الذي دام 5 أسابيع. وفي هذا الإطار، لفتت مصادر مواكبة لأجواء التحقيقات أنّ البيطار تسلّم صور الأقمار الصناعية الروسية، واطّلع على مضمونها "بانتظار أن يبني خلاصات على ما فيها". كما علمت "المدن" أنّ البيطار باشر أيضاً بمتابعة موضوع مذكرة التوقيف الغيابية، التي سبق وسطّرها بحق الوزير السابق المدعى عليه علي حسن خليل، فراسل النيابة العامة بهذا الخصوص.
أولويات معقّدة
وفي عملية إعادة ترتيب الملف، من المفترض أن يعمل القاضي البيطار على وضع خطة عمل وآلية واضحة لإعادة إطلاق التحقيق. ووضع هذه الخطة قد لا يطول، إذ يمكن أن تبدأ تباشيرها بالظهور في غضون الساعات المقبلة، مع قرارات يمكن أن تصدر عنه. وعلّ أولويات الخطة تفترض تحديد ما إذا كان سيعمل على تقديم خطوة استجواب القيادة العسكرية السابقة على استجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب والوزيرين السابقين غازي زعيتر ونهاد المشنوق.
وهنا تطرح عدة سيناريوهات لعمل المحقق العدلي في الفترة المقبلة. ويقول إحداها إنّ البيطار سيعمل على الانتهاء من التحقيق مع قائد الجيش السابق جان قهوجي والعمداء كميل ضاهر وجودت عويدات وغسان غرز الدين، ليقوم بعدها بتحديد مواعيد لاستجواب المدعى عليهم السياسيين. وذلك على اعتبار أنّ قدرة السياسيين على العرقلة كبيرة وانتهت آخر جولاتها يوم أمس. كما أنه إضافة إلى هذه الاستجوابات، من المفترض أن يعمل البيطار على موضوع الاستنابات الخارجية، ومنها تدوين إفادات أو استجواب بعض الأشخاص المعنيين بملف النيترات. ولكل هذه الزوايا المختلفة، أولويات معقدّة في التحقيق، الجمع في ما بينها يساهم في تركيب "البازل" الكامل للتحقيق.
عرقلة بـ800 ألف
اللافت جداً في موسم العرقلة الأخيرة الذي امتدّ من 4 تشرين الثاني الماضي وحتى السابع من كانون الجاري، أنّ كلفة هذه العملية لم تتخطَّ عتبة 800 ألف ليرة. وهي الغرامة التي فرضتها الغرفة رقم 12 الاستئنافية على الوزير السابق يوسف فنيانوس الذي تقدّم بطلب ردّ البيطار. وذلك بناءً على المادة 127 من قانون أصول المحاكمات المدنية، التي تنصّ على أنه "يحكم على ما من يظهر غير محق في طلب الرد بغرامة تتراوح بين 200 ألف و800 ألف ليرة لبنانية. ويمكن أن يحكم عليه بالتعويض للقاضي المطلوب رده وللخصم المتضرر من تأخير المحاكمة".
265 دولار
غرامة أمس لم تكن الوحيدة التي فُرضت على المدعى عليهم ومعرقلي التحقيق. وحدّدت قيمة الغرامات، إضافة إلى المادة 127 المدنية، المادة 343 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تنصّ على إلزام مقدم طلب نقل الدعوى في حال ردّ طلبه "بغرامة تتراوح بين 200 ألف ومليون ليرة وأن تقضي للخصم بتعويض إذا طلبه". فسبق أن تم تغريم الوزير السابق المشنوق بمبلغ مليون ليرة في دعوى المداعاة التي تقدّم بها أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز. إضافة إلى مبلغ 800 ألف ليرة غرامة طلب الردّ المقدّم ضد البيطار أمام محكمة الاستئناف. وتم تغريم الوزيرين السابقين خليل وزعيتر بمبلغ مليون ليرة لطلب ردّ البيطار، ومليون ليرة لطلب ردّ القاضي نسيب إيليا أمام محكمة التمييز، و800 ألف ليرة لطلب ردّ البيطار أمام محكمة الاستئناف. أما الرئيس حسان دياب فتم تغريمه بمبلغ مليون ليرة بدعوى مداعاة الدولة أمام محكمة التمييز. أي أنّ مجموع إجمالي غرامات عرقلة التحقيق بلغت إلى اليوم 6 مليون و400 ألف ليرة لبنانية فقط. وهو ما يعني أنّ كل الإجراءات التي لجأ إليها المدعى عليهم السياسيين، وساهمت في عرقلة التحقيق، كلفتها 265 دولاراً أميركياً (على سعر الصرف المتداول اليوم، 24100 ليرة لبنانية للدولار الواحد).
اللجم الممكن
أما كف يدّ المحقق العدلي، القاضي طارق البيطار، بطلب الردّ المقدّم من فنيانوس، فكلفته 33 دولاراً فقط. مبلغ زهيد، لكن تمّ من خلاله وقف التحقيق لقرابة 5 أسابيع. وهو الأمر الذي يدفع إلى السؤال عن إمكانية طلب عطل وضرر، قانوني، بفعل العرقلة المستمرة للتحقيق. خصوصاً أنّ النصوص القانونية المدنية والجزائية تقرّ هذا الحق أيضاً. التشدد بالغرامات وتعويضات العطل والضرر قد تساهم في لجم مساعي العرقلة المعتمدة من قبل بعض المدعى عليهم. فإذا جمعنا عدد المتضررين من جريمة انفجار مرفأ بيروت، من ضحايا وشهداء ومشرّدين وعاطلين عن العمل ومتضررين معنويين أيضاً، يمكن أن يفوق تعويض العطل والضرر عن كل دعوى معرقلة مبلغ مليار ليرة لبنانية.
بالنسبة لوكلاء الدفاع عن المدعى عليهم، طلبات الردّ ونقل الدعوى ومداعاة الدولة وسائر الإجراءات الأخرى، حقوق قانونية يكفلها الدستور. لكن في جرم العرقلة المشهود لسير العدالة، نصوص قانونية أيضاً.