إقرار الخطة مع "متطلبات" تنفيذية… وانسحاب إسرائيلي؟

لا مجال للعودة إلى الوراء. تستعد الحكومة لجلسة اليوم الجمعة، تحت رقابة دوليّة مشدّدة. قائد الجيش رودولف هيكل مستعد وسيعرض خطته على طاولة مجلس الوزراء . رئيس الجمهورية جوزف عون وعد الثنائي بإيجاد مخرج لصيغة تحافظ على تماسك الحكومة ولا تؤدّي إلى تراجع لبنان عن قرارات حكومته. الثنائي يعتبر أنّ النقاش لا أساس له في الأصل لأنه يطالب بالتزام إسرائيل. أمّا رئيس الحكومة نواف سلام، فهو واثق الخطوة يمشي بحذر ألا ينفجر به أيّ لغم، سياسياً كان أو أمنياً. 

منذ إقرار الحكومة لحصر السلاح في جلستيّ الخامس والسابع من آب، و”الحزب” يرفض أن يعترف بنتائجها. وبالتالي يرفض “الحزب” أن يناقش خطّة الجيش على اعتبار أنّ ما بُنيّ على باطل هو باطل. لا خلاف بين “الحزب” وقائد الجيش رودولف هيكل، ولكن الرسائل العالية السقف وصلت إلى رئاسة الجمهورية بأنّ تكرار سيناريو الجلستين الشهيرتين سيؤدّي إلى عدم تعاون “الحزب” مع الجيش في كل مكان، حتّى في جنوب الليطاني.

غير أنّ “الحزب” يدرك جيداً أنّ لا احتمالات متعدّدة أمامه سوى التعاون في خطّة “تليق به”، كما تقول مصادر مقرّبة منه. وبالتالي إنّ التصعيد في المواقف، ليس رفضاً لمبدأ حصرية السلاح، بل طلباً لإخراج أفضل. وبالتالي تقول مصادره إنه  سينسحب من الجلسة في حال اقرار الخطّة من دون العودة إلى القرارات السابقة والتزام إسرائيل بها. وعليه، أعطى الثنائي رئيس الجمهورية “فرصة ثانية” بعد “تعهده” بعدم اقرار أي بند لا توافق عليه.

بعبدا-حارة حريك- عين التينة/ السراي: مساع للتوافق

كثرت الاتصالات حتّى ساعات الليل، واستقر الكلام على عدم رغبة بتفجير الوضع الداخلي مقابل إيجاد صيغة تؤدّي إلى اقرار الخطة وفق مراحل، مع وضع شروط تنفيذية لها مرتبطة بحاجات الجيش. رئيس الجمهورية وعد الثنائي بإيجاد مخارج تحافظ على تماسك الحكومة. والثنائي من جهته يطالب بصيغة تعيد اعتبار خطابه أمام جمهوره بالالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. امّا السراي الحكومي، فمصادرها تقول إنّ سلام أضاف أربعة بنود على جدول الأعمال نزولاً عند رغبة الثنائي وضمانة لحضور وزرائه، ولكن في المقابل، اقرار الخطّة لأنّ لبنان لن يستطيع التخلّف عما تعهد به. وذلك من دون إسقاط مطالب لبنان بانسحاب إسرائيل.

أكثر سيناريو ترجيحاً بعد ضمان سلام لحضور الجميع على طاولة مجلس الوزراء، هو أن يعرض قائد الجيش خطته الجاهزة، وفق مراحل تبدأ من جنوب الليطاني وصولاً إلى شماله وبيروت والبقاع. وفي العرض، سيتحدث هيكل عن معوقات التنفيذ، على المستوى الميداني واللوجستي، أكان بسبب الاحتلال والغارات الاسرائيلية، أو بسبب الحرص على المؤسسة العسكرية من انعكاس التوتر السياسي عليها. أمّا لوجستياً، فسيعرض هيكل حاجات الجيش في العديد والعتاد والتمويل لا سيما وأنّ عناصر الجيش يعملون تحت ظروف اقتصادية صعبة جداً، مقابل مطالبتهم بحماية الداخل، الحدود اللبنانية الطويلة والشائكة مع سوريا، والدخول في ورشة حصر السلاح داخلياً في المخيمات ومع الحزب في آن معاً.

وبالتالي، إنّ الصيغة الأكثر ترجيحاً، ستكون في خطّة مشروطة وطلب الدعم.

دعم دولي في الأسابيع المقبلة وانسحاب اسرائيلي 

يصل قائد القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، الأميرال براد كوبر، وهو القائد الجديد الذي تولّى المنصب خلفاً للجنرال كوريلا ابتداء من الثامن من آب 2025، ومعه الموفدة مورغان أورتاغس إلى جنوب لبنان للمشاركة في اجتماع لجنة “الميكانيزم” يوم الأحد المقبل. هذا الاجتماع المفترض أن يكون دورياً، سيكون له طابع خاص هذه المرة مع هذه المشاركة الأميركية، وبطبيعة الحال بعد عرض خطة الجيش اللبناني. مصادر دبلوماسية غربية وعربية تقول لـ”أساس” إنّ الخطاب الذي تحدّث عن خطوة خطوة يمكن أن يترجم قريباً جداً بانسحاب إسرائيل من نقاط في جنوب لبنان ردّاً على الخطوات التي يقوم بها لبنان. وبذلك، يساعد المجتمع الدولي الحكومة اللبنانية على إثبات جديّتها وقدرتها على الإمساك بالقرار الأمني في البلد.

إلى جانب الخطوة خطوة، تتحدّث مصادر دبلوماسية فرنسية عن إبلاغ الرئيس إيمانويل ماكرون لعون وسلام عن مؤتمر سيعقد في باريس لدعم الجيش وسيشارك فيه “أصدقاء لبنان”. وبالتالي، بعد الجولة الأمنية الأميركية جنوباً، والاستماع إلى حاجات الجيش لتنفيذ خطته، يترقب لبنان، مع العواصم المعنية به، تدخلاً مباشراً وسريعاً دولياً لمساعدة الحكومة والمؤسسة العسكرية معاً، على إنجاح هذا المسار، وإلا فإنّ لبنان سيكون أمام خضات أمنية داخلية معالمها ليست واضحة بعد.