المصدر: النهار
الكاتب: ابراهيم حيدر
الأربعاء 28 شباط 2024 07:44:22
كل التوقعات كانت تشير إلى أن وزارة التربية ستلغي امتحانات الشهادة المتوسطة لهذه السنة، وهو خيار أعلنه بالفعل الوزير عباس الحلبي أخيراً مع سلسلة إجراءات تتعلق بامتحانات تلامذة الجنوب. قرار الإلغاء ليس له علاقة مباشرة بالحرب في الجنوب، إنما يأتي في سياق إعادة النظر في الامتحانات بالتوازي مع العمل على اعداد المناهج الجديدة بعد انجاز أوراقها المساندة، وهي وجهة كانت مطروحة العام الماضي لكن الأوضاع التي رافقت التعليم من إضرابات ومقاطعة لم تسمح بتقييم جدي قبل أن تقرر حكومة تصريف الأعمال الغاء امتحانات البريفيه لأسباب أمنية، فجرى التركيز على انجاز امتحانات الشهادة الثانوية بعد تقليص محاور والغاء مواد واعتماد مواد اختيارية.
في التربية اتخذ قرار الغاء الشهادة المتوسطة، وينتظر أن يصدر رسمياً مع الآليات التي ستعتمد لإجراء اختبار موحد لتلامذة االبريفيه في كل مدارس لبنان بإشراف الوزارة، وهو بمثابة تقييم أكاديمي لمستوى التلامذة ومعرفة تحصيلهم. وقد يقتصر الاختبار او الامتحان التقييمي على مواد محددة في المنهج من دون أن يكون شرطاً للنجاح في شهادة البريفيه لكن علامته سترجح ما إذا كان التلميذ قادراً فعلاً على النجاح في الامتحانات المدرسية إذ ستشكل علامته نسبة ستحتسب في معدل الامتحان المدرسي.
المهم أن قرار الغاء امتحانات البريفبه اتخذ باكراً هذه السنة اي قبل نحو ثلاثة أشهر ونصف الشهر من موعدها، خصوصاً وأن التحضيرات تبداً في شهر آذار المقبل، وكي لا تتكرر تجربة العام الماضي وما أحدثته من اختلالات في المستوى في التعليم الرسمي بعد الاضرابات، وأيضاً عند جزء كبير من المدارس الخاصة التي تصنف تجارية. وعليه لا يمكن لوزارة التربية إلا أن تقيم المخاطر المحتملة لإلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة ودراسة الجدوى والتوقف أمام طرق التعليم في المدارس وتقييم قدرات تلامذتها في التحصيل قبل ترفيعهم، إذ أن الاختبار أو الامتحان العام في المدارس لا يشكل وحده عامل أمان للحفاظ على المستوى انما يجب أن تسبقه اختبارات ثانوية وتقييم مستمر ورقابة على الأداء، إلى تقييم أوضاع المدارس ومستوى أساتذتها ومعالجة النواقص، علماً أن هذه عملية طويلة المدى تشمل إعادة النظر بفلسفة الامتحانات كلها وأنظمة التعليم وإمكانات المدارس.
لا شك بأن إجراء الاختبار الموحد قبل الامتحان المدرسي، وقسمة العلامة بينهما، يشكل تحدياً هذه السنة لوزارة التربية، لكن خطوتها تدرج في مسار إصلاحي مطلوب لكل العملية التعليمية، علماً أن أصحاب الطلبات الحرة سيخضعون لامتحان رسمي وهم عددهم قليل في البريفيه. وهذه الخطوة مقدمة لإلغاء شهادة البريفيه، لكن أمام ذلك خطوات ينبغي السير بها من ضمن قرارات متعلقة بقسم من الخاص، اي معالجة بنيوية للنظام التعليمي مع رفع سقف الشروط للتراخيص وصولاً إلى اقفال المؤسسات المخالفة أو تلك التي تتعامل مع التعليم بصفة تجارية.
بعد الغاء امتحانات البريفيه سيتركز العمل على إجراء امتحانات طبيعية للشهادة الثانوية، خصوصاً وأن السنة الدراسية الحالية تسير في شكل عادي في الرسمي والخاص باستثناء مدارس الجنوب وتحديداً في القرى الحدودية التي سيخضع تلامذتها لامتحان خاص.
الثابت أن امتحانات الثانوية ستكون كاملة من دون حذف مواد أو تقليص محاور، وقد يعاد النظر باعتماد المواد الاختيارية، ذلك أن هذه الشهادة الرسمية بفروعها الأربعة هي الوحيدة التي يمكن أن تبقى وتحافظ على المستوى، علماً أن وزارة التربية منفتحة على نقاش طريقة الامتحانات وما إذا كان ممكناً ادخال الاختبارات والتقييم كعنصر أساسي في السنوات اللاحقة.