المصدر: المدن
The official website of the Kataeb Party leader
الاثنين 13 كانون الثاني 2025 18:34:11
تزامناً مع استحقاق تسمية رئيس جديد للحكومة اللبنانية، نشر الرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي"، وليد جنبلاط، تغريدة في "إكس"، تضمنت صورة لمعبد يوناني قديم وقارب صغير منفرد في عرض البحر. وجاءت هذه التغريدة في توقيت حساس تمر فيه البلاد، ما أثار موجة من التفسيرات والتفاعلات بين اللبنانيين الذين حاولوا فك شيفرة الرسائل السياسية التي قد تحملها هذه الصورة، خصوصاً في ظل الانقسامات الحادة حول مسألة التكليف الحكومي.
وانقسمت الآراء حول المغزى من هذه الصورة. إذ اعتبر البعض أن القارب المنفرد وسط البحر يُعبّر عن استقلالية جنبلاط السياسية وقدرته على الحفاظ على توازن موقفه بعيداً عن التأثيرات الخارجية. بينما رأى آخرون أن التغريدة قد تكون رسالة موجهة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تُظهره لوحده في القارب بعدما تُرك وحيداً، في إشارة ضمنية إلى أن جنبلاط لن يدعمه مجدداً أو يسميه لتولي رئاسة الحكومة. في المقابل، ذهب فريق ثالث إلى أن الصورة قد تحمل تأييداً ضمنياً للقاضي نواف سلام كخيار مناسب لتولي رئاسة الحكومة، مشيرين إلى أن القارب قد يرمز إلى بداية جديدة قد تُنقذ البلاد وتُعيدها إلى بر الأمان.
الصورة التي أثارت كل هذا الجدل تضمّنت معبد بوسايدون الشهير، الذي يقع في رأس سونيون جنوبي شبه جزيرة أتيكا في اليونان. يعود بناء هذا المعبد إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وقد شُيّد تكريماً للإله بوسايدون، إله البحار في الأساطير اليونانية. يتميز المعبد بموقعه الفريد على قمة تلة مطلة على بحر إيجه، مما جعله رمزاً للقوة والصمود أمام التحديات. الأعمدة الرخامية المتبقية منه تُوحي بإرادة قوية وثبات، وهي رمزية قد تكون متصلة بالواقع اللبناني الذي يواجه تحديات صعبة.
وبحسب الميثولوجيا الإغريقية، بوسيدون هو أحد الآلهة الأولمبية الـ12، إله البحر والعواصف والزلازل والخيول، وحامي البحّارة وحارس العديد من المدن اليونانية. في اليونان في العصر البرونزي قبل الأولمبي، كان بوسيدون يُبجل باعتباره إلهًا رئيسيًا في بيلوس وطيبة، مع لقب عبادة "هزاز الأرض". في أساطير أركاديا المعزولة، كان مرتبطًا بديميتر وبيرسيفوني وكان يُبجل باعتباره حصانًا وإلهًا للمياه. حافظ بوسيدون على كلا الارتباطين بين معظم الإغريق: فقد كان يُنظر إليه على أنه مروض الخيول أو والد الخيول الذي، بضربة من رمحه الثلاثي، فجّر الينابيع، ومعادله الروماني هو نبتون.
يقترح هوميروس وهسيود أن بوسيدون أصبح سيد البحر عندما، بعد إطاحة والده كرونوس، تم تقسيم العالم بالقرعة بين أبناء كرونوس الثلاثة. فمُنح زيوس السماء، وهاديس العالم السفلي، وبوسيدون البحر، مع انتماء الأرض وجبل أوليمبوس إلى الثلاثة. في "إلياذة" هوميروس، يدعم بوسيدون الإغريق ضد طروادة خلال حرب طروادة. في "الأوديسة"، أثناء الرحلة البحرية من طروادة إلى الوطن إيثاكا، أثار البطل اليوناني أوديسيوس غضب بوسيدون بإصابة ابنه، العملاق بوليفيموس، بالعمى، مما أدى إلى معاقبة بوسيدون له بالعواصف، فخسر سفينته ورفاقه بالكامل، وتأخرت عودته عشر سنوات. بوسيدون هو أيضًا موضوع ترنيمة هوميروسية. وفي "تيماوس وكريتياس" لأفلاطون، كانت جزيرة أتلانتس الأسطورية هي ملكية بوسيدون.
وفي السياق ذاته، كان جنبلاط قد نشر في وقت سابق صورة أخرى أظهرت تماثيل فرعونية، قبل أن يقوم بحذفها لاحقاً. التمثال الذي ظهر في الصورة يمثل مشهداً بارزاً من الفن المصري القديم، حيث يُظهر فرعوناً يتوسط الإلهين حورس وست. الفرعون يرتدي تاج مصر العليا والسفلى، رمزاً لوحدة البلاد، بينما يمثّل حورس الحماية والقوة، في حين يرمز ست إلى التوازن بين قوى الخير والشر. المشهد يُبرز دعم القوى الكونية للفرعون لتحقيق الاستقرار، مما يعكس فكرة الانسجام بين المتناقضات لتحقيق التوازن والسلطة.
وبالرغم من حذف الصورة، أثارت هذه الخطوة جدلاً إضافياً حول تفسير جنبلاط لها، وما إذا كانت تحمل رسالة سياسية تتعلق بالمرحلة الراهنة، حيث يواصل جنبلاط إثارة النقاشات من خلال رمزية صوره في ظل اللحظات المصيرية التي يمر بها لبنان.