إليسار ندّاف أول امرأة على رأس تلفزيون لبنان، تنفخ روحاً جديدة في القناة

تشهد شاشة تلفزيون لبنان (TL)، القناة الرسمية الوحيدة في البلاد، بداية مرحلة جديدة مع تولّي إليسار ندّاف إدارتها، لتكون أول امرأة تشغل هذا المنصب منذ تأسيس المؤسسة عام 1959. ندّاف التي عُيّنت رئيسة مجلس الإدارة والمديرة العامة في تموز الماضي لولاية قابلة للتجديد، تطرح اليوم برنامج إصلاحات متكامل لإعادة الاعتبار للقناة الرسمية، في ظل أزمات متلاحقة لم تستثنِ الإعلام العام.

خبرة إعلامية ومسيرة في القطاع العام
بفضل خبرتها كصحافية في الوكالة الوطنية للإعلام (الوكالة الرسمية)، ثم كمستشارة لعدد من وزراء الإعلام، تعرف ندّاف جيداً دهاليز المشهد الإعلامي اللبناني. وهي معتادة على إدارة مشاريع إعلامية عامة في ظروف صعبة وبـ«ميزانيات صفرية» أحياناً. وتقول بثقة: «مهمتي صعبة، لكنها ليست مستحيلة. أنا فخورة بكوني أول امرأة في هذا المنصب، وأعتبره واجباً وطنياً».

ندّاف أكدت أنها لاقت ترحيباً كبيراً من موظفي TL الذين تعرفت إليهم سابقاً بحكم عملها، مضيفة: «لم يتغيّر شيء سوى المكتب. أعمل اليوم بنفس الشفافية والدافع كما في السابق».

إصلاحات هيكلية وإعادة الاعتبار للموظفين
أولى خطواتها تتمثل في معالجة أزمة رواتب موظفي القناة التي تدهورت قيمتها منذ الانهيار المالي عام 2019. وتوضح: «عقدت اجتماعات مع وزارة المالية التي أبدت دعماً لإعادة تصحيح الأجور. لا يمكن تحفيز الموظفين إذا لم يحصلوا على رواتب لائقة».

كما شرعت في إعادة هيكلة النشرة الإخبارية عبر إلغاء «المقدّمة» السياسية التي اعتادت القنوات اللبنانية على استخدامها منذ الحرب الأهلية، معتبرة أنها تفرض رأياً مسبقاً على المشاهد. وتضيف: «أريد أن أترك للمواطن حرية التحليل. TL يجب أن تكون منصة جامعة وحاضنة لحوار وطني».

إلى جانب ذلك، تدرس القناة إطلاق برامج حوارية جديدة، كما تعتزم إنتاج مسلسلات محلية قريباً، بعد سنوات من الاكتفاء بإعادة بث أرشيف «العصر الذهبي» بسبب شحّ الموارد.

إعادة اللغة الفرنسية والأرشيف في الواجهة
كانت ندّاف قد أعادت في وقت سابق نشرة الأخبار بالفرنسية، بالتعاون مع المنظمة الدولية للفرنكوفونية (OIF)، بعد توقفها منذ عام 2001. وتؤكد أن التعاون الدولي سيكون مفتاحاً أساسياً لتطوير القناة.

وفي ما يخص أرشيف TL، وهو من الأثمن في المنطقة، تكشف المديرة العامة أن 40% منه جرى رقمنته حتى الآن بالشراكة مع مؤسسة "أليف" (Aliph) واليونسكو. وتخطط ندّاف لإطلاق برنامج تلفزيوني يسلّط الضوء على هذا الإرث المرئي، إلى جانب معارض ومؤتمرات مخصصة له.

تعاون دولي وحضور شبابي
تشمل خطة التطوير تعزيز التعاون مع مؤسسات إعلامية دولية، منها "فرانس ميديا موند" و"فرانس 24"، لإعادة تصميم الهوية البصرية للقناة. كما سيُطلق موقع إلكتروني جديد قريباً، وسيُعزّز حضور TL على وسائل التواصل الاجتماعي.

إلى جانب ذلك، ستُقدَّم برامج موجهة للشباب بالتعاون مع اليونسكو، فيما ستُوقَّع مذكرة تفاهم مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة (UN Women) لإنتاج برنامج يعالج قضايا المساواة بين الجنسين.

قناة بلا منافسة مباشرة
وعن موقع القناة في المشهد الإعلامي الحالي، تؤكد ندّاف أن TL لن تنافس القنوات الخاصة، بل ستسعى إلى التعاون معها. وتقول: «مهمتنا مختلفة، نتميز بالموضوعية والحياد، إضافة إلى أرشيف فريد يختصر تاريخ لبنان والمنطقة».

بهذه الرؤية، تسعى أول امرأة على رأس تلفزيون لبنان إلى إعادة الروح في مؤسسة رسمية كانت يوماً من أبرز القنوات في العالم العربي، واضعة نصب عينيها هدفاً أساسياً: أن تعود TL مرآة جامعة للبنانيين ومنصة تعكس تنوعهم الثقافي والاجتماعي.