المصدر: الديار
الكاتب: شانتال عاصي
السبت 24 آب 2024 08:38:23
مع اقتراب موسم العودة إلى المدارس، يتجدد الاهتمام بصحة الأطفال ونموهم السليم. ومن بين المشكلات الصحية التي تواجه العديد من الأطفال، نجد مشكلة انحناء الظهر التي تسبب القلق للآباء والأطباء على حد سواء. إن انحناء الظهر، أو الجنف كما يُعرف طبياً، هو تشوه في العمود الفقري يؤدي إلى انحنائه بشكل جانبي. هذه المشكلة ليست مجرد عيب شكلي، بل قد تؤثر سلباً على صحة الطفل ونموه، وتسبب له آلاماً مزمنة وتشوهات في الجهاز التنفسي والقلب.
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى انحناء الظهر لدى الأطفال، فمنها العوامل الوراثية، والأمراض العصبية والعضلية، والإصابات، وأحياناً يكون السبب غير معروف. كما أن العادات الخاطئة في الجلوس والوقوف، وحمل الحقائب الثقيلة، وقلة ممارسة التمارين الرياضية، وقضاء وقت طويل أمام الشاشات الإلكترونية، كلها عوامل تساهم في تفاقم المشكلة.
أنواع انحناء العمود الفقري وطرق علاجها
كشف المعالج الفيزيائي وائل الخوري حنا لـ "الديار" أن العلاج الفيزيائي أحد أهم العلاجات لتصحيح انحناء الظهر لدى الأطفال، حيث يساهم في تقوية العضلات المسؤولة عن دعم العمود الفقري، وتحسين المرونة، وتصحيح الوضعية الخاطئة. كما يساعد العلاج الفيزيائي على تخفيف الألم، وزيادة الثقة بالنفس لدى الطفل، وتحسين نوعية حياته.
وعن أنواع انحناء العمود الفقري، صنفها الخوري إلى ثلاثة:
- الانحناء الخفيف: حيث لا تتجاوز نسبة الانحناء 20 درجة، يكفي في هذه الحالة العلاج الفيزيائي الذي يركز على تقوية العضلات وتحسين الوضعية وتنفسية الطفل.
- الانحناء المتوسط: يتراوح فيه الانحناء بين 20 و50 درجة، ويلزم هنا إضافة المشد الطبي إلى العلاج الفيزيائي.
- الانحناء الشديد: يتجاوز فيه الانحناء 50 درجة، ويحتاج إلى تدخل جراحي.
وشدد على أهمية دور المعالج الفيزيائي في تعليم الأطفال كيفية الحفاظ على وضعية صحيحة أثناء الجلوس والوقوف والنوم من خلال تطبيق تمارين منتظمة. كما نصح بتجنّب استخدام الشاشات الإلكترونية مثل الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة والحواسيب.
أكثر مشاكل الوضعية شيوعاً بين الأطفال
اضاف : ان أكثر المشكلات شيوعا في وضعية الأطفال نتيجة الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية، هي انحناء الظهر إلى الأمام أثناء الجلوس لساعات طويلة دون حركة. ففي هذه المرحلة العمرية، يحتاج الأطفال إلى الحركة والنشاط البدني. وأكد أن قلة الحركة والجلوس المستمر أمام الشاشات يؤثران سلبًا على عمل خلايا الدماغ لدى الأطفال والكبار على حد سواء. لذا، يجب على الأهل توعية أطفالهم بأهمية الحركة والنشاط البدني وتحديد وقت محدد لاستخدام الأجهزة الإلكترونية.
كما اكد ان انحناء العمود الفقري، الناتج عن الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية، يؤدي إلى عواقب وخيمة على نمو الطفل وصحته النفسية. فبالإضافة إلى التأثير على الطول والقوام، مما قد يؤدي إلى اختلاف ملحوظ في شكل الجسم، قد يعاني الطفل من مشكلات نفسية وسلوكية نتيجة الإدمان على الشاشات. الجلوس لفترات طويلة في وضعيات خاطئة يؤثر على الجهاز العصبي ويؤدي إلى تغيرات في المزاج والسلوك، مما يجعل الطفل عدوانيًا ومنعزلًا اجتماعيًا ويجد صعوبة بالغة في الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية. لذا، يجب على الأهل تخصيص وقت محدد لاستخدام الأجهزة الإلكترونية وتشجيع أطفالهم على ممارسة الأنشطة البدنية والهوايات الأخرى، بالإضافة إلى استشارة الطبيب لتقييم الحالة وتحديد العلاج المناسب.
وبالنسبة لمدة العلاج الفيزيائي، قال : تتفاوت بشكل كبير وتعتمد بشكل أساسي على شدة الإصابة وحالة المريض. فإصابات الالتواء الفقري تختلف من حالة إلى أخرى، ولكل حالة متطلبات علاجية خاصة بها.
الوقاية
ماذا عن الوقاية من الإلتواء بالعامود الفقري؟ اجاب المعالج الفيزيائي أن برنامج العلاج يعتمد بشكل كبير على مجموعة متنوعة من التمارين المصممة خصيصًا لتحسين الوضعية الجسدية. تشمل هذه التمارين تمارين تقوية عضلات الظهر والبطن، وتمارين لزيادة المرونة، بالإضافة إلى تمارين خاصة بتحسين الوضعية أثناء الجلوس والوقوف والنوم. كما أكد على أهمية ممارسة الرياضات المختلفة مثل السباحة، والتي تساهم في تقوية العضلات وتحسين المرونة بشكل عام.
وشدد الخوري على ضرورة تحديد أوقات محددة للجلوس أمام الشاشات الإلكترونية، مع التأكيد على أهمية ممارسة النشاط البدني المنتظم. فالإفراط في الجلوس أمام الشاشات يؤدي ليس فقط إلى مشاكل في العمود الفقري، بل قد يؤثر سلبًا على النمو البدني والعقلي للطفل، ويؤدي إلى مشاكل سلوكية ونفسية مثل العزلة الاجتماعية واضطرابات المزاج.
اضاف : مع كل ما تقدم، يتضح لنا أن مشكلة انحناء العمود الفقري لدى الأطفال ليست مجرد مشكلة صحية، بل هي قضية مجتمعية تتطلب تضافر جهود الأهل والمعلمين والأطباء. فمن خلال التوعية بأهمية الحفاظ على الوضعية الصحيحة، وتشجيع الأطفال على ممارسة النشاط البدني، وتحديد أوقات محددة لاستخدام الشاشات الإلكترونية، يمكننا الحد من انتشار هذه المشكلة وتأثيرها السلبي على صحة أطفالنا.
إن الوقاية خير من العلاج، ولذلك يجب على الأهل والمعلمين اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أطفالنا من هذه المشكلة، بدءًا من سن مبكرة. فمن خلال توفير بيئة صحية ومحفزة على الحركة والنشاط، يمكننا أن نساهم في بناء أجيال صحية وسليمة!