إلغاء التوقيفات التعسفية.. من الدولة البوليسية الى دولة الحق والقانون

اصدرت رئاسة الحكومة مذكرة حكومية الى الاجهزة الأمنية والعسكرية للتأكيد على وجوب الغاء وثائق الاتصال ولوائح الاخضاع بشكل فوري والاستعاضة عنها بمراجعة القضاء المختص احتراماً للحرية الشخصية وحفاظاً على الكرامات وضماناً لعدم المس بحقوق المواطنين من اي توقيفات اعتباطية او تعسفية. فما أهمية هذه المذكرة؟

النائب ملحم خلف يؤكد لـ"المركزية" ان "هذه المذكرة مهمة جدًا وقد ناضلنا طويلًا من أجل صدورها"، مشيرًا إلى أن "وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع هي بلاغات تشبه التدابير البوليسية التي تصدر عن الأجهزة الأمنية من دون الرجوع الى القضاء ومن دون أي إشارة قضائية تدير الاستدعاءات والتبليغات بما خص حرية الأشخاص. هذه الوثائق كانت تصدر بقرار إعتباطي استنسابي تحت مسمى "وثائق اتصال" او "تدابير إخضاع" أو "تقصي للتفتيش".

ويعتبر ان " في ضوء كل هذه الوثائق، كان يتم توقيف أصحاب العلاقة. مثلا إذا كان بحق أي شخص بلاغ تقصٍ او إخضاع او وثيقة اتصال يمكن للأجهزة الأمنية توقيفه، ويتم هذا التوقيف من دون  أي إشارة قضائية أو حكم. وقد زاد عدد القرارات من هذا النوع عن الالاف".

ويضيف: "عام 2014، أصدرت الحكومة اللبنانية قرارا بإلغاء التدابير، لكنه لم يُنفّذ. عام 2024 أصدرت الحكومة السابقة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، تعميماً للأجهزة الأمنية بإنفاذ قرار مجلس الوزراء الصادر عام 2014. لكن حتى اليوم لم يكن هناك إنفاذ".

ويشير خلف إلى أن "اهمية المذكرة الصادرة اليوم، لأنها تؤكد وجوب إلغاء وثائق الاتصال ولوائح الإخضاع، وذلك بـ"صورة فورية"، لكن الأهم أنها أعطت حلًا. فقد ترتأي الأجهزة الأمنية ضرورة تصدير وثائق بحق بعض الأشخاص، وفي هذه الحالة تقترح المذكرة عرض القضية على القضاء ليتخذ بدوره قرارا أو إشارة بالتوقيف. بهذا الشكل تستعيض الأجهزة عن وثائق هي بمثابة تدابير بوليسية، ويصبح لديها المرتكز القانوني من خلال اللجوء الى القضاء. وما جاء في المذكرة يُثبت ان الحكومة عرفت مدى أهمية احترام الحريات الشخصية، وان الديمقراطية تكمن في احترام حقوق الانسان وحماية الحريات العامة".

ويختم خلف: "هذا عنوان كبير اليوم، من خلال التأكيد على إلغاء وثائق الاتصال والاستعاضة عنها بإشارات قانونية قضائية تصدر عن المراجع المختصة. هذا التأكيد ليس فقط لأنه عنوان لاحترام حقوق الانسان والحقوق الشخصية، وإنما حفاظًا على كرامة  الانسان. نُقدّر عاليًا المذكرة لأنها تُجنّب المواطنين أي توقيفات اعتباطية، تعسفية، غير قانونية، بوليسية. وهو أمر يُخرِجنا من صورة الدولة البوليسية ويذهب بنا إلى دولة الحق والقانون".