إلى رئيسي الجمهورية والحكومة: لا تتجاهلا أولوية نزع السلاح

كانت تصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري الأخيرة في شأن قضية "حصر السلاح بيد الدولة"، أو بمعنى أدق نزع سلاح "حزب الله" بمثابة جرس إنذار للرأي العام اللبناني. فمن خلال حديث متري الهادىء والرصين، وإن عاد وأصدر بيانا يوضح فيه موقفه، تظهّر المزاج الحقيقي للحكم في لبنان. وعندما نتحدث عن الحكم نعني بذلك الحكومة ورئاسة الجمهورية.

نحن لا نشك في نيات رئيسي الجمهورية والحكومة لناحية تمكين الدولة من بسط سلطتها بالكامل على الأراضي اللبنانية من دون شريك أو منافس أو أي جهة غير شرعية تبحث عن امتلاك السلاح كما هو الواقع اليوم. ولكن على ما يبدو، الحكم في لبنان عموما يميل إلى اللعب على عامل الوقت، وعلى سياسة "تبويس اللحى" وشيوخ الصلح الذين يراهنون على عامل واحد لا غير هو عامل الرضا بين الأطراف المتنازعة.

والحال أن كلام الرئيس متري قبل التوضيح أتى غداة مقابلة تلفزيونية أدلى بها الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، تحدث فيها على أساس أن شيئا لم يتغير في لبنان، وأن القرار ١٧٠١ لا يتعدى نطاقه منطقة عمليات "اليونيفيل" في الجنوب، وأن ما سماها "المقاومة" باقية، والجيش يعمل لحفظ الأمن في لبنان، و"المقاومة" مسألة أخرى من خارج سياقات القوات المسلحة اللبنانية الشرعية.

أكثر من ذلك، وخلال زيارة رئيس الجمهورية جوزف عون للرياض، كان تصريح لرئيس مجلس النواب نبيه بري يقول تزامنا مع موقف لحركة "حماس" عن وضعها في غزة، ما معناه أن سلاح "حزب الله" والميليشيات الأخرى لا يقايض بمساعدات لإعادة الإعمار. وأن يأتي موقف مائع من الحكومة في ما يتعلق بسلاح "حزب الله"، هو أمر خطير للغاية لأن تجاهل خطورة التعامل بكلام مبالاة مع سلاح "حزب الله" غير الشرعي، والرهان على عامل الوقت سوف يطيح أولا اندفاعة العهد، ويقتل الحكومة في المهد. ونذكّر هنا بسابقة عهد ميشال عون الذي انتهى يوم أعلن في إحدى المحطات التلفزيونية المصرية أن الجيش اللبناني غير قادر على القيام بمهماته، وأن سلاح "حزب الله" ضروري إلى حين انتهاء الصراع العربي - الإسرائيلي. أما حكومة العهد الأولى برئاسة الرئيس سعد الحريري فانتهت مع انتهاج ميشال عون سياسة سلخ لبنان عن العالم العربي.

نحن أمام واقع جديد في لبنان، وفرصة تاريخية لإقامة مشروع الدولة. لذلك نطالب الرئيسين عون وسلام بألّا يراهنا على عامل الوقت، ونطالبهما بفتح مفاوضات مع "حزب الله" وحركة "أمل" توازيا مع مفاوضات إجرائية عاجلة مع السلطة الوطنية الفلسطينية والفصائل المسلحة على الأراضي اللبنانية لبرمجة تسليم السلاح، كل السلاح غير الشرعي على الأراضي اللبنانية. يجب تسريع الخطى جنوبا وتطهير منطقة عمليات "اليونيفيل" من كل سلاح غير شرعي، وإفهام "الثنائي الشيعي" أن نزع السلاح غير الشرعي مطلب لبناني وليس إسرائيليا.

إن التهاون في قضية سلاح "حزب الله" وبنيته العسكرية والأمنية ووظيفته الإقليمية سيكون سببا في نهاية العهد والحكومة قبل الأوان. فلا تناموا على "حرير" الوقت. بادروا.