المصدر: orient le jour
الكاتب: غابرييل بلونديل
الثلاثاء 22 تموز 2025 18:09:43
بعد الضربات الإسرائيلية والعقوبات الأميركية، بات الذراع المالي لحزب الله مستهدفًا مباشرة من مصرف لبنان.
ففي تعميم صدر بتاريخ 14 تموز، منع المصرف المركزي المصارف والمؤسسات المالية الخاضعة لسلطته من التعامل مع جمعية القرض الحسن، وهي منظمة غير حكومية أنشئت عام 1985، يستخدمها الحزب لتقديم قروض صغيرة بدون فوائد لقاعدته الشعبية، ولتمويل رواتب عناصره.
اللافت أن هذه هي المرة الأولى التي يُذكر فيها اسم "القرض الحسن" تحديدًا في تعميم رسمي صادر عن مصرف لبنان، رغم خضوع الجمعية لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية منذ عام 2007. وقد شمل التعميم أيضًا كيانات أخرى مقربة من الحزب مثل:
بيت المال، الذي تعتبره واشنطن «الخزينة غير الرسمية» لحزب الله.
شركة اليسر للاستثمار، الخاضعة لعقوبات منذ 2006.
وقد رحّبت الإدارة الأميركية بهذه الخطوة. واعتبر الموفد الأميركي توم باراك أن الخطوة «مضي في الاتجاه الصحيح نحو الشفافية»، خصوصاً في ظل الضغوط الأميركية المتزايدة على لبنان لإصلاح نظامه المصرفي، بعد إعادة إدراج لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي (GAFI) في تشرين الأول 2024.
ويأتي قرار المصرف اللبناني بعد أسابيع فقط من إدراج سبعة من كبار مسؤولي "القرض الحسن" على لائحة العقوبات الأميركية للأفراد "المعينين خصيصًا" (SDNs)، والتي تضم الآن 152 لبنانياً يُشتبه في انخراطهم في شبكات تمويل حزب الله.
قرار رمزي؟
رغم اعتراض كتلة حزب الله النيابية واتهامها لمصرف لبنان بـ«الخضوع لإملاءات خارجية»، إلا أن هذا القرار يبقى رمزياً، وفقاً لـبيار كنعان، مدير الشؤون القانونية في المصرف المركزي.
يقول كنعان لصحيفة "لوريان لوجور":
«القرار يكرّس مبدأ كان مطبقاً بشكل غير رسمي، لكنه لم يكن منصوصاً عليه في القانون اللبناني. الآن لم يعد لأحد حجة الجهل».
وأضاف أن مصرفين لبنانيين – البنك اللبناني الكندي وجمال ترست بنك – أُدينا في عامي 2013 و2019 لتسهيل تحويلات مرتبطة بالحزب.
من المستهدف فعلاً؟
في الحقيقة، المستهدفون الحقيقيون بهذا التعميم ليسوا المصارف، بل صرافي الأموال الصغار والمبادرات الاقتصادية الشعبية التي قد تتعامل مع الجمعية.
ويرى محمد فحيلي، خبير اقتصادي في الجامعة الأميركية ببيروت، أن القرار لن يؤثر فعلياً على أنشطة "القرض الحسن" أو مالية حزب الله، لأن:
أموال الجمعية خارج النظام المصرفي،
الجمعية غير مرخصة من مصرف لبنان وتخضع لوزارة الداخلية كجمعية غير ربحية.
وأضاف فحيلي:
«لن يتغير شيء بالنسبة للزبائن الذين يذهبون إلى فروع القرض الحسن.»
وأكد هذا الكلام عادل منصور، المدير التنفيذي للجمعية، في مقابلة على قناة "المنار":
«لا تزال آلات الصرف لدينا تعمل بشكل طبيعي لأنها غير مرتبطة بالنظام المصرفي. قوتنا المالية اليوم أكبر من قبل: أعدنا فتح 40 فرعًا من أصل 63 بعد الحرب، ونعطي عشرات الآلاف من القروض شهرياً.»
صرافون قُتلوا على يد إسرائيل
تعرضت مصادر تمويل حزب الله لسلسلة من الضربات منذ نيسان 2024، حين اغتيل محمد سرور، صرّاف متهم بتمويل حماس عبر "القرض الحسن" و"بيت المال"، بإطلاق نار في منزله في بيت مري – في عملية يُعتقد أنها من تنفيذ الموساد.
في 20 تشرين الأول، شنت إسرائيل غارات على عشرات فروع "القرض الحسن"، وكرّرت الهجوم في 26 تشرين الثاني، مستهدفة حتى مكاتب صرافة في رأس بيروت.
الضغوط تزداد
منذ نهاية المعارك، تواصل الولايات المتحدة وإسرائيل حملتهما لتجفيف الموارد المالية للحزب، خاصة بعد أن تراجعت طرق الدعم التقليدية من إيران عقب سقوط النظام السوري في 8 كانون الأول 2024.
ومنذ أسبوعين، استهدفت طائرة إسرائيلية مُسيّرة سيارة صرّاف في جنوب لبنان، فقتل مع ولديه.
يقول محمد فحيلي:
«ما يضرب اقتصاد الحزب أكثر من كل شيء هو اعتراض تحويلات النقد الورقي عبر الحدود. الاقتصاد اللبناني يعمل بنسبة 60% بالنقد، والدولة لا تستطيع تتبع هذه التدفقات. وهنا يكمن نفوذ حزب الله الحقيقي.»
ضبط حقائب دولارات في مطار بيروت
تعرض مطار بيروت ونقاط الحدود مع سوريا لهجمات أو تهديدات متكررة، بعد اتهامات إسرائيلية بأنها ممرات لتمويل الحزب.
في شباط، اضطرت طائرة إيرانية لتغيير مسارها تفادياً لضربة إسرائيلية محتملة على المطار.
تم تعليق الرحلات بين بيروت وطهران لأسبوع.
زادت التفتيشات الجمركية في المطار.
ومنذ ذلك الحين، تم ضبط حقيبتين تحويان أكثر من 10 ملايين دولار بحوزة مسافرين قادمين من الكونغو وتركيا، إضافة إلى مركبات من سوريا. وأُحيل الموقوفون للقضاء بتهمة تبييض الأموال.
هل تأثرت موارد الحزب فعلياً؟
بعض المؤشرات تدل على ذلك، مثل:
توقف دفع التعويضات للمتضررين من الحرب الأخيرة منذ 23 حزيران، بحسب صحيفة المدن.
بعض السكان رفعوا دعاوى ضد الحزب لتخزينه الذخيرة في منازلهم من دون علمهم، وفقًا لـالشرق الأوسط.
لكن فحيلي يوضح:
«حتى الآن، يستطيع حزب الله الاستمرار بدفع الرواتب عبر القرض الحسن. قد يكون خفّض المساعدات الاجتماعية، لكن من المستبعد أن يوقفها تمامًا. وقف رواتب عائلات الشهداء سيكون خطًا أحمر.»
ومع عودة توم باراك إلى بيروت الاثنين، يُطرح سؤال:
هل يمكن إغلاق "القرض الحسن" نهائياً؟
يقول بيار كنعان:
«هذا ليس من صلاحية مصرف لبنان، لكن يُقال إن هناك ضغوطاً متزايدة بهذا الاتجاه.»